أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 أكتوبر 2016

الحب الحقيقي

بقلم : سما حسن

قالت لي : هددني زوجي، وبعد عشرة ثلاثين سنة أنه في حال بقاء أثر حرق على ساقي بسبب انسكاب الطعام الساخن فوقه، فإنه سوف يتزوج بامرأة أخرى، تحدثت بخوف وتربص لأن زوجها يهمه كثيراً مظهرها وجمالها والذي تحرص على العناية به رغم فقرها، فتقتنص قروشاً قليلة لتعيد صبغ شعرها كل فترة بحيث لا تترك الفرصة للشعيرات البيضاء التي غزته أن تظهر لعيني زوجها، ولا تتوقف حسب طلبه عن وضع المساحيق على وجهها حتى في أيام حدادها على والدها، ولكن تهديده الأخير لها أزاح الستار عن حقيقة مؤلمة أمام عينيها وهي أن زوجها يحب جمالها وشبابها الذي يوشك أن يولي، أما هو فقد ترك يد الزمن تعبث بمظهره كيفما تشاء بعد أن تجاوز الستين بقليل.

إذا كانت هذه المرأة قد أصيبت بتشوه بسيط وظهر موقف زوجها الذي عاشرته عمراً وذهلت بأن الميثاق الذي بينهما لم يكن غليظاً، واعترفت لي بقولها جزى الله الشدائد التي تكشف الحقائق، وذكرت بتهكم موجع مثلاً شعبياً تردده الجدات بصدق وهو أن " زوجي يحبني قوية،وأهلي يحبوني غنية"، ويعني أن الزوج يظل على وفائه للزوجة حتى تمرض فيبدأ بالانسحاب التكتيكي وانتقاء العروض والبدائل التي أمامه خاصة حين يتوفر لديه المال ويؤيده المجتمع الذكوري المنحاز له، ويتذكر فجأة أن الإسلام قد حلل له أربع نساء وأنه يخشى على نفسه من الفتنة.
وبمناسبة أن شهر أكتوبر هو الشهر الوردي لمحاربة السرطان، فقد خلص استطلاع شمل 600 امرأة مريضة بالسرطان في غزة أن 38% منهن قد طلقهن أزواجهن بسبب إصابتهن بالمرض العضال، وقد تناسى أزواجهن أيام العشرة والأولاد الذين يربطون بينهما، وبأن هذه الزوجة كانت في يوم من الأيام قوية وجميلة وبصحة وعافية، إن هذا الاستطلاع صادم بجعلنا نتوقف طويلاً ونسأل أنفسنا: ما الذي يجمع بين الزوج والزوجة؟ أو متى ينتهي الحب بين الزوجين؟ والإجابة أسهل مما نتصور وهي أن من يقدم على طلاق زوجته بمجرد أن تقع طريحة الفراش لم يكن يحبها، ويضرب بكل المعايير والأخلاق عرض الحائط وأنه قد تزوج بآلة يقرر أن يلقيها جانباً بمجرد أن تصاب بالعطب ولا يفكر بمحاولة إصلاحها، ويكون بذلك قد قتلها قبل أن يفتك بها السرطان اللعين.
يؤكد علماء النفس أن المرض هو المحك الأول لاختبار إخلاص الشريك، وإن كان سيبقى حتى النهاية مع شريكه، وإذا كان التاريخ قد حفل بقصص ومواقف الجحود، فهو أي التاريخ لم يخل من المواقف المضيئة لأزواج وقفوا إلى جوار زوجاتهم حتى النهاية في صراعهم مع أكثر الأمراض فتكاً بالبشر بعد الإيدز، حيث يفتك سرطان الثدي بحوالي مليون امرأة. عالمياً، وإن كانت نسبة الشفاء منه تصل إلى 90% في حال التشخيص المبكر، كما أن العامل النفسي يلعب دوراً كبيراً في تقدم الشفاء، ومن المواقف المضيئة في هذا الشأن موقف زوج الكاتبة والإعلامية الراحلة فوزية سلامة والتي كتبت عنه في مذكراتها الأخيرة وهي تصارع السرطان أنها كانت تبحث عنه في الليل فلا تجده في السرير المجاور في غرفتها في المستشفى، حتى اعترف لها أنه يقضي الليل قائماً يصلي ويدعو الله أن يمن بالشفاء على زوجته الحبيبة،وفي غزة التي تفتقر لمستشفى متخصص لعلاج السرطان فقد أطلق أحد المهندسين حملة لإنشاء مستشفى لمرضى السرطان سيكون الأول من نوعه في غزة وذلك بعد إصابة زوجته وأم أولاده بهذا المرض في العام 2009، وقد ظل هذا الزوج وفياً لزوجته لمدة 7سنوات وهو يرعاها ويرعى أبناءه ويبذل كل جهده لإنجاح حملته، وإن كانت الزوجة قد توفيت قبل شهرين إلا أن الحملة لا زالت مستمرة، ونأمل أن تجد من يدعمها من أجل آلاف المرضى المحاصرين ومن أجل هذا الزوج الوفي والمخلص وليأخذنا الأمل لأبعد من ذلك بأن يطلق اسم الزوجة على المستشفى الحلم.

الاثنين، 10 أكتوبر 2016

خيانة

بقلم : منال عبد الوهاب الأخضر
استيقظت هذا الصباح أبكر من عادتي… فتحت حاسوبي و شغّلت أغاني فيروزية صباحية… سارعت إلى إعداد قهوتي… وضعت بعض البسكويت في طبق و عدت إلى غرفتي… فتحت النافذة على مصراعيها و رفعت الستار الذي أبقيه في العادة مُسدلا… و كأنّني بذلك أحفظ خصوصية مملكتي الصغيرة…
استيقظت هذا الصباح و بدأت بملء وقتي حتى أنفض عن روحي غبار ليلة عصيبة مررت بها.. ليلة أصبحت فاصلة في حياتي.. ليلة خرجت منها بإستنتاج واحد… هوّ أنّني إنسانة ساذجة… تعيش في إنفصال تامّ عن واقعها الذي يعجّ بظلال الفزّاعات من المنافقين و المنافقات…
ليلة أمضيتها و أنا أبكي…. أبكي كي أعاقب نفسي.. و كلّما قاربت الهدوء أغمضت عيني و تذكّرت الخيانة التي تعرّضت لها حتى ينهمر دمعي أكثر فيشتدّ ألم ناظري و صداع رأسي… كي لا أنسى أبدا ما حدث معي… جلست على طرف السرير أترشّف قهوتي و أتصفّح ألبوم صوري.. صوري مع أفراد عائلتي و مع أصدقائي الذين لم تكن بينهم تلك التي سبّبت لي تمزّقا في عضلات الروح و ثقبا في صمام الأمان… فلم أعد أثق في هذه الحياة و حتى ثقتي بنفسي تعاني حالة حرجة بسبب ما فعلته بي… أخذت نفسا عميقا و توقّفت كي أُفكّر…
الأقربون طعناتهم أخطر ..  فهي تأتي من مسافات قصيرة 

أتُراني أخطأت في حق تلك التي إعتبرتها يوما ما صديقة؟ أتُراني أستحقّ ما فعلته بي؟ أم أنّني أخطأت بحقّ نفسي حين سمحت لشخص مثلها بأن يكون أحد شخوص حياتي؟… لقد كنت أؤمن دوما بأنّ إحساسنا الأوّلي تجاه شخص ما غالبا ما يصدق… فإذا شعرنا بالإرتياح نحو أحدهم فإن شعورنا ذاك هوّ إشارة إيجابية كي نتقبّله في حياتنا و إذا راودنا شعور سلبي تجاهه فمن الضروري أن نحذر منه… و لكنّي حطّمت ذاك الإيمان يوم تجاوزت ما رأيته في عينيها من خبث و لؤم و إتّخذتها صديقة… بكيت من أجلها حين كانت تتألّم و ضحكت معها حين كانت سعيدة… كنت أتجاهل كلّ الإشارات التي وضعها القدر في طريقي كي أحذر منها فكان عقابي أن طعنتني بظهري دون أن تضع إعتبارا لما عايشناه معا… ربّما لأنّها زائفة بالأساس… غير حقيقية… كاذبة… بل أكثر من ذلك… شريرة و حقودة… ربّما لم تكن صداقتها حقيقية و لكنّ خيانتها جدّ حقيقية…لعلّ كلّ ما في الأمر أنّها إتّخذتني عدوّة منذ اللّحظة الأولى لكنّي خلتها تتودّد لي… ربّما و ربّما و ربّما… كلّها إفتراضات يعجّ بها رأسي في حين يحثّني عقلي الباطن على العودة إلى النوم حتى لا أشعر بما أشعر به من خيبة و ألم… و حتّى لا أصبّ جامّ غضبي على نفسي… و لكنّي مصرّة على أن أستجمع شتات روحي و أن أسند نفسي بنفسي و أمضي…. فرغم خيانة إحداهنّ لي إلاّ أنّ حولي صديقات حقيقيات… و في حياتي الكثير ممّا يدفعني إلى الإنتفاض على حالة الحنق و الغضب التي تتملّكني…. لن أخون نفسي و أستسلم… فقط لقد أدركت أنّي في حاجة إلى دروس مكثّفة في الحياة حتى أتخلّص من سذاجتي… لقد أيقنت أيضا أنّ في هذا العالم مسوخ على هيئة بشر…




على الأقلّ أصبحت أعلم الآن أنّك لا تحتاج أن تؤذي الآخرين حتى يأتي من يؤذيك… يكفي أن تكون حقيقيا… صادقا و نقيّا حتى يأتيك الأذى من حيث لا تدري… 
وللأسف هكذا هي الحياة…



الأحد، 2 أكتوبر 2016

عن أنجلينا الحزينة

بقلم: بسمة النسور

موقع العربي الجديد


صرّحت النجمة الجميلة، خفيفة الظل المحبوبة، جنيفر آنستون، بشكل هادئ ورزين وغير انفعالي، وهي الزوجة المخدوعة التي تعرّضت للخيانة، إن الطلاق المدوّي الذي تم بين براد بيت وغريمتها اللدود أنجلينا جولي الأسبوع الماضي، هو تحقق (الكارما)، أو العاقبة الأخلاقية، بمعنى أن من قام بالظلم بالعدوان يوماً سوف يتعرّض للظلم والعدوان بالضرورة، وفق هذا القانون البسيط الذي يحقّق العدالة على الأرض، ويتيح للمعتدى عليه تذوق حلاوة الانتقام العذب.
وكانت آنستون قالت، في تصريح سابق، إنها، بعد مرور عشرة أعوام من الشعور بالمرارة والغضب والحزن والإحساس بالخذلان، سامحت براد وأنجلينا، ولم تعد تشعر بالغضب تجاههما، وهذا، بحد ذاته، وعلى فرض أنه كلام حقيقي، وليس مجرد رد دبلوماسي، نصحها به خبراء ميديا، درس إنساني جميل في مهارة التسامح وأهمية المضي في الحياة والبحث عن أسباب السعادة فيها، على الرغم من الأحزان وانكسار الخاطر وخيبة الأمل والإهانة العلنية التي منيت بها، على مرأى من العالم، كامرأة متروكة جرى التخلي عنها من أجل امرأة أخرى، وهذه أكبر إساءة يمكن أن توجّه لأنثى.
قدّمت هذه الفنانة ذات الحضور العفوي درساً في اللباقة والتهذيب، ربما يحتاج كثيرون من جمهورها، في العالم العربي خصوصاً، وهم الذين أبدوا تشفياً وشماتة كبرى، ربما يحتاجون التعلم من المصير الذي حلّ بأنجلينا جولي، وهي، بحسبهم، الطرف الشرير في هذا الثالوث الهوليودي ذائع الصيت، حيث صنفوها "خطافة رجالة وخرابة بيوت"، كون براد بيت مجرد رجل أبله سهل الانقياد، عديم الإرادة فاقد الأهلية، بحيث سطت عليه، وصار من أملاكها، بمجرد أنها أرادت ذلك. وهكذا، ومثل العادة، تُدان الأنوثة جمعياً، باعتبارها سبب الغواية ومصدر الشرور كلها. الطريف أن الشامتات بها من النساء كثيرات، لعل أبرزهن فيفي عبده التي أجابت مرة عن سؤال في مقابلة تلفزيونية عن عدد زيجاتها، قائلة إنها ليست متأكدة من أنها خمس أو ست، فغرّدت على "توتير"، مخاطبة أنجلينا: "معلش، يا أنجلينا يختي، أصل الرجالة كلهم كده يا حبيبتي".
وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخرة عن مغبة انهماكها بالقضايا العامة، ومتابعة مآسي اللاجئين، وإهمال رجلها، في سياق المنطق التبريري نفسه، الذي يغفر للرجل خطاياه، ويصنفها ضمن الهفوات الصغيرة التي يمكن غفرانها، فيما إذا تحلت المرأة بالحكمة والصبر. وكان الخبر الصاعقة، بحسب وصف خبراء أعلام، انتشر وسط تضارب معلومات وإشاعات حول أسباب الطلاق الذي بات حديث الساعة، وانشغلت وسائل الإعلام، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم بأسره، في أصداء النبأ الجلل، وانخرط محللون في التحليل والتوقع والمتابعة.
 

وهذه مسألة مثيرة للعجب حقاً، إذ لا غرابة في هذه النهاية المتوقعة لعلاقة استنفدت أسباب بقائها. وبما أن الأرض كروية، والأحداث فيها لا تتوقف عند أحد، مهما كان مشهوراً أو مؤثراً، بما أن دوام الحال فيما يتعلق بالبشر يدخل في نطاق الاستحالة، لأن هناك دائماً نقطة نهاية، علينا أن نقبل بها، طالما احتفلنا بالبدايات. تلك طبيعة الأمور، والأحداث الحزينة جزء من مسار الحياة، كما أن من المملّ جداً أن تبقى الأشياء على حالها، رتيبةً متكرّرة، لا جديد فيها، لا يبقى شيء على حاله، وأن العلاقات الإنسانية حقل شائك سريع التغير، لا تبقى على إيقاعٍ واحد، وبما أن أمزجة الناس ومشاعرهم، كما أمنا الطبيعة، تتبدّل دورياً، فيصبح حبيب الأمس عدو اليوم، وزوج اليوم طليق الغد وهكذا.
ويبقى السؤال مشروعاً بشأن سر ارتجاج الدماغ الذي أصاب كثيرين من سكان هذا الكوكب، لمجرد إعلان الثنائي (برانجيلنا) عن نبأ طلاقهما. ألا يتطلق الناس يومياً في كل مكان يا عمي؟ وهل الناس من السذاجة والسطحية، بحيث ما زالوا قادرين على تصديق أكذوبة الحب المثالي كامل الأوصاف، حيث لون الحياة بامبي، والعصافير تزقزق على الدوام. صحيح أن أنجلينا أهدته جزيرةً على شكل قلب، ثمنها 12 مليون دولار حين بلوغه الخمسين، لكن ذلك لن يمنع من إعلان وفاة الحب، حين تحين ساعته، لا شيء كفيل باستبقائه، ولا ينبغي، والحالة هذه، سوى إفساح المدى أمامه، حين ينوي الرحيل، مردّدين مع فيروز، بنبل ورفعة، وبكثير من الحزن: الله معك يا هوانا.

سوبر ماما

بقلم مي ملكاوي 
مدونات الجزيرة




فتحت فمها مندهشة: غير معقول... ماجستير ولديك طفلتان؟"
ابتسمتُ وأنا أساعدها وهي تقوم بفحص "مريم".. وعلقت وهي تنظر ناحية "ميرة" التي لم تتوقف عن القفز في الغرفة منذ دخولها "أنا لا أعرف كيف فعلتِها؟... أنا حقاً منبهرة". 
كانت تلك الأخصائية في عيادة الأطفال، ألتقيها لأول مرة بعد غياب الأخصائية التي اعتدناها، وقد بدا عليها الفضول لمحاورتي. لكنني لم أستطيع إلا أن أقول لها: "أعرف الكثيرات ممن يقمن بأكثر من هذا، لي أخت تحضر الدكتوراة ولديها أربعة أبناء أنجبت آخرهم في فترة مناقشتها الأخيرة، كما أنني أعرف أكثر من صديقة حصلت على الدكتوراة في نفس الوقت الذي أنجبت فيه أطفالها كلهم، وعندي صديقات يقمن بعشرين مهمة وعمل بذات الوقت". زاد انبهارها، وقالت لي إنها أم لثلاثة لكنها لا تستطيع فعل شيء آخر سوى عملها اليومي، وأكدت إن الأمور صعبة. 
ليست هناك وصفة جاهزة تجعل من المرأة إنساناً ناجحاً، لأنها ببساطة مثل الرجل تحتاج الى قوة وعزيمة وإرادة للاستمرار، تضيف إليها قوة تحمل للضغط الكبير. 
لم يكن الوضع يسمح بمزيد من النقاش لكنها أدارت بعقلي الكثير من الكلام.. وتذكرت تعليقاً لإحدى الفتيات على مقالة كتبتها عند حصولي على شهادة الماجستير، قائلة: "لماذا علي أن أصل الى حافة الانهيار؟ أمومة وغربة وزواج ودراسة وعمل لماذا كل هذا؟".. وقد ردت عليها صديقتها معللة رغبتها في أن تكون مثلي "سوبر ماما" لأن في الأمر شعوراً جميلا وإنجازا رائعاً.
علقت معهما يومها.. وضحكت على نقاشهما، وتذكرت بالفعل كم كان الأمر صعباً، وكيف مرت أيامٌ متوترة وأخرى نكِدة حزينة، وأيامٌ بطيئة ومزعجة وأخرى سهلة جميلة.. وتذكرت كيف أنني كنت أنهار بالفعل في لحظات الضعف وأرتمي باكية في رغبة حقيقية بأن يتوقف الزمن كي أحظى بلحظات راحة أو بساعات نوم بدون تنغيص.
لكن هناك حقيقة يجب ذكرها: أنا لم أكن ولا للحظة واحدة لوحدي، كان الجميع حولي يساندونني: زوجي.. أختي الكبرى عبر الهاتف اليومي.. أهلنا من الجانبين، الكل كان يساندني من حيث لا يدري. ولو كان للحق أن يقال فإنني حقاً لم أقم بالأمر وحدي. 
أنا لست "سوبر ماما" ولا سوبر أي شيء آخر، فالمرأة الخارقة ليست سوى في الأفلام الأمريكية، وكل شخص في هذا العالم وليس فقط كل إمرأة عنده حدّ تنتهي عنده طاقته وقوته، ويحتاج الى أن يملأ خزان وقوده بكم كبيرٍ من الراحة الحقيقية، ولكن هناك أشخاصاً خزانات الوقود عندهم ذات سعة كبيرة فعلاً.. وهنا تكمن الفروقات في الإنجازات.

ليست هناك وصفة جاهزة تجعل من المرأة إنساناً ناجحاً لأنها ببساطة مثل الرجل تحتاج الى قوة وعزيمة وإرادة للاستمرار، تضيف إليها قوة تحمل للضغط الكبير، وبظني فغالبية النساء تستطعن ذلك بل إنني رأيت بعينيّ نساءً يقمن حقاً بعشرين مهمة في نفس الوقت ولا يشتكين. على الأقل أنا كنت أبكي كالأطفال في الأسبوع مرتين أو ثلاثة عندما تتراكم الواجبات الى جانب مهام العمل. ولكن الظروف والمحيط المتفهم قد لا يتوفر لكثيرات؛ بل قد تكون الحروب والنزاعات أكبر الدلائل على معنى الظروف الصعبة التي تمر بها النساء، لكن ذلك لا يمنع ولم يمنع كثيرات من التميز والاستمرار، وقد صرنا نرى كثيراً من الأمثلة الحية لنساء تحدين واقعهن بالفعل كي ينجحن وينطلقن.
عالمات ورياضيات ومخترعات وفنانات ورائدات أعمال وغيره، وهذا خلق حالة من الـ"غيرة" الإيجابية أو العدوى الإيجابية فأصبح الجميع راغبين بأن يكونوا جزءاً من هذا التميز. 
لا تحدثوني عن نساء خارقات، حدثوني عن همم حقيقية لا تغمض جفنيها عن أحلامها.. تسعى إليها سعياً وتضرب الأرض لتحقيقها 
لأن النجاح ببساطه هو إرادة.. وقد ذكر القرآن في الآية 28 من سورة يوسف "إن كيدكن عظيم" ورغم أن الكيد ذكر في مواضع كثيرة أخرى في القرآن الكريم في كثير منها ايجابية، إلا أنني أعتقد أن الله عزوجل خص المرأة بقدرتها على تسخير قوة عقلية هائلة حينما تريد شيئاً.. ولست أني هنا الكيد السلبي من غيرة وسواها، إنما أنا أعني مهارتها في التحايل للحصول على ما تريد سواء في بيتها مع عائلتها أو مع صديقاتها أو في عملها أو أي شيء آخر.. وهي تستطيع استخدام الحيلة الطيبة للوصول الى نجاحها الذي تصبو إليه.
هيلاري كلينتون - وقد استحضرت مثالها عمداً بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا عليها- فقد تمكنت من الوصول الى المرحلة الأخيرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وقد تصبح رئيستها خلال أيام معدودة وذلك لم يكن سهلاً أبدا على غيرها، وهي ليست إمرأة خارقة بالتأكيد، لكن كل الظروف والشخصيات والسياسات من حولها ساعدتها وهيئت لها هذا الوصول، وبالتأكيد جهدها وشخصيتها ساهما معها أيضاً.
لكن انظر الى أمثلة أخرى من نساء رائدات في مجالات متعددة.. وأسألهن عن الصعوبات الحقيقية التي واجهنها من إمراة مات عنها زوجها فربت أبنائها بإخلاص وليس في جيبها شيء، الى إمرأة هربت من الحرب وفقدت أبنائها أو أهلها لكنها تابعت مسيرتها في الحياة بقوة وبرزت، الى نساء قدمن لنا أمثلة حية في العلوم والاقتصاد والسياسة والفنون الأخرى. 
لا تحدثوني عن نساء خارقات، حدثوني عن همم حقيقية لا تغمض جفنيها عن أحلامها.. تسعى إليها سعياً وتضرب الأرض لتحقيقها.. نغبطها وننبهر بها نصفق لها جميعاً وكلنا "غبطة" أن نسير على ذات الطريق.