أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 مايو 2017

صياماً مقبولاً

بقلم د.لانا مامكغ
جريدة الرأي
أحكمتْ وضع الأغطية على أولادها بعد تناولهم السّحور، أعادت الأشياءَ إلى أمورِها في المطبخ، غسلت ما وجبَ غسلُه وترتيبَ ما وجبَ ترتيبُه، توجّهت إلى الفراش، ولم يمضِ وقتٌ حتى استيقظت مذعورة، إذ حسبت أنّ المنبّه قد رنّ دون أن تسمعَه، فقرّرت النّهوض حتى لا يقعَ المحظور ويتأخّر الأبناء عن المدرسة، فعادت لتوقظهم بعد حين، لتساعدهم على الاستعداد ليومٍ دراسيّ جديد، وتمضي إلى عملِها بعد ذلك.
عند انتهاء الدّوام؛ سارعت إلى المنزل، غيّرت ثيابها، غسلت يديها، هرعت إلى المطبخ فوراً وهي تدعو الله أن تتمكّن من إنهاء وجبة الإفطار وتبعاتها قبل الغروب، وفيما هي منهمكةٌ في التّحضير؛ وصلها صوتُ أحد أبنائها طالباً منها مساعدته في فهم إحدى قصائد الشّعر... تركت ما بين يديها وقامت بالمطلوب، ثم عادت إلى طناجِرها، لم تمضِ لحظات حتى دخلَ الزّوج حاملاً معه كميّةً من القطايف وبعض الخضروات... رماها جانباً وهو يقول: «سأغتسلُ وأنام الآن، اعملي القطايف بالجبنة هذه المرّة، وزيدي كثافة القطْر لو سمحتِ، لم تعجبني حلاوة القطايف أمس!»
خرجَ ثم عاد مسرعاً ليضيف: «انتبهي أرجوكِ لكميّة الخلّ والزّيت في الفتّوش، الدّقة ضرورية، وإلا طغى طعم الخلّ، ولا تبالغي في تحميرِ الخبز، سأنامُ أنا الآن...»
بعد قليل، دخل الابنُ الثاني ليسألها عن نظرية «فيثاغورس»... شرحتها له وهي تفرُم كميّة من الخيار، وحين لم يفهم، تركت ما بين يديها، لتجلس معه، وتفسّر له النّظرية، إلى أن تأكّدت أنّه فهم هذه المرّة، عادت مسرعة إلى المطبخ لتستأنفَ عملها وهي تنظرُ إلى السّاعة بذعرٍ كلّ لحظة...
قبيل الغروب بقليل كانت قد سكبت أطباق الحساء، والفتّوش، والوجبةَ الرئيسية، وحضّرت العصائر، وجهّزت القطايف، ثم أيقظت الزّوج...
بعد الانتهاء من الوجبة، جلس هو والأبناء أمام التلفزيون، وبدأت هي بجمع الأطباق، والأكواب، والصّواني، والأوعية، وبدأت بتنظيفها... ثم لمَّعت الغاز، وشطفت أرضيّة المطبخ، حتى جاءها صوتُه يطلب القهوة، سارعت إلى عملها وتقديمها له، ليقول لها وهو مستغرقٌ في مشاهدة أحد البرامج الكوميدية: «حان الوقت لنبدأ بالدّعوات الآن، سأبدأ بأهلي... لقد دعوتهم وهم قادمون غدا للإفطار» ثم أطلق ضحكةً مجلجلة على أحد المواقف المعروضة على الشّاشة الصّغيرة، فيما جلست تفكّرُ وتحسبُ عدد الأشخاص المدعوين، وعدد الأصناف المطلوب تحضيرُها، ومدّة الوقت المُتاح... فقرّرت العودة إلى المطبخ، والبدء ببعض التّحضير استغلالاً للوقت، لكن في لحظةٍ ما، أحسّت بتعبٍ شديد... فتوجّهت إلى السّرير وهي تتعثّر بالأثاث الموجود في الطريق، ونامت بعد أن تأكّدت أنّها ضبطت المنبّه لإيقاظ العائلة على السّحور...
في اليوم التّالي؛ وفيما كانت السّاعة قد قاربت الثانية عشرة، شعرت بالخوف من أنّ السّاعات المتبقّية للغروب قد لا تكفي لإنجاز ما هو مطلوب منها، دخلت على المسؤول المباشر عنها تستأذنه بالمغادرة بعد أن شرحت له السّبب باقتضاب، فقال وهو يحملق في منفضة السّجائر الّلامعة أمامه: «هذا ليس بعذْر يا أختي، ساعات الدوام محدّدة ومعروفة» ثم أردفَ وهو يعبثُ بمسبحتِه بعصبية دون أن يرفع عينَه عن المنفضة» في رمضان كانوا يجاهدون ويغزون ويفتحون البلاد...»
ولم تجد في نفسها طاقة على النّقاش، انتظرت انتهاء الدوام، طارت إلى المنزل، بدأت بالعمل في سباقٍ محموم مع الزّمن حتى جاء وقت الإفطار، حضرَ الضّيوف... أكلوا، وشربوا، وسهروا، وغادروا... لتبقى في المطبخ حتى منتصف الليل فتنهي شؤون التّنظيف وإعادة التّرتيب، إلى أن قرّرت الخلودَ إلى النوم أخيراً...
ألقت بنفسها في الفراش وهي تشعرُ أنّ الأرضَ تميدُ بها، لكنها لم تتمكّن من الإغفاء؛ إذ خافت أن تستغرقَ في النّوم فلا تسمع صوتَ المنبّه، احتارت وجلست في السّرير ساهمةً تقاومُ ثقلَ جفنيها، وألمَ ظهرها، وقلقَها على الأبناء، وسحورهم، ومدرستهم... وظلّت هكذا حتى ارتفع شخيرُه فجأة، نادت عليه لتهمسَ له برفق شديد: «هل تستطيع إيقاظي بعد أن يرن المنبّه؟ أخشى ألّا أصحو لتحضير السّحور...»

غمغمَ بعصبيّة ليصرخَ قائلاً: «عجيبةٌ أنتِ، أنا أصحو لأوقظكِ؟ والله عال، ما رأيكِ لو حضّرت أنا السّحور بنفسي أيضاً؟ ألا تعرفين واجباتكِ تجاه عائلتكِ في رمضان؟ اللهُ أكبر... اللهُ أكبر!»
ثم أدارَ ظهرَه لها، ليلتحفَ بغطائه وهو يتمتمُ بين النّوم واليقظة بصوت متقطّع: «حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيل... حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيل!»

الأربعاء، 17 مايو 2017

عندما كان أبي "امرأة"

بقلم: مدلين أحمد/ مدونات الجزيرة

وَقفتُ راكية نصفي على بوابةِ المدرسة في آخر اليوم الدراسي، أنتظر حافلة منطقتي لتنتشلني من بيتي الثاني وتُلقي بي أمام بوابة بيتي الأول. أخرجت من حقيبتي شطيرة الجبن، سَرَحَت صديقتي قليلاً بما في يدي، فاعتقدتُ بأنها تشتهي القليل فمددت يدي فقالت: لا أريد، ولكنك في نهاية كل يوم وفي نفس الموعد تُخرجين شطيرة وتأكلينها، لِمَ تفعلين ذلك وبينك وبين البيت وموعد الغَداء دقائق؟!
أجبتها بأن موعد الغداء يتأخر دائماً في بيتي فلم تقتنع، سَكَتت وقالت: صارحيني؛ هل تملكون طعاماً في البيت؟ ضحكتُ من غرابة السؤال وأجبتها بأن سؤالها سخيف وبالتأكيد نملك طعام، فقالت وهي تُفكر إن كانت ستُحرجني فشجعتها على البوح بما يجول في ذهنها فأكملت: والدتك مُتوفيه وأنت صغيرة ولا تعرفين كيفية إعداد الطعام ووالدك لم يتزوج، فكيف تأكلون؟ لم أفكر وسارعت بالإجابة وقلت بصراحة لم أحسب توابعها: أبي يصنع لنا كل ما نشتهي من الطعام! 
لم أرَها تضحك في حياتي بقدر تلك اللحظة واعتقَدَت بأني أمازحها وقالت لصديقتها: والدها يطهو، فالتفتت الأُخرى وقالت: صدقاً كيف تأكلون وأنتم في غُربة بلا أم أو أقارب، هل حقاً والدك يدخل المطبخ - وحاجبها يستهزئ-؟!
لا أدري لِمَ تَعجبَوا، فكرتُ أن أقول لها بأن والدي كان يبحث في دفتر وصفات أمي ويُجرب كل شيء، وحتى أنه تعلم أن يعجن لأكثر من مرة ولم ييأس، لأن أخي الصغير يُحب معجنات أمي وبأنه يُقشر الخُضار ويطبخ الكوسا ويلف أوراق العنب، وبأنه يغسل الأواني ويُلمع الأطباق ويقضي نصف يومه في المَطبخ. 
فكرت أن أقول لها بأنه يغسل قميصي الأبيض للمدرسة على يديه خشية أن أخلطه مع باقي الألوان، وإن كان زر القميص يتهاوى من موضعه فكان يبحث عن لون يُناسب قميصي ويسند أزراري؛ أو أن أقول لها بأنه كان يُنظف السجاد بمهارة عالية، وبأنه كان بارعاً في تنظيف أرضية المنزل.
فكرت في أن أقول لها بأنه كان يُنسق لي ملابس العيد بالألوان التي أحب، وبأنه كان يُتابع معي مسلسلاتي السخيفة التي يمقُتها؛ وبأنه يُتابع الحَلَقات التي فاتتني ليُخبرني بمُختصر الأحداث التي لم أكُن أمام الشاشة أرقبها. 
فكرت في أن أقول لها بأنه يُنظف شبابيك منزلنا ويَنفض الغبار عن الستائر ويُنزلها ويُرجعها وقد تأخذ يوماً من عمره؛ وبأنه كان يبتاع كل مسُتلزماتي التافهة والتي لا أهمية لها سوى أنها لي.. فكرت أن أقول لها بأنه لا يصعب شيء على أبي ولكنها تظُن بأن من يفعل كل هذا قد يُشبه المرأة؛ بعد كل هذا التفكير غِرتُ على رجولة أبي وقلت: بالتأكيد أمازحك، فوالدي رَجل كوالدك والرجال لا يدخلون المطابخ.. ليتَك يا أباها تقرأ؛ فَبِئس ما قَد زَرَعت..

الأربعاء، 10 مايو 2017

كتابة الذات

بقلم سعيد يقطين
جريدة القدس العربي

مدارسنا العربية، من الابتدائي إلى العالي، لا تعلمنا كيف نكون «نحن»، لا غيرنا، ولذلك فهي تواجه «الذات» و«الأنا». كنا نطالب بكتابة «الإنشاء» بالتركيز على الأشياء، لا على كيفية التعامل الذاتي معها. وكنا نخشى التعبير عن آرائنا حيال الأشياء المطلوب منا الحديث عنها. 
هذا الحديث ليس سوى عبارة عن صيغ علينا الامتثال لها، وأي خروج عن «العناصر» المقدمة من لدن المعلم، أو الأستاذ تكون له آثار وخيمة. لذلك لم نتعود على كتابة الذات، ولا على التصريح بآرائنا. علينا أن نعرف ميول كل أستاذ ونكتب له وفق ما يريد هو، أو ينسجم مع ميوله وأهوائه. بهذا كنا نتناصح لنفلح وننجح. ولم يكن البيت سوى صورة عن المدرسة. لم نتعلم كتابة المذكرات، ولا تسجيل الذكريات، لأن لا أحد يمكنه أن يحترم خصوصيتنا، ولا يدفعه الفضول ليطلع عليها. 
حتى في البحوث الأكاديمية العربية يُرفَض ضمير المتكلم، بالمفرد والجمع، رغم أننا لا نعرف متى نستعمل هذا أو ذاك، فنحن أبرياء من استعمالهما. تعجبت كثيرا وأنا أطالع الورقات البحثية للطلبة في الرياض ومسقط، حيث ينعدم المتكلم بصورة مطلقة. فالبحث هو الذي يتحدث، وهو «ما» يتكلم، ولا وجود لـ«الباحث». تقرأ مثل هذه الصيغ: «لن تتناول الدراسة»، و«يرى البحث أن»، «يتحدث هذا الفصل عن…» ومرة ناقشت أحد الطلبة في هذا، فقال لي: إنهم في المناقشة يركزون على استعمال الضمائر، ويتساءلون من أنت لتتحدث بضمير المتكلم؟ 
إذا انتقلنا من المدرسة والجامعة إلى الإبداع، نجد الشاعر العربي كان يتحدث عن ذاته، لأن الثقافة الشفاهية تسمح له بذلك، باعتباره «ممسوسا»، ينطق عن هوى ما يمليه عليه «شيطانه». وكانت «أنا» أبي الطيب استثنائية، ولذلك عد «متنبئا». لكن ما إن ظهرت الكتابة، حتى صار مسؤولا عن خطابه، إذ الكتابة قيد، وهي دالة على الكاتب. فصار لا يكتب عن ذاته إلا في صلتها بما هو مقبول ومتداول. وظهرت «السيرة الذاتية» في الغرب، لتجسد صورا جديدة من تطور النظر إلى الذات، والأنا والتعبير عنهما بأشكال مختلفة عما كان عليه الأمر في العصور القديمة. ومع الزمن صارت الذات تحتل موقعا مهما في الكتابة الأدبية الحديثة، سواء في الغرب أو عند العرب. 
لا تخلو أي كتابة، كيفما كان جنسها أو نوعها، من ذاتية صاحبها. لذاتية الكاتب مراتب ومراق يحكمها الخطاب الذي تنتجه، ويُبِين عنها ما يسمح به لتجليها وتحققها بصورة ما. ولا يمكن التعبير عن الذات، أو الكتابة عنها، إلا من خلال السرد، سواء ظهر من خلال الشعر أو النثر. في السرد الذاتي تبدو لنا الذات في أبهى صورها، وهي تكشف لنا عما يميزها أو يبين ملامحها، أو تقدم لنا بعض جوانبها غير المعروفة. يتحقق ذلك من خلال اتخاذ المؤلف ـ الراوي ـ الشخصية (الفاعل) محور هذا السرد الذاتي. السرد الذاتي موجود أبدا، وفي كل زمان ومكان. فكل واحد منا يسرد عن ذاته أكثر مما يتحدث عن غيره، سواء في الحياة اليومية أو الفنية، وأي سرد عن الذات، يمكن أن يكون واقعيا، كما يمكن أن يداخله «الكذب»، أو التزيد، أو الخيال، فيكون بذلك تعبيرا عن الذات المتحققة أو المفترضة أو الممكنة. 

ظهرت السيرة الذاتية في الأدب العربي تحت تأثير التطور الذي عرفته الذات العربية في العصر الحديث من جهة، وفي ضوء قراءة نصوص السير الذاتية الغربية وترجماتها إلى العربية من جهة أخرى. وحين نتعرف على عدد الكتاب العرب خلال قرن من الزمان، ونصطفي منهم من كتب سيرته الذاتية، نجد العدد ضئيلا جدا. فما مرد ندرة النصوص التي تتناول الذات الفردية، أو الجماعية في أدبنا العربي الحديث والمعاصر؟ أيكمن ذلك في سلطة المجتمع؟ أم في نكران الذات؟ أم في التقليل من أهمية التجربة الذاتية التي يمكن أن تجعلها قابلة للقراءة؟ 
أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح، ليس فقط على الأدباء عامة، والساردين خاصة، ولكن على المثقفين والساسة ورجال الاقتصاد والاجتماع، لماذا حين نقارن ما ينتج من سير ذاتية في الغرب، مع ما يكتب بلغتنا نجد العدد هزيلا جدا؟ والأدهى من ذلك هو أننا، حتى في غمرة اهتمامنا بالقراءة النقدية للنصوص «الذاتية» لا نطرح مثل هذه الأسئلة. فنحن نتحدث عن ذواتنا بصورة أكبر مما يجب، إلى الحد الذي يجعل الكتابة عنها متجاوزة وغير مجدية، بل إن الكثير من الكتابات السردية العربية تطغى فيها الذات المتصلة بالكاتب مهما بدت لنا «المواد الحكائية» بعيدة عن الذات ومنفصلة عنها. يصل الأمر إلى حد أن يكون ذاك البعد والفصل فقط للتعمية وصرف النظر عن البعد الذاتي في الكتابة.
يبدو لنا ذلك بصورة أوضح في كون السارد حتى وهو يكتب نصا يتصل بذاته، يرفض اعتباره «سيرة ذاتية». فلماذا لا نكتب السيرة الذاتية؟ أو نرفض إدراج كتابتنا عن الذات ضمن السيرة الذاتية؟ حين نتعلم الصدق في الحياة، يمكن أن نمارس كتابة الذات.

٭ كاتب مغربي


-  -
3 تعليقات
أحمد عزيز الحسين
May 10, 2017 at 6:29 am
في ظني أن سبب غياب ( ضمير المتكلم ) مما يكتب في الوطن العربي يعود إلى أن البنية الاجتماعية المهيمنة هي بنية بطركية أساساً لا تعترف بالهوية الذاتية للفرد ، ولا تربي أبناءها على أنهم ذوات مستقلة عنها، بل تربيهم على أنهم متماهون بها، معبرون عنها أكثر مما هم معبرون عن ذواتهم الفردية. ولذلك ينشأ الفرد من دون ذات تتكون ضمن علاقتها بالسياق الذي تتحرك فيه، بل إن الحاضن الاجتماعي الذي يحتضن الفرد العربي عموما ( بدءا من الأسرة مرورا بالمدرسة وصولا إلى مؤسسات المجتمع ككل ) يعمد إلى إلغات الذات الفردية، ويجعل من أبنائه نسخة مطابقة بلباقي أفراد المجتمع ككل، ثم تكمل الدولة التسلطية دورها في صياغة شخصية الفرد ، فتمحو من خلال بنيتها الأتوقراطية كل مظاهر تميزه وانفصاله عن القطيع ، وتبذل جهدها كي تجعل منه نسخة للمواطنين الرعايا لا الأفراد الذي يمتلكون ذوات مبدعة متميزة عن غيرهم، وحين يعارض ما هو مهيمن وسائد من سياستها أو آليات صياغتها لمواطنيها تمارس دورها في قمعه بـأكثر من طريقة، ولذلك لا يبقى له من سبيل سوى الطأطأة والانحناء وتقبل ما هو مهيمن وشائه ، مما هو يلغي فرديته ، ويجعله( إن تكلم)
يميل إلى استخدام صيغة الجمع بوصفه فردا غير متلك لهوية محددة تميزه من غيره ، وبوصف ضمير الجماعة تأكيدا على ذوبان شخصيته في الجماعة وفقدانه لهويته الفردية وذاتيته الإبداعية .
Reply
سوري
May 10, 2017 at 7:12 am
يبدو ان بينك وبين الاستاذ واسيني توارد خواطر، واختلافات في الرأي، أنا شخصيا مع كتابة الذات الصادقة التي تعبر عن واقع معيش ربما يعكس حالة عامة او شبه عامة كما فعل محمد شكري في الخبز الحافي التي عرفنا من روايته مدينة طنجة وحاراتها ووضعها الاجتماعي والامية المتفشية، حتى اني عندما عشت في طنجة لفترة زمنية رحت ابحث عن الاماكن التي ذكرها في الرواية مثل مقهى الحافة المطل على البحر، او المرفأ وسواهما، وقلما نجد قلما عربيا صادقا في الكتابة عن ذاته، لكن الشعر هو مسألة اخرى وخاصة عند العرب الاوائل لان الفخر كان موضوعا مفضلا لتضخيم الانا او في خطبهم
انا الذي نظر الاعمى
انا ابن جلى وطلاع الثنايا
الخيل والليل البيداء تعرفني
…الخ
Reply
الدكتورجمال البدري
May 10, 2017 at 8:25 am
تحياتي للدكتورسعيد يقطين : آلية فرض لغة الخطاب لها علاقة باحتكارالدوروالوظيفة.بمعنى (مؤسساتنا العتيدة ) لا تريد لغيرأركانها التعبيرعن حقيقة الأشياء كي لا ينافسها منافس من خارجها وإلا تتهمه بالغروروالتعالي وووو.فهي بالنتيجة عملية تجارية بين محتكرجشع باسم المعرفة ومستهلك راضخ باسم الحاجة.فيما لوعدنا لكتاب العربية الأكبرالقرآن نجد أنّ لغة الخطاب ( نحن وأنا ) قد وردت فيه كثيراً للتعبيرعن موقف مسؤول وقادر.وفي الوقت الذي كنت أيام الماجستيرمثقل بعشرات المصادروالمراجع…كان زميل لي قد أنجزّرسالته في الولايات المتحدة وعرض عليّ نسختها.إنها من مائة صفحة فقط من دون هوامش ولا مصادرولا مراجع.فأستغربت من هذا التقليد الأكاديمي.
فأخبرني أنّ أساتذه الأمريكي طلب منه أنْ يقرأ ما يشاء من المراجع والمصادر…ثمّ يأتي ويكتب ما هومفيد بشان الموضوع ويضيف له بأسلوبه ( الطالب ) وهذه الرسالة هي خلاصة لتلك المصادروالمراجع بلغة الطالب الذاتية…مع الرأي الذاتي ووجهات النظرالمنطقية…
فهي الآن لديهم قد أصبحت مرجعاً جديداً باسمي.فهل عندنا الإبداع ضريبة بل مصيبة ؛ وعندهم الإبداع خلق لفرصة جديدة ؟
Reply