انعقد مساء السبت 21/1/2012 الاجتماع رقم 112
لنادي أبجد توستماسترز في أبوظبي، بحضور نحو ستة عشر عضواً وضيفاً، وقد رحّب أمين
المراسم التوستماستر محمد يحظيه بالضيوف والأعضاء ، ثم افتتح رئيسُ النادي التوستماستر
خالد النقيب الاجتماع بالثناء على الأعضاء المواظبين على الحضور وحثَّ الجميع على
متابعة مساراتهم في التوستماسترز ليتميز
النادي بإنجازاتهم .
وكان التوستماستر المخضرم حميد الحمادي _ أحد مؤسسي نادي أبجد سنة 2009-
عريف الاجتماع لهذا اليوم، وقد جعل من محور الاجتماع ( روح التطوع ) حاضراً كلَّ
الوقت في كلماته وفي تقديمه لأصحاب الأدوار.. إذ إن العمل التطوعي يصقل خبرات
الإنسان ويضيف إليه معارف كثيرة قد لا يحصل عليها بالدراسة والعمل العادي؛ فالتطوع
هو التعبير الحقيقي لشعورك بالانتماء إلى المجتمع الذي يحيط بك.
ثم حان كسرُ جمود الاجتماع بفكاهة المساء التي قدمها التوستماستر شيخ
معاوية، ثم فقرة التعريف بأصحاب الأدوار، ثم حانت الفقرة الأساسية وهي فقرة الخطب
المعدَّة، التي ضمت ثلاث خطب على النحو الآتي: الخطبة الثالثة عشرة لنادر أحمد ومقيمه شيخ معاوية ، والخطبة التاسعة
لمحمد يحظية ومقيمه نوح الحمادي، والخطبة الحادية عشرة لرشأ الخطيب ومقيمها خالد
النقيب.
خطبة (3) لنادر أحمد كانت بعنوان
الحلم، والهدف منها: نظم خطبتك
الحلم هو مايراه الإنسان في يقظته أو منامه، والنوم درجات يبدأ بالسِنة.. وينتهي
بالنوم وهي المرحلة التي يرى فيها الإنسان أحلامه، وربما يفسر بعض العلماء الأحلام
بأنها ما يلفظه الدماغ من مهملات، أو هي ذكريات الماضي أو ربما هي ما تتنبأ به نفسك في المستقبل ،
كلها تمر أمام عينيك... فالأحلام إنباءٌ عما فات أو عما هو آت... وأياً كان تفسير
العلماء لها فإن لنادر أحمد تفسيراً آخر: أنا أحلم إذن أنا موجود! أي أنني أعيش من أجل الحلم والأمل القادم
فالمستقبل هو حلم، وإذا ما سلكت أي طريق تجاهه فأنت لا شك واصلٌ إليه. لذا عليك أن
تحلم باستمرار ...فأحلام اليقظة دليل عافية -إن لم تتجاوز حداً معيناً- مثلها كمثل أحلام النوم . فالأحلام قريبةً كانت
أم بعيدة هي عافية لنا.
وقد نالت الخطبة استحسان مقيمها شيخ معاوية الذي أشاد بنقاط قوة عدة للخطيب
نادر أحمد منها التمكن اللغوي والتدفق المعلوماتي لدى الخطيب، إلى جانب حسن بناء
الخطبة وتقديمها، ومن نقاط التطوير المرغوبة استعمال المسرح بكل ما أمكن الخطيب.
أما خطبة (9) لمحمد يحظية وهدفها: أقنِع بقوة، فقد بدأها بـ " الخيل
والليل والبيداء تعرفني والرمح والسيف
والقرطاس والقلم"، وبسؤال الحاضرين: من منكم فكر أو خطر في باله أن ينام هذه
الأيام الباردة في الصحراء.؟
والداعي للسؤال أنه قام بهذه التجربة حين ضاع مفتاح الشقة، فعرض عليه صديقه
خوض هذه التجربة.. فما كذَّب خبراً، وانطلقا لتجهيز أمتعتهما من متجر قريب وتوجّها
نحو الصحراء.. وما يريد محمد يحظيه أن يقوله لنا هو أن –معظمنا - نشأَ نشأةً بدوية،
لكن الإعلام جعل البدوي مادةً للتندر والفكاهة خاصة في موقف الصدمة الأولى التي
تصيبه حين يزرو المدينة .. لكن البدوي مع ذلك يتغلب - بعد حين- على تلك الصدمة
الحضارية ولا يلبث أن يصبح أفضل من ابن المدينة الذي لا يعرف حياة البادية
وصعوباتها. وفي هذا المقام يقال إنهم وضعوا أسداً في قفص مدة من الزمان ثم أسدلوا
على جزء من القفص حاجزاً زجاجياً، فاضطر الأسد أن يمشي في مساحةٍ محدودة لعدة
أشهر، ثم رفعوا ذلك الحاجز، ومع ذلك بقي الأسد يمشي فقط ضمن المساحة نفسها دون أن
يفكر في تجاوزها؛ وكأنَّ الحاجز الزجاجي لم يُرفع!! وهذه الحال تحاكي حال الناس
الذين وضعوا البدوي في صورةٍ نمطيةٍ لم يغيروها!
وقد كانت المقدمةُ القوية للخطبة قد أثارت استحسان المقيِّم نوح الحمادي
إلى جانب طرح التساؤلات في مقدمة الخطبة وهي من عناصر قوة الخطب، هذا إلى جانب
الثقة والقوة لدى الخطيب، أما نقاط التطوير المرغوبة فكانت محاولة ربط بناء الخطبة
على نحوٍ أكثر إحكاماً، ليكون هدفها واضحاً ومقنعاً للمستمعين.
أما الخطبة 11 لرشأ الخطيب من الدليل المتقدم : سرد الحكايات، والهدف تقديم الحكاية الشعبية.
وقد قدمت فيها الخطيبة حكاية: القاضي الصغير وهي من حكايات ألف ليلة وليلة،
التي تتلخص في أن أحد التجار البغداديين -ويدعى منصور- سافر إلى الشام للتجارة
لبضع سنين وترك ثروته أمانةً لدى التاجر أبي المحاسن، وكانت ثروته ألفاً من
الدنانير الذهبية وضعها في جرةٍ وغطى الجزء المتبقي من الجرة بثمار الزيتون. وبعد سنوات كان أبو المحاسن يتناول العشاء مع
زوجته واشتهى الزيتون، ثم تذكر جرة منصور ففتحها واستولى على المال الذي فيها، ثم
ملأ الجرة بالزيتون وأغلقها.
وبعد غيبة خمس سنوات عاد منصور إلى بغداد وطلب الجرة من أبي المحاسن وفوجئ
بذهاب المال، فاحتدم الجدل بينهما وانكشف أمرُ الجرة بين الناس، ثم اشتكى منصور
إلى القاضي، ولم يتمكن من إثبات دعواه، فعزم على تقديم الشكوى إلى الخليفة، وقد وفعل..
لكنَّ الخليفة لم يتمكن من مساعدته على الفور وأمهله أسبوعاً كي يحصل على جواب لأن
منصوراً ليس لديه شاهد على أنه قد وضع في الجرة مالاً فوقه زيتون كما يزعم..
وكان من عادة الخليفة الخروج متنكراً يمشي في طرقات المدينة، فانتهى إلى
محموعة من الفتيان الصغار يقلّدون ما حصل بين منصور وأبي المحاسن وكان من بينهم
فتى يقوم بدور القاضي .. قال بعد أن استمع إلى الشكوى: البتُّ في هذه القضية سهل فإن
منصور قد ترك أمانته لخمس سنوات لديك لذا نسأل تجار الزيتون: هل يبقى على حاله بعد
كل تلك المدة أم يتغير؟ فأجاب صبيٌّ آخر يمثِّل دور التاجر: إن الزيتون يتغير
ويفسد بعد هذه السنين.
فعاد الخليفة إلى قصره مسروراً وحين آن موعدُ التاجر منصور للقائه استعان الخليفةُ
بأهل الخبرة بالزيتون وعند الكشف على الزيتون الذي في الجرة حكموا أنه جديد. فثبتت
صحة دعوى منصور الذي انصرف مسروراً بعودة ثروته إليه.. ونال أبو المحاسن عقابه.
وبحث الخليفة عن الفتيان الذين كانوا يلعبون وأجزل إليهم العطاء واعتنى على نحو
بالقاضي الصغير الذي أمر بتعليمه وتأديبه بأحسن العلوم وأفضل الآداب ثواباً لذكائه!
وقد أثنى المقيمُ خالد النقيب على أداء الخطيبة في تقديمها للقصة بقوله إنه
كان يشاهد القصة لا يستمع إليها فقط، وذلك دليل الإعداد المسبق، وقد نجحت الخطيبة
في نقلنا إلى زمان القصة وأجوائها. ومن نقاط التطوير المطلوبة -خاصة في مثل هذا
النوع من الخطب- الاهتمام بتلوين الصوت وإعطاء بعض المواقف ما تحتاجه من تنويع في
طبقات الصوت ولغة الجسد. هذا إلى جانب الاهتمام بالوقت وإنهاء الخطبة في الوقت
المطلوب.
أما الفقرة التالية فكانت فقرة تعليمية قدمها التوستماستر علي المنصوري،
وكانت حول: الإعداد للنجاح، فهو لا يتأتى إلا بالجهود المتواصلة؛ إذ لا يقع
النجاحُ صدفةً ! وحين نتفكر في الأنشطة الكثيرة التي تدور حولنا من فعاليات
ومؤتمرات ... وغيرها فالعامل الأساسي الذي يجمعها أنها تحتاج إعداداً مسبقاً لكي
تتم على أحسن وجه، صحيح أننا لا نرى منها إلا فريق النجوم لكن الفريق الأكبر يعمل
خلف الكواليس وهو لا يقل أهمية عن فريق النجوم.
واجتماعات التوستماسترز كمثل هذه الفعاليات فيه فريق النجوم وهم أصحاب الأدوار
المعروضة في جدول الاجتماع، لكن فريق النجوم هذا لا ينجح إلا بمساندة الفريق الذي
يعمل خلف الكواليس، وهم أعضاء الهيئة الإدارية للنادي، وعمل هذين الفريقين هو سر
نجاح اجتماعات التوستماسترز في كل مرة.
ثم حانت الفقرة الختامية بسرد تقارير أصحاب الأدوار: عداد ملء الفراغ
ومختبِر الإنصات، والمدقق اللغوي، ثم اختتم الاجتماع بالتقييم العام الذي قدمه
التوستماستر عبد الحكيم الجابري، الذي ما وجد في الاجتماع إلا كل الإيجابيات
فالسلبيات تكاد لا تذكر فلم يذكرها.. وقد أعجبه كثيراً محور الاجتماع ( روح التطوع
) ، وخاصة الطريقة الجميلة التي أصرَّ بها عريف الاجتماع أن نذكر فيها ذلك المحور
حين طلب من جميع المتحدثين أن يتحدثوا عن تجربة شخصية لهم في التطوع، فكانت قصص
كثيرة نأمل أنها تدفع الجميع للتفكير بهذا الموضوع لكي يستقر لدينا نمط حياة.
وفي الختام نرجو لقاءكم في المرات القادمة لتنعموا بكثير من ثمار المعرفة
والفائدة والإنجاز.