أرشيف المدونة الإلكترونية
لقاء في منتدى الفكر العربي يناقش كتاباً للباحثة الأردنية د. رشأ الخطيب الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقيّة البريطانيّة
http://www.almadenahnews.com/article/274882-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%D8%A9-%D8%B1%D8%B4%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%A8
عمّان- عقد منتدى الفكر العربي في قاعة الحسن بن طلال ضمن سلسلة لقاءات "نادي الكتاب" لقاءً علمياً ترأسه د. صلاح جرار و...زير الثقافة السابق، نائب رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية وعضو المنتدى، لمناقشة كتاب "الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية" للباحثة الأردنية د. رشأ الخطيب، أستاذة الأدب العربي والمحاضِرة في جامعة الزيتونة والجامعة العربية المفتوحة، والصادر حديثاً عن هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة. وشارك في اللقاء د. فايز عبد النبي القيسي، أستاذ الأدب الأندلسي والمغربي في جامعة مؤتة، وكايد هاشم مساعد أمين عام المنتدى.
وأكد د. صلاح جرار في كلمته، التي شكر فيها المنتدى على عقد هذا اللقاء، ما يبينه اللقاء من أهمية في توجيه طلاب الدراسات العُليا والباحثين في الدراسات الأدبية والتاريخ الثقافي، ومنها الدراسات الأندلسية، إلى التخلّي عن النمطية في اختيار موضوعات بحوثهم، والتعامل معها بنظرات جديدة وغير تقليدية، تؤدي إلى المزيد من الكشف العلمي المنهجي عن عناصر الثراء الفكري والحضاري في التراث الأندلسي والكنوز الإبداعية في الحضارة العربية والإسلامية، وصونها، واستلهام معطياتها.
وأوضح ضرورة الحفاظ على النظرة العلمية الموضوعية المجردة من الأحكام المسبقة في الدراسات التي تتناول جهود الآخرين فيما يتعلق بتراث العرب والمسلمين الأدبي والفكري وحضارتهم؛ مشيراً في هذا الصدد إلى ما قدمه الأساتذة الرواد العرب في العصر الحديث في حقل الدراسات الأندلسية، من بلدان عربية مختلفة، ومنهم في الأردن د. إحسان عباس، و د. عبد الكريم خليفة، وكذلك عدد كبير من المستشرقين والمستعربين، ولا سيما من الإسبان.
وأثنى د. جرار على الجهد المتميز الذي قدمته د. رشأ الخطيب في كتابها، والمنهجية التي اتبعتها في معالجة موضوع البحث الذي اختارته، واستثمار إجادتها للغة الإنجليزية خصوصاً في الاطلاع على مصادر ومراجع بهذه اللغة تتصل بالموضوع مباشرةً، وعدّ كتابها إضافة ذات قيمة في ميدان الدراسات المتعلقة بالأدب الأندلسي واستقباله في الغرب الأوروبي.
وتحدثت د. رشأ الخطيب عن تجربتها في إعداد هذه الدراسة والصعوبات التي واجهتها، مستعرضة مضامين فصول كتابها، وقالت إن من أهم ما توصلت إليه من نتائج هو أن المدرسة الاستشراقية البريطانية هي جزء من النظرة الغربية العامة تجاه الأندلس، إلا أن ما يميز عمل المستشرقين والباحثين في بريطانيا في مجال الدراسات الأندلسية عامة هو أن عملهم جاء لإثبات حضور بريطانيا في هذا المجال من الدراسات، الذي كان حكراً على مدارس أخرى فيما مضى، وبيان أن اهتمامات بريطانيا بمناطق شرقية محددة بناءً على متطلبات نفوذها الاستعماري السابق لا يمنع من ارتياد آفاق جديدة من البحوث الشرقية.
وأكدت أن الصورة مع مطلع القرن الحادي والعشرين أصبحت مختلفة تماماً، إذ لا يستطيع دارس الأدب الأندلسي اليوم أن يتجاوز أعمالاً مهمة في هذا المجال أنجزها باحثون في بريطانيا. وأن لبريطانيا إضافات واضحة في هذا المجال، ولا سيما في موضوع الأدب الشعبي الأندلسي، وقد اتخذت سمتاً مغايراً إلى حدٍّ ما عما شاع من قبل في دراسة الأدب الأندلسي لدى المدارس الأخرى الغربية، من خلال دراسة النصوص الأدبية الأندلسية نفسها وبناء الاستنتاجات عليها، دون الاكتفاء بما تقدمه النظريات والمناهج الأدبية التي تعنى بالبحث في أجواء النصوص.
من جهته، قدَّم د. فايز القيسي مراجعة نقديّة للكتاب أشار فيها إلى أن المؤلِّفة نجحت في سعيها إلى رصد ما أنجزه المستشرقون والباحثون في بريطانيا في مجال الأدب الأندلسي، وتمكنت من استقراء تلك الجهود ووصفها وتقييمها، وبيان منزلتها من الجهود الأوروبية في دراسة أدب الأندلس، في إطار الاستشراق الذي يمثل جهداً علمياً غربياً لدراسة حضارة الشرق وتراثه والاهتمام به، بعيداً عن ربطه بواقع المستشرقين وغايتهم ودوافعهم السياسية والدينية المختلفة.
وأضاف أن أهمية هذه الدراسة تبدو في أنها تناولت موضوعاً لم ينل حظه من الدراسة والبحث، فجاءت عملاً علمياً يسد الحاجة في المكتبة العربية إلى دراسة علمية جادة متخصصة، وهو أمر يشكل ضرورة ملحة لدى الباحثين من العرب والمستشرقين، في مختلف الجامعات ومراكز البحث العلمي عامة، ومراكز البحوث والدراسات الأندلسية خاصة.
وعدَّ د. القيسي هذا الكتاب أول دراسة عربية في ميدان دراسة الأدب الأندلسي عند المستشرقين البريطانيين، وثالث دراسة عالمية تتناول هذا الموضوع بعد دراستين لباحثين بريطانيين هما ليونارد باتريك هارفي، وريتشارد هتشكوك. وقال: إن الباحثة لم تخضع في دراستها لأحكام مسبقة، أو لآراء نمطية حول الاستشراق، وكتابها يسعى إلى كشف الحقيقة العلمية وإنصاف الآخرين وتقدير جهودهم، وينبه إلى نماذج مهمة من دراسات المستشرقين في دراسة الأدب الأندلسي، مما يسهم في إضاءة كثير من جوانب تراثنا في الأندلس التي ما تزال بحاجة إلى البحث والدراسة.
كما ناقش استخدام الباحثة لعدد من المصطلحات، موضحاً أن اصطلاح المستشرقين الجُدد الذي ظهر في العقد الأخير من القرن العشرين، خاصة خلال أزمة العراق وغزو بغداد، يطلق على عدد من المستشرقين من غُلاة الصهاينة والمحافظين الجدد الذين لا يخفون عداءهم للعرب والإسلام، فيما مصطلح "المستعربين الأكثر مناسبةً للدلالة على الباحثين الغربيين في ميدان دراسة التراث الأندلسي. وأن الاستعراب فرع من الاستشراق يعني تخصص بعض الباحثين غير العرب، غربيين أو آسيويين، في دراسة القضايا العربية دون سواها.
وكان كايد هاشم قد ألقى كلمة في مستهل اللقاء، باسم الأمانة العامة لمنتدى الفكر العربي ، أشار فيها إلى تشجيع المنتدى، الذي يرأسه سمو الأمير الحسن بن طلال، ومساندته وإسهامه في التعريف بالجهود الفكرية المتميزة، وبخاصة تلك التي يقوم بها الجيل الجديد من الأكاديميين والباحثين العرب، والتي يقدمون فيها إضافة معرفية وقيمة علمية وبحثية، ضمن رؤية المنتدى النهضوية للإسهام في تعزيز الوعي بالمرتكزات الحضارية العربية والإسلامية، وكذلك تعزيز الإغناء الثقافي، وأُسس المشتركات الإنسانية، فضلاً عن تشجيع إنتاج الفكر القائم على البحث والتفكير العلمي.
وقال: إن التجربة الحضارية الأندلسية الفريدة في التاريخ الإنساني، بفكرها وأدبها وفنونها وآثارها وبكل مكوناتها وامتداداتها الوجدانية والمادية، ما تزال موضوعاً مثيراً للفكر والبحث والدرس في العالم العربي والإسلامي بمشرقه ومغربه، كما في الغرب، ولا سيما لدى الإسبان الذين نشترك وإياهم في هذا التراث، وكذلك في باقي الدول الأوروبية وأمريكا على تفاوت درجات الاهتمام بتراث الأندلس في هذه الدول، مشيراً إلى أن الخصوصيّة الأندلسية ارتفعت فوق الطوابع المرحلية والآنية لعلاقات الشرق بالغرب، بما تمثله من روافع وجسور الاتصال الحضاري بينهما، كما سَمَت هذه الخصوصية على الصراعات لتظل شاهداً على العمق المعرفي الذي حفرته حضارة العرب والإسلام قيماً ومبادىء ومرتكزات في ارتقاء المسيرة الإنسانية والعقل الإنساني. وأوضح أن منتدى الفكر العربي معني بمسار الدراسات الأندلسية في سياق رصد وإبراز أثر الفكر العربي والإسلامي في الفكر العالمي.
حضر اللقاء جمهور من الأكاديميين والباحثين والمثقفين والمعنيين وعدد من أعضاء المنتدى، ودار نقاش موسع حول قضايا مختلفة تطرق إليها المتحدثون وتناولها الكتاب.