أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 يناير 2020

تصوير الآثار الأندلسية


كانت الرومانسية قد غمرت -في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر- عالم الفن والأدب في أوروبا، وكانت الآثار الأندلسية في إسبانيا قد لحقت بكل ما غدا محل تقدير الرومانسية وعلا كعبُها في هذا الشأن.
وفي الفن والعمارة والآثار غدا العمران الأندلسي بمختلف حقبه ونماذجه- موضوعاً للفنانين والرحالة والأدباء...، واستُلهمت الحمراء في غرناطة وغيرها من الأماكن الأندلسية لتكون عنصراً فنياً أصيلاً في أعمال عدد من المبدعين الروّاد.
أقدم لكم في هذا المنشور عددا من الأعمال الفنية المعمارية المعبرة عن هذه الحركة، وهي تقدم شهادة بصرية لتوثيق الآثار العمرانية الأندلسية في زمان إبداعها، قبل أن تتربع الكاميرا والصور الفوتوغرافية مجال التوثيق البصري.

والأعمال المقدمة هنا هي أولاً نماذج من رسومات هنري سوينبرن (ت1803) الرحالة الإنجليزي، ابن السير جون سوينبرن،الذي شغل نفسه بدراسة الأدب والفن في فرنسا وجنوة وفلورنسة، وزار إسبانيا في 1775-1776، وصوَّر بعض آثارها الأندلسية والرومانية في كتاب رحلته Travels Through Spain ؛ الذي يعد أول كتاب في إنجلترا عن آثار إسبانية. ومن الجدير ذكره أن سوينبرن شهد إنزال عقوبات محاكم التفتيش لبعض العائلات الموريسكية بتهمة ممارسة الشعائر الإسلامية في أثناء رحلته، -أي أنه بعد أكثر من مئة وخمسين عاماً على تنفيذ قرار طرد الموريسكيين من إسبانيا وأكثر من مئتين وخمسين عاماً من سقوط غرناطة- كان الإسلام ما يزال حيا في نفوس بقايا الأندلسيين على الرغم من كل شيء!.








أما العمل الثاني فهو للمعماري جيمس ميرفي كافاناه (ت1814) وهو مهندس إيرلندي الأصل درس الرسم في دبلين وهو في سن الخامسة عشرة زار البرتغال في العام 1788 ثم زار إسبانيا في العام 1802؛ وبقي هناك سبع سنوات عاكفاً على دراسة العمارة الإسلامية وتسجيل تفاصيلها المعمارية المتقنة الصنعة في 11 لوحة، وقد عمل على تدوين ملاحظاته ومشاهداته عن العمارة الإسلامية التي نُشرت بعد وفاته في كتابه:
The Arabian antiquities of Spain
















أما العمل الثالث فهو للفرنسي ألكسندر دي لابورد (ت1842) وهو كاتب وآثاري عمل تحت إمرة نابليون فذهب في سفارة لإسبانيا، بين سنتي 1800-1801 وتمكن فيها من متابعة شغفه في دراسة فن إسبانيا وتاريخها، فعكف على دراساته لسنوات عدة، وبمعاونة فريق من الرسامين وبتمويله الخاص أصدر كتابه:
 Voyage Pittoresque et Historique de l'Espagne .


ويُصَنَّف الكتاب في أدب الرحلة التي تميز بها القرن التاسع عشر، ولكن تتجلى قيمة الكتاب في تأثيره على الصورة النمطية السائدة للرحالة الأجانب الذين يزورون إسبانيا في ذلك الوقت. بينما كان إسهام الكتاب من وجهة النظر المعمارية والفنية- أكبر بكثير؛ فهو يوفر تفصيلات دقيقة لكثير من الأماكن التي تغيرت مع الوقت ، وهو بحق شهادة بصرية لعصرٍ لم يكن يعرف التصوير الفوتوغرافي.