بقلم : منال عبد الوهاب الأخضر
استيقظت هذا الصباح أبكر من عادتي… فتحت حاسوبي و شغّلت أغاني فيروزية صباحية… سارعت إلى إعداد قهوتي… وضعت بعض البسكويت في طبق و عدت إلى غرفتي… فتحت النافذة على مصراعيها و رفعت الستار الذي أبقيه في العادة مُسدلا… و كأنّني بذلك أحفظ خصوصية مملكتي الصغيرة…
استيقظت هذا الصباح و بدأت بملء وقتي حتى أنفض عن روحي غبار ليلة عصيبة مررت بها.. ليلة أصبحت فاصلة في حياتي.. ليلة خرجت منها بإستنتاج واحد… هوّ أنّني إنسانة ساذجة… تعيش في إنفصال تامّ عن واقعها الذي يعجّ بظلال الفزّاعات من المنافقين و المنافقات…
ليلة أمضيتها و أنا أبكي…. أبكي كي أعاقب نفسي.. و كلّما قاربت الهدوء أغمضت عيني و تذكّرت الخيانة التي تعرّضت لها حتى ينهمر دمعي أكثر فيشتدّ ألم ناظري و صداع رأسي… كي لا أنسى أبدا ما حدث معي… جلست على طرف السرير أترشّف قهوتي و أتصفّح ألبوم صوري.. صوري مع أفراد عائلتي و مع أصدقائي الذين لم تكن بينهم تلك التي سبّبت لي تمزّقا في عضلات الروح و ثقبا في صمام الأمان… فلم أعد أثق في هذه الحياة و حتى ثقتي بنفسي تعاني حالة حرجة بسبب ما فعلته بي… أخذت نفسا عميقا و توقّفت كي أُفكّر…
الأقربون طعناتهم أخطر .. فهي تأتي من مسافات قصيرة |
أتُراني أخطأت في حق تلك التي إعتبرتها يوما ما صديقة؟ أتُراني أستحقّ ما فعلته بي؟ أم أنّني أخطأت بحقّ نفسي حين سمحت لشخص مثلها بأن يكون أحد شخوص حياتي؟… لقد كنت أؤمن دوما بأنّ إحساسنا الأوّلي تجاه شخص ما غالبا ما يصدق… فإذا شعرنا بالإرتياح نحو أحدهم فإن شعورنا ذاك هوّ إشارة إيجابية كي نتقبّله في حياتنا و إذا راودنا شعور سلبي تجاهه فمن الضروري أن نحذر منه… و لكنّي حطّمت ذاك الإيمان يوم تجاوزت ما رأيته في عينيها من خبث و لؤم و إتّخذتها صديقة… بكيت من أجلها حين كانت تتألّم و ضحكت معها حين كانت سعيدة… كنت أتجاهل كلّ الإشارات التي وضعها القدر في طريقي كي أحذر منها فكان عقابي أن طعنتني بظهري دون أن تضع إعتبارا لما عايشناه معا… ربّما لأنّها زائفة بالأساس… غير حقيقية… كاذبة… بل أكثر من ذلك… شريرة و حقودة… ربّما لم تكن صداقتها حقيقية و لكنّ خيانتها جدّ حقيقية…لعلّ كلّ ما في الأمر أنّها إتّخذتني عدوّة منذ اللّحظة الأولى لكنّي خلتها تتودّد لي… ربّما و ربّما و ربّما… كلّها إفتراضات يعجّ بها رأسي في حين يحثّني عقلي الباطن على العودة إلى النوم حتى لا أشعر بما أشعر به من خيبة و ألم… و حتّى لا أصبّ جامّ غضبي على نفسي… و لكنّي مصرّة على أن أستجمع شتات روحي و أن أسند نفسي بنفسي و أمضي…. فرغم خيانة إحداهنّ لي إلاّ أنّ حولي صديقات حقيقيات… و في حياتي الكثير ممّا يدفعني إلى الإنتفاض على حالة الحنق و الغضب التي تتملّكني…. لن أخون نفسي و أستسلم… فقط لقد أدركت أنّي في حاجة إلى دروس مكثّفة في الحياة حتى أتخلّص من سذاجتي… لقد أيقنت أيضا أنّ في هذا العالم مسوخ على هيئة بشر…
على الأقلّ أصبحت أعلم الآن أنّك لا تحتاج أن تؤذي الآخرين حتى يأتي من يؤذيك… يكفي أن تكون حقيقيا… صادقا و نقيّا حتى يأتيك الأذى من حيث لا تدري…
وللأسف هكذا هي الحياة…