بقلم: بسمة النسور
موقع العربي الجديد
صرّحت النجمة الجميلة، خفيفة الظل المحبوبة، جنيفر آنستون، بشكل هادئ ورزين وغير انفعالي، وهي الزوجة المخدوعة التي تعرّضت للخيانة، إن الطلاق المدوّي الذي تم بين براد بيت وغريمتها اللدود أنجلينا جولي الأسبوع الماضي، هو تحقق (الكارما)، أو العاقبة الأخلاقية، بمعنى أن من قام بالظلم بالعدوان يوماً سوف يتعرّض للظلم والعدوان بالضرورة، وفق هذا القانون البسيط الذي يحقّق العدالة على الأرض، ويتيح للمعتدى عليه تذوق حلاوة الانتقام العذب.
وكانت آنستون قالت، في تصريح سابق، إنها، بعد مرور عشرة أعوام من الشعور بالمرارة والغضب والحزن والإحساس بالخذلان، سامحت براد وأنجلينا، ولم تعد تشعر بالغضب تجاههما، وهذا، بحد ذاته، وعلى فرض أنه كلام حقيقي، وليس مجرد رد دبلوماسي، نصحها به خبراء ميديا، درس إنساني جميل في مهارة التسامح وأهمية المضي في الحياة والبحث عن أسباب السعادة فيها، على الرغم من الأحزان وانكسار الخاطر وخيبة الأمل والإهانة العلنية التي منيت بها، على مرأى من العالم، كامرأة متروكة جرى التخلي عنها من أجل امرأة أخرى، وهذه أكبر إساءة يمكن أن توجّه لأنثى.
قدّمت هذه الفنانة ذات الحضور العفوي درساً في اللباقة والتهذيب، ربما يحتاج كثيرون من جمهورها، في العالم العربي خصوصاً، وهم الذين أبدوا تشفياً وشماتة كبرى، ربما يحتاجون التعلم من المصير الذي حلّ بأنجلينا جولي، وهي، بحسبهم، الطرف الشرير في هذا الثالوث الهوليودي ذائع الصيت، حيث صنفوها "خطافة رجالة وخرابة بيوت"، كون براد بيت مجرد رجل أبله سهل الانقياد، عديم الإرادة فاقد الأهلية، بحيث سطت عليه، وصار من أملاكها، بمجرد أنها أرادت ذلك. وهكذا، ومثل العادة، تُدان الأنوثة جمعياً، باعتبارها سبب الغواية ومصدر الشرور كلها. الطريف أن الشامتات بها من النساء كثيرات، لعل أبرزهن فيفي عبده التي أجابت مرة عن سؤال في مقابلة تلفزيونية عن عدد زيجاتها، قائلة إنها ليست متأكدة من أنها خمس أو ست، فغرّدت على "توتير"، مخاطبة أنجلينا: "معلش، يا أنجلينا يختي، أصل الرجالة كلهم كده يا حبيبتي".
وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخرة عن مغبة انهماكها بالقضايا العامة، ومتابعة مآسي اللاجئين، وإهمال رجلها، في سياق المنطق التبريري نفسه، الذي يغفر للرجل خطاياه، ويصنفها ضمن الهفوات الصغيرة التي يمكن غفرانها، فيما إذا تحلت المرأة بالحكمة والصبر. وكان الخبر الصاعقة، بحسب وصف خبراء أعلام، انتشر وسط تضارب معلومات وإشاعات حول أسباب الطلاق الذي بات حديث الساعة، وانشغلت وسائل الإعلام، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم بأسره، في أصداء النبأ الجلل، وانخرط محللون في التحليل والتوقع والمتابعة.
وهذه مسألة مثيرة للعجب حقاً، إذ لا غرابة في هذه النهاية المتوقعة لعلاقة استنفدت أسباب بقائها. وبما أن الأرض كروية، والأحداث فيها لا تتوقف عند أحد، مهما كان مشهوراً أو مؤثراً، بما أن دوام الحال فيما يتعلق بالبشر يدخل في نطاق الاستحالة، لأن هناك دائماً نقطة نهاية، علينا أن نقبل بها، طالما احتفلنا بالبدايات. تلك طبيعة الأمور، والأحداث الحزينة جزء من مسار الحياة، كما أن من المملّ جداً أن تبقى الأشياء على حالها، رتيبةً متكرّرة، لا جديد فيها، لا يبقى شيء على حاله، وأن العلاقات الإنسانية حقل شائك سريع التغير، لا تبقى على إيقاعٍ واحد، وبما أن أمزجة الناس ومشاعرهم، كما أمنا الطبيعة، تتبدّل دورياً، فيصبح حبيب الأمس عدو اليوم، وزوج اليوم طليق الغد وهكذا.
ويبقى السؤال مشروعاً بشأن سر ارتجاج الدماغ الذي أصاب كثيرين من سكان هذا الكوكب، لمجرد إعلان الثنائي (برانجيلنا) عن نبأ طلاقهما. ألا يتطلق الناس يومياً في كل مكان يا عمي؟ وهل الناس من السذاجة والسطحية، بحيث ما زالوا قادرين على تصديق أكذوبة الحب المثالي كامل الأوصاف، حيث لون الحياة بامبي، والعصافير تزقزق على الدوام. صحيح أن أنجلينا أهدته جزيرةً على شكل قلب، ثمنها 12 مليون دولار حين بلوغه الخمسين، لكن ذلك لن يمنع من إعلان وفاة الحب، حين تحين ساعته، لا شيء كفيل باستبقائه، ولا ينبغي، والحالة هذه، سوى إفساح المدى أمامه، حين ينوي الرحيل، مردّدين مع فيروز، بنبل ورفعة، وبكثير من الحزن: الله معك يا هوانا.