بقلم إكرام الزعبي

عليك أيتها الأم أن تفتحي (إيميل) مدرسة أولادك ثلاث مرات في اليوم؛ لتتفقدي واجب الرياضيات أو الإنجليزي، أو لتقومي بطباعة فصل من الرواية المقررة. عليك أن تتذكري شبكة من المواعيد والواجبات الخاصة بجميع أفراد العائلة، وبك. بهذه الأثناء عليك أن تُركِّبي طنجرة الغداء على النار لتجهيز الطعام قبل ذهابك الى الدوام، فرائحة تقطيع البصل هي أفضل (كاموفلاج ) للتغطية على دموعك، هذا اذا كنتِ (زعلانة) من أحد- بحالات نادرة جداً - لا سمح الله .
فإذا كنتِ من ذوات الذاكرة السَمَكيّة ( زي حالاتي ) فعليكِ أن تتعلمي سُرعة الرّكض ، أو أن ترفعي سرعة السيارة الى 90 بطريق الذهاب إلى المدرسة؛ حيثُ نسيتِ أمر يوم اللغة أو يوم المُعلِّم، أو (برزنتيشن ) الولد أو البنت.

تذكري أيضاً أين وضعتِ بدلة الرياضة، والربطة الزرقاء، والمفتاح الإنجليزي. ولا تنسي المغسلة التي تُسّرب المياه، والكرتون الأزرق الذي طلبه الولد. وبطريق المكتبة تذكّري قبل شراء (فعطات نُمرة 5 ) أن تَمُرِّي على الخياط لتقصير البنطلون. هل نسيتِ حفلة بنت خالتك يوم الخميس؟ وهل نسيتِ آخر موعد لتجديد البطاقة؟ ما هذه الذاكرة التي لا تقبل القسمة على خمسة آلاف مُهِمِّة؟ سامحكِ الله يا أمّ آخر زمن! ألا تشاهدين الحلول السحرية على اليوتيوب؟ اشربي ثلاث ملاعق بزر الكتان على الريق، مع معصور قشر البطاطا، وذيل الضفدع الفسفوري!

أسرعي واسرعي كي لا يفوتك حجز الصالون، أو موعد الطائرة، أو موعد الولادة. ادخلي الدوامة كي لا تخرجي منها بقوة الطرد المركزي، أو الذكوري، وامسحي من قوائمك (جروب) العائلة، وعناوين صديقات أيام الجامعة، ولا ضرورة لفنجان قهوة عابر مع الجارة، فأنت لا تعرفين اسمها أصلاً. حجتّك متوفرة دائماً : (مهووو) الأولاد. الأولاد ، الله (يخليهم).
تحبينهم أكثر من روحك، ومع ذلك يُلازمك شعور الذنب بالتقصير تجاههم، فظلي في دائرة التعذيب النفسي وقلق المستقبل ، ولا بأس لو رأيتِ كوابيس الأفاعي، والمرأة السوداء ذات الشعر المنكوش. بهذه الحالة فدواء (البروزاك) يُناسب الدلوعة، أما المٌتماسِكة عُنوةً، فعليها أن تقفز من نومها كالملدوغة، و(تتفل) ثلاث مرات على الشمال. الكوابيس بشأن مُستقبل أولادك، ومنظر الشهادة المُمَزّقة في الحلم، والوحش الذي يحمل الساطور و( يهبِد) رأسك فيه، كل هذا طبيعي، طبيعي جداً، فقط تعوّذّي بالله من الشيطان الرجيم.

قومي، اركضي، تحدّثي مع نفسك وأنت تقودين السيارة؛ فاذا انكشف أمرك قولي: ' لقد كنت أتحدّث عبر سمّاعة (الموبايل)'! عادي جداً، لا ضير في ذلك، فأنتِ (سوبر ليدي). أنتِ زلزال بقوة سبع درجات على مقياس ريختر!