أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 أبريل 2014

رحلة أفوقاي الأندلسي: منزلة أبي القاسم الحجري في تاريخ الاستشراق


ورقة مقدمة لـمؤتمر: 
أدب الرحلات ودوره في التواصل الحضاري،
جامعة مؤتة، الأردن، في 28-30/4/2014 

تمتد ظاهرة الاستشراق لقرونٍ عدةٍ خلت، كان من أبرز ملامحها دراسة الحضارات واللغات الشرقية، ولئن كان من الشائع أن هذه الظاهرة قد نشأت ونمَتْ بجهود أبناء أوربا من المهتمين بدراسة اللغة العربية، إلا أن هؤلاء – وخاصة رواد الاستشراق الحديث منهم- لم يكونوا بمعزل عن الاختلاط بأهل اللغة التي يدرسونها، وقد أفادوا من اتصالهم بأهل العربية فوائد جمة، عادت على أعمالهم بعوائد طيبة.
تمثل ( رحلة أفوقاي الأندلسي: مختصر الشهاب إلى لقاء الأحباب ) واحدة من الرحلات التي سجلت بنصّها وبفعلها جانباً من التواصل الحضاري بين الشرق والغرب في مطلع القرن السابع عشر، وهو القرن الذي شهد ما يمكن تسميته العصر الذهبي للدراسات العربية في أوروبا، وقد نالت هذه الرحلة مؤخرا اهتمام الباحثين لغِناها والجوانب المتنوعة التي تشتملها.
وتسعى الورقة إلى استجلاء الدور الذي قام به مؤلف الرحلة أحمد بن القاسم الحجري -المعروف بـ أفوقاي- في تاريخ الاستشراق وذلك من خلال رحلته إلى بعض البلدان الأوربية: فرنسا وهولندا، إذ التقى في أثنائها عدداً من رواد الاستشراق على هامش الغرض الأساسي من رحلته الذي كان يتصل بأمور تهم الموريسكيين الأندلسيين المهجّرين من الأندلس إلى شمال أفريقيا.
 فقد كان لقاؤه -وهو ابن الثقافة العربية الإسلامية الموريسكية- بتلك الشخصيات المعروفة في تاريخ الاستشراق عاملاً في إغناء معرفتهم باللغة العربية، كما كانت له بعض إسهامات في دراسات المستشرقين، لم تنل ما تستحق من تسليط الضوء عليها، بحيث ظلت تلك الصلات مجهولة نوعاً ما حتى أعيد توجيه الأنظار إليها من جديد.

وتأتي هذه الدراسة في إطار الحديث عن إسهامات عربية وإسلامية في تاريخ الدراسات الاستشراقية، التي شهدت رواجاً وفي القرن السابع عشر لظروف عديدة يأتي تفصيلها في موضعه، وإنصافا لبعض الرواد المجهولين ممن كانت لهم يد الفضل في تاريخ الاستشراق.

الأربعاء، 12 فبراير 2014

لقاء في منتدى الفكر العربي يناقش كتاباً للباحثة الأردنية د. رشأ الخطيب الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقيّة البريطانيّة

  1. http://www.almadenahnews.com/article/274882-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%D8%A9-%D8%B1%D8%B4%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%A8
    عمّان- عقد منتدى الفكر العربي في قاعة الحسن بن طلال ضمن سلسلة لقاءات "نادي الكتاب" لقاءً علمياً ترأسه د. صلاح جرار و...زير الثقافة السابق، نائب رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية وعضو المنتدى، لمناقشة كتاب "الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية" للباحثة الأردنية د. رشأ الخطيب، أستاذة الأدب العربي والمحاضِرة في جامعة الزيتونة والجامعة العربية المفتوحة، والصادر حديثاً عن هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة. وشارك في اللقاء د. فايز عبد النبي القيسي، أستاذ الأدب الأندلسي والمغربي في جامعة مؤتة، وكايد هاشم مساعد أمين عام المنتدى.
    وأكد د. صلاح جرار في كلمته، التي شكر فيها المنتدى على عقد هذا اللقاء، ما يبينه اللقاء من أهمية في توجيه طلاب الدراسات العُليا والباحثين في الدراسات الأدبية والتاريخ الثقافي، ومنها الدراسات الأندلسية، إلى التخلّي عن النمطية في اختيار موضوعات بحوثهم، والتعامل معها بنظرات جديدة وغير تقليدية، تؤدي إلى المزيد من الكشف العلمي المنهجي عن عناصر الثراء الفكري والحضاري في التراث الأندلسي والكنوز الإبداعية في الحضارة العربية والإسلامية، وصونها، واستلهام معطياتها.
    وأوضح ضرورة الحفاظ على النظرة العلمية الموضوعية المجردة من الأحكام المسبقة في الدراسات التي تتناول جهود الآخرين فيما يتعلق بتراث العرب والمسلمين الأدبي والفكري وحضارتهم؛ مشيراً في هذا الصدد إلى ما قدمه الأساتذة الرواد العرب في العصر الحديث في حقل الدراسات الأندلسية، من بلدان عربية مختلفة، ومنهم في الأردن د. إحسان عباس، و د. عبد الكريم خليفة، وكذلك عدد كبير من المستشرقين والمستعربين، ولا سيما من الإسبان.
    وأثنى د. جرار على الجهد المتميز الذي قدمته د. رشأ الخطيب في كتابها، والمنهجية التي اتبعتها في معالجة موضوع البحث الذي اختارته، واستثمار إجادتها للغة الإنجليزية خصوصاً في الاطلاع على مصادر ومراجع بهذه اللغة تتصل بالموضوع مباشرةً، وعدّ كتابها إضافة ذات قيمة في ميدان الدراسات المتعلقة بالأدب الأندلسي واستقباله في الغرب الأوروبي.
    وتحدثت د. رشأ الخطيب عن تجربتها في إعداد هذه الدراسة والصعوبات التي واجهتها، مستعرضة مضامين فصول كتابها، وقالت إن من أهم ما توصلت إليه من نتائج هو أن المدرسة الاستشراقية البريطانية هي جزء من النظرة الغربية العامة تجاه الأندلس، إلا أن ما يميز عمل المستشرقين والباحثين في بريطانيا في مجال الدراسات الأندلسية عامة هو أن عملهم جاء لإثبات حضور بريطانيا في هذا المجال من الدراسات، الذي كان حكراً على مدارس أخرى فيما مضى، وبيان أن اهتمامات بريطانيا بمناطق شرقية محددة بناءً على متطلبات نفوذها الاستعماري السابق لا يمنع من ارتياد آفاق جديدة من البحوث الشرقية.
    وأكدت أن الصورة مع مطلع القرن الحادي والعشرين أصبحت مختلفة تماماً، إذ لا يستطيع دارس الأدب الأندلسي اليوم أن يتجاوز أعمالاً مهمة في هذا المجال أنجزها باحثون في بريطانيا. وأن لبريطانيا إضافات واضحة في هذا المجال، ولا سيما في موضوع الأدب الشعبي الأندلسي، وقد اتخذت سمتاً مغايراً إلى حدٍّ ما عما شاع من قبل في دراسة الأدب الأندلسي لدى المدارس الأخرى الغربية، من خلال دراسة النصوص الأدبية الأندلسية نفسها وبناء الاستنتاجات عليها، دون الاكتفاء بما تقدمه النظريات والمناهج الأدبية التي تعنى بالبحث في أجواء النصوص.
    من جهته، قدَّم د. فايز القيسي مراجعة نقديّة للكتاب أشار فيها إلى أن المؤلِّفة نجحت في سعيها إلى رصد ما أنجزه المستشرقون والباحثون في بريطانيا في مجال الأدب الأندلسي، وتمكنت من استقراء تلك الجهود ووصفها وتقييمها، وبيان منزلتها من الجهود الأوروبية في دراسة أدب الأندلس، في إطار الاستشراق الذي يمثل جهداً علمياً غربياً لدراسة حضارة الشرق وتراثه والاهتمام به، بعيداً عن ربطه بواقع المستشرقين وغايتهم ودوافعهم السياسية والدينية المختلفة.
    وأضاف أن أهمية هذه الدراسة تبدو في أنها تناولت موضوعاً لم ينل حظه من الدراسة والبحث، فجاءت عملاً علمياً يسد الحاجة في المكتبة العربية إلى دراسة علمية جادة متخصصة، وهو أمر يشكل ضرورة ملحة لدى الباحثين من العرب والمستشرقين، في مختلف الجامعات ومراكز البحث العلمي عامة، ومراكز البحوث والدراسات الأندلسية خاصة.
    وعدَّ د. القيسي هذا الكتاب أول دراسة عربية في ميدان دراسة الأدب الأندلسي عند المستشرقين البريطانيين، وثالث دراسة عالمية تتناول هذا الموضوع بعد دراستين لباحثين بريطانيين هما ليونارد باتريك هارفي، وريتشارد هتشكوك. وقال: إن الباحثة لم تخضع في دراستها لأحكام مسبقة، أو لآراء نمطية حول الاستشراق، وكتابها يسعى إلى كشف الحقيقة العلمية وإنصاف الآخرين وتقدير جهودهم، وينبه إلى نماذج مهمة من دراسات المستشرقين في دراسة الأدب الأندلسي، مما يسهم في إضاءة كثير من جوانب تراثنا في الأندلس التي ما تزال بحاجة إلى البحث والدراسة.
    كما ناقش استخدام الباحثة لعدد من المصطلحات، موضحاً أن اصطلاح المستشرقين الجُدد الذي ظهر في العقد الأخير من القرن العشرين، خاصة خلال أزمة العراق وغزو بغداد، يطلق على عدد من المستشرقين من غُلاة الصهاينة والمحافظين الجدد الذين لا يخفون عداءهم للعرب والإسلام، فيما مصطلح "المستعربين الأكثر مناسبةً للدلالة على الباحثين الغربيين في ميدان دراسة التراث الأندلسي. وأن الاستعراب فرع من الاستشراق يعني تخصص بعض الباحثين غير العرب، غربيين أو آسيويين، في دراسة القضايا العربية دون سواها.
    وكان كايد هاشم قد ألقى كلمة في مستهل اللقاء، باسم الأمانة العامة لمنتدى الفكر العربي ، أشار فيها إلى تشجيع المنتدى، الذي يرأسه سمو الأمير الحسن بن طلال، ومساندته وإسهامه في التعريف بالجهود الفكرية المتميزة، وبخاصة تلك التي يقوم بها الجيل الجديد من الأكاديميين والباحثين العرب، والتي يقدمون فيها إضافة معرفية وقيمة علمية وبحثية، ضمن رؤية المنتدى النهضوية للإسهام في تعزيز الوعي بالمرتكزات الحضارية العربية والإسلامية، وكذلك تعزيز الإغناء الثقافي، وأُسس المشتركات الإنسانية، فضلاً عن تشجيع إنتاج الفكر القائم على البحث والتفكير العلمي.
    وقال: إن التجربة الحضارية الأندلسية الفريدة في التاريخ الإنساني، بفكرها وأدبها وفنونها وآثارها وبكل مكوناتها وامتداداتها الوجدانية والمادية، ما تزال موضوعاً مثيراً للفكر والبحث والدرس في العالم العربي والإسلامي بمشرقه ومغربه، كما في الغرب، ولا سيما لدى الإسبان الذين نشترك وإياهم في هذا التراث، وكذلك في باقي الدول الأوروبية وأمريكا على تفاوت درجات الاهتمام بتراث الأندلس في هذه الدول، مشيراً إلى أن الخصوصيّة الأندلسية ارتفعت فوق الطوابع المرحلية والآنية لعلاقات الشرق بالغرب، بما تمثله من روافع وجسور الاتصال الحضاري بينهما، كما سَمَت هذه الخصوصية على الصراعات لتظل شاهداً على العمق المعرفي الذي حفرته حضارة العرب والإسلام قيماً ومبادىء ومرتكزات في ارتقاء المسيرة الإنسانية والعقل الإنساني. وأوضح أن منتدى الفكر العربي معني بمسار الدراسات الأندلسية في سياق رصد وإبراز أثر الفكر العربي والإسلامي في الفكر العالمي.
    حضر اللقاء جمهور من الأكاديميين والباحثين والمثقفين والمعنيين وعدد من أعضاء المنتدى، ودار نقاش موسع حول قضايا مختلفة تطرق إليها المتحدثون وتناولها الكتاب.

الاثنين، 10 فبراير 2014

الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية


نص الكلمة التي ألقيتُها في لقاء مناقشة كتاب الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية

التي عُقدت في منتدى الفكر العربي في عمان مساء الإثنين 10/2/2014 بإدارة أد. صلاح جرار، تعقيب أ. د فايز القيسي وبمشاركة نائب أمين عام المنتدى الأستاذ كايد هاشم

بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
حكايتي مع هذا الكتاب

..كمثل طلبة الدكتوراه نبحث عن موضوعٍ معين للأطروحة حين يحين أوانُها .. وما زالت ترنُّ في أذني كلمات أستاذنا العلامة ناصر الدين الأسد -حفظه الله- (اكتبوا في مواضيع تصبحون أنتم مرجعاً لها) .. لكنْ من أين يأتي طالب دكتوراه - على ما أوتي من علم وأسباب - بموضوعٍ كمثل هذا ؟ وهل يقدر عليه كثيرون ؟
هذه الليلة وفي مقام إسداء الشكر إلى أهله أبدأ أولاً بشكر أستاذي الكبير أ.دصلاح جرار الذي اقترح عليّ الاستشراق البريطاني عنوانا للبحث عن صلته بالتراث الأندلسي... وهكذا كانت البداية.


لقد كان الموضوع مثيراً لكثير من التساؤلات؛ حين استوقفني أنــه " ليس لاسم بريطانيا – للوهلة الأولى - صدىً في مقامٍ تُذكر فيه الأندلس والتراث الأندلسي إلا فيما ندر" وكان ذلك دافعاً لمزيدٍ من البحث والتنقيب في تراث المستشرقين، وباباً لأبوابٍ كثيرة ولجتُ منها ، لأخرج في بداية المطاف بخطة عمل مقترحة لفصول الكتاب الذي بين أيديكم.
وكان من طرائف دراستي بمجملها أنها كانت على مرحلتين : مرحلةٌ في الجامعة الأردنية في السنة الأولى والثانية ، ومرحلة  ثانية لدى كتابة الأطروحة التي كانت - بحكم إقامتي - في الإمارات العربية المتحدة، وهنا في هذا المقام أزجي الشكر لأهله من الجنود المجهولين في المكتبات : مكتبة الجامعة الأردنية في عمّان، ومكتبة دار الكتب الوطنية في أبوظبي، وكانت لي خير معين، وهي إحدى مؤسسات الجهة الناشرة لهذا الكتاب: هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة..
فكان مشوار المكتبة اليومي فرصة للقاء الكتب المطبوعة منذ قرون في أوربا بأغلفتها الجلدية وزخرفها المميز ... وفرصة للتنقيب في صفحات الكتب الكثيرة القابعة على الرفوف، بانتظار من يحنو عليها، يحملها بين يديه، ويقلّب صفحاتها، وينظر في سطورها.
وقد اضطرتني قلة المادة التي تربط الأندلس ببريطانيا إلى أن ألتمس أدنى الإشارات وأصغرها إلى الأدب الأندلسي في السجلات البريطانية حتى وصلتُ إلى البدايات ، وكانت مع نشر حي بن يقظان لابن طفيل الأندلسي وترجمتها إلى اللاتينية على يد المستشرق إدوارد بوكوك الابن سنة 1671.
ثم انفتحت الأبوابُ على فضاءاتٍ أخرى وأعمالٍ تالية للمستشرقين البريطانيين حول تراث الأدب الأندلسي نشراً وتحقيقاً وترجمة، إلى أن وصلتُ مطلعَ القرن الحادي والعشرين بالوقوع على أعمال جيدة كمّاً ونوعاً للمستشرقين البريطانيين .
********

أما الكتاب فيجمع بين دفَّتَــيْه العناوين التالية موزَّعة في بابيْن، يندرج تحت كلٍّ منهما عددٌ من الفصول عن منجزات المستشرقين والباحثين في بريطانيا في دراسة الأدب الأندلسي، وذلك على النحو التالي:


يمثل الباب الأول توطئة عامة ونظرة تاريخية حول صلة الاستشراق البريطاني بالدراسات الأندلسية، قدمتُ فيه مدخلاً عاماً عن دراسة اللغة العربية في أوروبا منذ العصور الوسطى ، ثم صلة الاستشراق البريطاني بالتراث العربي الإسلامي من حيث الاهتمام بالدراسات العربية والإسلامية في إنجلترا منذ القرن السابع عشر، مروراً بالحديث عن أنشطة أخرى في بريطانيا دعمتْ العنايةَ بالدراسات العربية هناك على نحوٍ خاص، وهي جمع المخطوطات والمكتبات الجامعية. ثم خَتَمتُ الفصل بملحوظاتٍ عامة على صلة الاستشراق البريطاني بالتراث العربي.
أما الفصل الثاني من الباب الأول فكان في بيان مظاهر عناية المستشرقين البريطانيين بالتراث الأندلسي، وقد تتبَّعَ مسيرة الدراسات الأندلسية في بريطانيا ضمن سياق الاهتمام بالدراسات العربية والإسلامية، إذ لم تكن العناية بالدراسات الأندلسية ذات اهتمام خاص هناك؛ وذلك لعوامل عدة منها أن الدراسات الأندلسية نفسها لم تكن معروفة من المستشرقين في القارة الأوروبية إلا في القرن التاسع عشر؛ نتيجة لنمو النشاط الاستشراقي الملحوظ في البحوث والدراسات الأندلسية في إسبانيا وفي غيرها من الدول الأوروبية، وهو النشاط الذي كان له الفضل في الكشف عن الكتب والمصادر العربية في الأندلس، وإلقاء الضوء على النصوص الأندلسية وأهميتها وأثرها في التاريخ الأدبي الأوروبي، لكن الاهتمام بالدراسات الأندلسية في بريطانيا لم يواكب هذا النشاط الأوروبي منذ بداياته إلا على نطاق ضيق.
أما الباب الثاني فهو في المنجزات العملية والمنهجية للدراسات الأندلسية في بريطانيا وقد ضم أربعة فصول عالجت تفاصيل الأعمال التي قدمها المستشرقون البريطانيون في دراسة الأدب الأندلسي، ففي الفصل الأول محاولة لاستقراء أعمال المستشرقين البريطانيين في دراسة الأدب الأندلسي وتصنيفها، وبيان مقدار الجهد الذي بذله هؤلاء في دراسة الأدب الأندلسي، أما الفصل الثاني ففيه وقوف على مواضيع الأدب الأندلسي وقضاياه التي خصَّها المستشرقون البريطانيون بالدرس والبحث ونالت منهم العناية.
ثم الوقوف في الفصل الثالث على منهج البحث في الأدب الأندلسي لدى المستشرقين البريطانيين من حيث أصول التحقيق والترجمة، ومرجعيتهم في دراسة التراث الأندلسي، ومصطلح الأندلس الذي استعملوه في دراساتهم. وكان الفصل الأخير من هذا الباب بحثاً في اتجاهات المدرسة البريطانية في دراسة الأدب الأندلسي، وضمَّ مباحث ثلاثة، هي: أولاً ملامح منهجية عامة وَسَمَتْ أعمالَ المستشرقين والباحثين البريطانيين في دراستهم للأدب الأندلسي وهي: حضور اليهود في دراسة التراث الأندلسي، وقيود الآراء والأحكام الاستشراقية السابقة، ودراسة الأدب الأندلسي بصفتها وجهاً من وجوه الدراسات المقارنة.
وثانياً: ملحوظات حول اهتمام المستشرقين البريطانيين بالتراث الأندلسي، في حين كان المبحث الأخير في المشكلات التي تحيط بميدان الدراسات الأندلسية في بريطانيا.
********
صعوباتٌ لا بد من الاعتراف بها
يجدر في هذا المقام الاعتراف بفضل (الإنترنت) على البحث العلمي في حياتنا المعاصرة، الذي يتيح تذليل بعض الصعوبات في الحصول على المصادر قديمها أو حديثها؛ بما توفره هذا الأداة عن طريق الشبكة العالمية العامة أو من خلال مواقع المؤسسات العلمية - ومنها موقع الجامعة الأردنية ومؤسسات جامعية وعلمية أخرى - من إمكاناتٍ تجعل الباحثَ يزورُ مكتباتِ الأرضَ وهو في مكانه، ويتصفح المصادر المخطوطة والمطبوعة من غير أن يلمسها بيديه.
ولكن ذلك لا يذلل كل العقبات، فمن الصعوبات الأخرى التي أجدني مضطرة إلى الاعتراف بها: أن دراسة المصادر بلغاتها الأصلية هي عملية قد توصف بأنها من " السهل الممتنع" مهما بلغت درجة تمكّن الباحث من اللغة الأجنبية أو مستوى إجادته لها؛ وإذ أشيرُ إلى ذلك فإنه لا يمنع من القول إنّ قراءة النصوص بغير اللغة الأم هو في حدّ ذاته أحد التحديات التي تواجه الباحثين في موضوعٍ من مثل موضوع هذا الكتاب؛ فالرجوع إلى المصادر الأجنبية سواء من ناحية المصادر الأولية للمادة أو من ناحية مراجعها المساندة للبحث- هو عمل ذو وجهين:
فمن جهة يقدم هذا العمل فرصة فريدة بالرجوع إلى روح النصوص الأصلية المراد دراستها - بمفرداتها ودقائقها وتفاصيلها التي تنطبع في نفس القارئ - وبإغناء البحث بمصادر ربما تكون ذات آراء جديدة ورؤى مختلفة.
ومن جهة ثانية يبقى الرجوعُ إلى المصادر بغير اللغة الأم للباحث العربي محفوفاً بالمخاطر، إذ ربما يقع الباحثُ العربي فيما وقع فيه المستشرقون أنفسهم من قبل؛ حين أساؤوا فهم العربيةِ في نصوصها المدوَّنة أو في سياقها الاجتماعي وأدى ذلك بهم إلى ما نعرفه جميعاً من أحكام أطلقوها تجاه العرب والمسلمين على غير هدى.
خلاصة:
إن المدرسة الاستشراقية البريطانية هي جزء من النظرة الغربية العامة تجاه الأندلس، تتفق معها في أشياء وقد تفترق في أخرى، إلا أن الملاحظة الواضحة التي تميز عمل المستشرقين والباحثين في بريطانيا في مجال الدراسات الأندلسية عامة هي أن عملهم ذاك في جانبٍ منه كان محاولةً لإثبات حضور بريطانيا في هذا المجال من الدراسات، الذي كان حكراً على مدارس أخرى فيما مضى، وبيان أن اهتمامات بريطانيا بمناطق شرقية محددة - الهند والمشرق العربي- بناءً على متطلبات نفوذها الاستعماري السابق لا يمنع من ارتياد آفاق جديدة من البحوث الشرقية.
وليس خافياً أن الدراسات الأدبية الأندلسية قد بلغت أوْجَهَا عند المدرسة الإسبانية والمدرسة الفرنسية في المرحلة الاستعمارية المباشرة([1])  ثم تراجعت المدرسةُ الفرنسية بتوجيه الاهتمام منذ ستينات القرن العشرين نحو قضايا الإسلام السياسي وما شابهها. أما المدرسة الإسبانية فما زالت تتصدر هذا الميدان من الدراسات حتى اليوم.
إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن المنجزات التي حققها الباحثون الذين ينتمون إلى الهيئات العلمية البريطانية في مجال الدراسات الأندلسية منجزات جيدة، وتلبي حاجات عدة من أهمها توفير مادة علمية في البحث الأندلسي باللغة الإنجليزية.
ويبدو ذلك مهماً في ضوء المقدمة المكثفة والمفيدة التي مهَّد بها نيكل A. R. Nykl  لكتابه:
 Hispano-Arabic Poetry and It`s Relations With The Old  Provencal Troubadours
الصادر سنة 1946 حين استعرض في تلك المقدمة مساهمات الأوروبيين في دراسة الشعر الأندلسي منذ بداية القرن التاسع عشر، فلم يأتِ فيها على ذكر أعمال في هذا المجال من بريطانيا، إلا من كتابيْن من الكتب العامة صدرا في بريطانيا: واحد لمؤلفهThomas Bourke  سنة 1811 والآخر لـ George Power([2])  في 1815 ، وهما على كل حال ليس بتلك الأهمية في الموضوع، فلم أعثر بـهما في المصادر التي تؤرخ لدراسة الأدب الأندلسي لدى الأوروبيين.
وكان كلام نيكل في كتابه ذاك تقريباً منتصف القرن العشرين، أما عند النظر في الدراسات الأندلسية مع مطلع القرن الحادي والعشرين فإن الصورة قد أصبحت مختلفة تماماً؛ إذ لا يستطيع دارس الأدب الأندلسي اليوم في أوروبا أن يتجاوز أعمالاً مهمة في هذا المجال أنجزها باحثون في بريطانيا، كان من أهمها أعمال صمويل شترن وألن جونز في أكسفورد، التي أغنت موضوع الأدب الشعبي الأندلسي - أي الموشحات والأزجال - بنصوص جديدة، وأصبحت موضوعاً يستحوذ على النصيب الأكبر من الدراسات والبحوث في الأدب الأندلسي اليوم بين الباحثين الغربيين.
لقد استطاعت بريطانيا أن تمدَّ يداً لميدان الدراسات الأندلسية وتضيف فيه إضافات واضحة وإنْ كان عهدُها به جديداً ؛ لدخولها هذا المجال متأخراً عن غيرها من المدارس الاستشراقية الأوروبية. كما أن من ميزات هذه الإضافات أنها قد اتخذت لها سمتاً مغايراً إلى حدٍ ما عما شاع من قبل من نظرات في دراسة الأدب الأندلسي لدى المدارس الأخرى، باتجاهها إلى دراسة النصوص الأدبية الأندلسية نفسها وبناء الاستنتاجات عليها دون الاكتفاء بما تقدمه النظريات والمناهج الأدبية التي تعتني بالبحث في أجواء النصوص.





([1]) المقري، بدر (2004)، أدب الغرب الإسلامي في دراسات المستعربين الفرنسيين: دراسة توثيقية تحليلية، رسالة دكتوراه (غير منشورة) جامعة محمد الأول، وجدة، المغرب. ج1: ص106

([2]) Nykl, A.R. (1946), Hispano-Arabic Poetry and It`s Relations With The Old Provencal Troubadours. Baltimore: J.H. Furst Company, (Reprint 1970), p. xi, and p.xv, no. 7.

الأحد، 6 يناير 2013

صباح سقوط غرناطة...

 


تكشف التفاعلات حول الذكرى 521 لسقوط الأندلس وآراء الناس حولها عن أننا أمة مهزومة بامتياز، تستكثر على بعض أبنائها أن يقفوا أمام تاريخهم لأيام، هذا التاريخ الذي يمحى من ذاكرتنا شيئا فشيئا دون أن ندري .. بحجة أننا أمة تحب دوما التغني بالأمجاد الماضية ولا تقدم شيئا في حاضرها للبشرية.
إننا أمة مهزومة حقا منذ عشرات السنين وربما منذ قرون، ولأننا أبناء العصر الحديث الذين لم نفتح أعيننا إلا على النكبات والنكسات والهزائم، فإننا كذلك لعجزنا المتمكن فينا- عاجزون أيضا حتى عن مجرد التخيل أو التصور، إننا عاجزون عن أن نتصور أن أمتنا كانت يوما ما هي الدولة العظمى في العالم، وكانت القطب الأوحد، وكانت رمز التقدم. إننا عاجزون عن ذلك، لأننا أمة مهزومة حضاريا متخلفة ماديا ومعنويا عن الركب الحضاري للأمم الحية، لكن ومع ذلك كله فما زال فينا بقية من رمق، ما زال فينا جمرة تتقد تحت الرماد، جمرة متوهجة، وربما تنفث فينا الحياة من جديد مرة أخرى. إننا لهواننا على أنفسنا لا نقدر أن نتصور أننا كنا لعدة قرون شمس الحضارة الذهبية الساطعة في العالم، لماذا نستكثر على أنفسنا الفرح والانتشاء بحضارة كانت، وهذا حق للأمم، ليس نكوصا، إنه التماسُ ما يدفعنا إلى مزيد من العطاء والغيرة لنعيد مجدا غابرا مضى.
..وقد كشفت المواقف والنقاشات التي دارت حول القضية الأندلسية على صفحات التواصل الاجتماعي، أننا بحاجة أكثر إلى النبش في تاريخنا، فنحن نكاد نصبح أمة بلا تاريخ بلا ذاكرة، فذاكرة أبنائنا تكاد تخلو إلا من كل تافه فارغ، ذاكرة أبنائنا تكاد تنقطع بحاضر الأمة عن ماضيها، وإذا ما استمر التردي الثقافي واللغوي الذي نعاني، سنصحو فجأة ذات يوم - أظنه ليس ببعيد- على أمة منقطعة عن الماضي لن تقوى على الصمود في وجه المستقبل.
وقبل أن نبدأ ينبغي التنبه إلى أن أهل الأندلس ليسوا جميعا من خارج تلك الأرض، ومن السذاجة بمكان أن نظن أن المسلمين الفاتحين ارتحلوا إليها بعائلاتهم وقبائلهم وأهليهم…بل إن سكان الأندلس كانوا على مر الوجود العربي الإسلامي فيها، ببساطة (أندلسيين)، نعم فقط هم (أندلسيون) تعرَّبوا باتخاذ اللغة العربية لغة ثقافة ولغة حديث يومي، وأسلموا باتخاذ الدين الإسلامي عقيدة ومذهبا.. أو سالموا المسلمين وبقوا على دينهم.. فكان ذلك الخليط الرائع الذي يسمى الشعب الأندلسي مزيجا حضاريا يشبه - على نحوٍ ما- الشعب الأمريكي حاليا من مختلف الأعراق في ظل دولة واحدة..
فالذين يستهجنون الوقوف على ذكرى سقوط الأندلس، لا يعلمون أن سقوط الأندلس قد غيَّر معالم البشرية على وجه الأرض، كثير من الأشياء كان يمكن أن تكون مختلفة لو بقيت الأندلس إسلامية. بل أكاد أقول إن سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر كان أشد وطأة على الأمة الإسلامية من سقوط فلسطين في القرن العشرين، فإن فلسطين لو لم تكن محتلة الآن كانت ستكون كغيرها من دولنا العربية الأخرى في جسدنا الممزق!
أما سقوط الأندلس فقد غيَّر تاريخ البشرية، لماذا ؟! لأنه في سنة 1492 التي سلَّم في بدايتها أبو عبدالله الصغير آخر ملوك غرناطة- مفاتيح المدينة إلى الملكيْن الكاثوليكيين إيزابيل وفرناندو - ملكيْ قشتالة وأراغون - إذ لم يكن وقتها هناك شيء اسمه إسبانيا - هذه السنة هي السنة نفسها التي شهدت وصول كريستوفر كولمبس شواطئ أمريكا بمساعدة الخرائط العربية وبمساعدة علم الملاحة العربي وبمساعدة الملاحين والبحارة العرب، وما أحدثه وصوله إليها من تغير هائل في موازين القوى الدولية، وتلاشي حضارات وانبثاق أخرى.
وقبل السقوط بنحو خمسين سنة -1447- تم إنجاز الاختراع الذي غيَّر تاريخ البشرية قاطبة إنه اختراع الطباعة الحديثة، الذي جرى على يدي يوهان غوتنبرغ في ألمانيا .
إذن فقد خلَّف سقوطُ الأندلس ظواهر كبرى كان لها نتائج كارثية خاصة على العالم الإسلامي ما نزال ندفع إلى اليوم ثمنها: من الكشوف الجغرافية وما نتج عنها من توسع استعماري أوروبي في شتى بقاع الأرض، مع تغير المفاهيم وظهور المركزية الأوروبية واستعلاء العرق الأبيض واحتقار الثقافات والشعوب الأخرى. ومن تراجع السيطرة الإسلامية على طرق التجارة العالمية، مما أدى إلى تراجع حاد في الشؤون الأخرى.. ومن ظهور الطباعة وما ترتب عليه من النهضة العلمية والثقافية والتنويرية التي غيرت وجه أوروبا والعالم وقلبت المفاهيم في الأسرة والمجتمع والدولة والرعية…. وفي كل شيء .
…ولمن لا يعرف ما معنى سقوط الأندلس، يكفي التذكير بمصانع الورق التي كانت تنتشر في المدن الأندلسية، ومنها انتقلت معرفة الورق إلى أوروبا التي كانت ما تزال تكتب على الرق من جلود الحيوانات….. مصانع الورق تلك التي كانت تلبي حاجة السوق الثقافية والفكرية التي كانت تزخر بها الأندلس في ظل الحكم الإسلامي، والتي يكفي عليها دليلاً مكتبة الخليفة الحَكَم المستنصر التي كانت تضم مئات الألوف من الكتب والمجلدات قبل ألف عام، في حين أن أوروبا لم تكن تعرف ما معنى كلمة (مكتبة)، وفي حين كانت مكتبة أكسفورد - التي تأسست بعد مكتبة قرطبة بنحو خمسمئة سنة- قد نُهبت وجرى فيها بيع قطع الأثاث ومحتوياتها، وبيعت أوراق الكتب فيها قراطيس كما نستعملها نحن اليوم، لنلفَّ بها قليلا من الفشار أو بعض الترمس!
وفي حين كان مثقفو أوروبا من الرهبان يلجؤون إلى طمس الكتب القديمة المخطوطة بغسل الأحبار ليعاودوا كتابة الصلوات والأدعية على أوراقها من جديد، فأفنوا كثيرا من العلوم دون أن يعلموا ذلك، بما يعكس المستوى العلمي الحقيقي لـ(أهل العلوم) و(المثقفين) الأوروبيين في ذلك الزمان، الذي ما كنتَ لتجد فيه أندلسياً أو أندلسية لا يعرف القراءة ولا الكتابة!
إننا مع الأسف رغم ما وصل إليه كثير من شبابنا في العلوم الحديثة لا نقدر أن ندرك كم نحن مدينون إلى حضارتنا العربية الإسلامية- وجزء مهم منها في الأندلس- تلك الحضارة وما وصلت إليها التي اتكأت عليها أوروبا ولم تجد غيرها أمامها لتنهض وتمحو ظلمات العصور الوسطى التي كانت غارقة فيها، في الوقت الذي كانت أمتنا فيه تنعم فيه بنور العلم والحضارة والتسامح الديني والرقي الأخلاقي …وغيرها من ميزات الأمم المتحضرة، بما يحفزنا على أن نقبس منه من جديد لنعيد أمجادا لنا كانت.


كم من أطبائنا ومهندسينا وعلمائنا اليوم يعلمون عن إنجازات أسلافهم العلماء في الأندلس - وفي غيرها بطبيعة الحال-؟ وكم منهم يعرف مقدار ما تدين به الحضارة الأوروبية الحديثة لحضارة أجدادهم العرب المسلمين؟ كم طبيبا منهم أو جراحا أو صيدلانيا يعرف أو قرأ سطرا في الموسوعة الطبية التي ألَّفها الطبيب الأندلسي الفذّ أبو القاسم الزهراوي (التصريف لمن عجز عن التأليف) هذا الكتاب الذي بقي مرجعا وحيدا لدى الجامعات الأوروبية في كليات الطب لعدة قرون، كم واحدا منهم ألقى نظرة على الفصل الثلاثين فيه، وهو مقالة في الجراحة، وفيها صفحات عديدة تضم صورا لأدوات الجراحة التي استعملها الزهراوي من نحو ألف سنة، وتشبه إلى حد كبير ما يستعملونه الآن بين أيديهم وما يستعمله الأطباء في مستشفيات أوروبا وأمريكا، وفي المقالة كذلك وصف لعمليات جراحية دقيقة نصعب أن نتخيل كيف كانت تجري منذ ألف سنة ؟ هل نقدر أن نتصور ذلك ونصدق أنه كان موجودا ونحن مهزومون حضاريا؟؟؟ أم لأننا استفقنا على تخلفنا الحضاري فأصبحنا عاجزين كذلك حتى عن استحضار ما كنا فيه!!
هل نقدر أن نتخيل شوراع قرطبة، أكبر مدينة في العالم من حيث عدد سكانها في ذلك الزمان، الشوارع المضاءة بالمصابيح ليلاً يقوم على حراستها والسهر عليها شرطة المدينة، تنتشر فيها الأسواق والمساجد والرياض والدور والقصور والدروب المرصوفة النظيفة، في حين كانت شوارع باريس ولندن تغرق في الوحل والظلام وبَوْل الناس يلقونه من نوافذ بيوتهم على قارعة الطريق، لا يأبهون بالماء إن غاب عن أجسادهم سنوات، بل يفاخرون بعدم الاستحمام، في الوقت الذي كانت فيه قرطبة ومدن الأندلس - كباقي المدن الإسلامية- تغصّ بالحمامات العامة تأكيدا لقيمة النظافة .. هذه الحمامات التي طالها الأذى كما طال أهل الأندلس عند سقوطها؛ فقد سارع الإسبان بعد سقوط الأندلس إلى حرق الكتب وهدم الحمامات، في خطوة لا أدري ما الوصف المناسب لها: همجية، جهل، قذارة، حقد أعمى؟…..
هل نملك أن نتخيل حجم الاستعراضات العسكرية والتشريفات الأميرية والملكية التي كان يستعرض بها خلفاء الأندلس وملوكها وأمرائها قوتهم أمام أعدائهم، حتى أنها لأعجزت الأندلسيين أنفسهم قبل أن تُعجز سفراء أعدائهم حين كانوا يأتون لتقديم فروض الطاعة لحكام الأندلس.
هل نقدر أن نتخيل العقلية الفذة التي تفتقت عنها العبقرية الهندسية التي حملت المياه العذبة في غرناطة إلى قصر الحمراء وإلى بيوت الناس الرابضة على جبالها؟ أو نتخيل العبقرية التي أبدعت في أنظمة الري ونقل الماء إلى البساتين والحقول داخل المدينة وخارجها؟ ونحن الآن في مدينة عمان لا نقدر على أن نجرّ مياه "الديسي" إلا بـ"عطاءات مليونية" و"شركات فرنسية"؟!
ما هو السر العظيم والعقلية التي تقف وراء من استطاع أن يجعل تماثيل الأسود في قصر الحمراء تنفث من أفواهها الماء حسب ساعات معينة من النهار؟ ما هي الميكانيكية التي تعمل بها؟ وكيف أنتجها أهل تلك البلاد؟
… ربما نجد هذه الأمور عادية جدا في أيامنا الحالية، نظرا لما شهدته البشرية من تقدم هائل على مختلف الأصعدة، لكنها مع ذلك معجزة حضارية لمّا يفك العلماء كثيرا من أسرارها بعد.
لهذا فإن الإسبان حين أسقطوا الأندلس كانوا يدركون قيمة الإنجازات الحضارية للأندلسيين المسلمين؛ فحين كان يتم جمع الكتب العربية لتضرم فيها نيران الحقد عام 1499 في ساحة باب الرملة في غرناطة بعد طرد المسلمين، استُثنيت من هذا المصير المفجع الكتب العربية في العلوم الطبية والهندسية والفلسفية وغيرها من العلوم الطبيعية والرياضية والتطبيقية، لتأكل النيران فقط المصاحف وكتب الفقه الإسلامي والأدب العربي واللغة العربية وكل ما يمس هوية العربي ويحفظ كيانه االثقافي.. في حين حُملت بقية المجلدات إلى مراكز الترجمة والجامعات ليكون بالإمكان الإفادة منها على أفضل وجه؟ وهكذا كان..
وهكذا سُرقت حضارتنا ، ثم رُدَّت بضاعتنا إلينا بعد قرون في ثوب جديد لذا لم نعرفه، والتبست على كثيرين منا، والآن فهمنا - بعد فوات الأوان- كيف كان بعض فقهاء الأندلس يحرّمون بيع الكتب العربية إلى النصارى الإسبان، بحجة أنهم يترجمون ما فيها وينسبونه إلى أنفسهم. فكم واحداً منا يعرف أصل الكاميرا ؟ ويعرف أصل الأرقام العشرية ؟ وأصل روبنسون كروزو ؟ والكوميديا الإلهية؟ فحتى الأدب الأوروبي في نشأته لا يخلو من تأثير عربي إسلامي بوجه من الوجوه.. بل حتى اللغة الإسبانية نفسها تعود في ثلثيْن من ألفاظها إلى أصول عربية!!! فما هذا النقاء الحضاري وهل هو موجود حقا؟؟ وما حرف الثاء والخاء المتكرر فيها بكثرة -على غير المعهود في اللغات الأوروبية- إلا مثل على ما نقول.
إننا أمة مهزومة … لا نقدر أن نتخيل الآية معكوسة، حين كان الطلبة الأوروبيون يتزاحمون على أبواب الجامعات العربية في قرطبة لتحصيل العلوم التي عجزت بلادهم أن تقدمها لهم، لا نقدر أن نتخيل كيف كان شبابهم يتباهون بمعرفتهم اللغة العربية وإتقانهم لها، إلى درجة نظم الشعر والرسائل واتخاذ العربية لغة الحديث اليومي ولغة الثقافة لبعضهم.. حتى ضجَّ القس (ألبارو القرطبي) من أبناء جلدته لغرامهم الزائد عن الحد بتقليد الأساليب العربية في النثر والنظم.
ولا نقدر أن نتخيل كيف أن ملك صقلية روجر الثاني كان يتباهى بلبس عباءة مطرزة بكتابات عربية وبحروف عربية.. وبعضنا يخجل الآن من توقيعه البائس إذا كان بحروف عربية.
..وبعد، لا نقول إن التجربة الأندلسية كانت نقية من العيوب وخالية من الأخطاء، فهي كمثل تجاربنا في بلادٍ أخرى فتحها المسلمون- شابها الكثير من النقائص والعديد من العيوب.. لكن ذلك لا يمنع أن نفخر بها تجربةً فريدةً لا مثيل لها في الحضارات الإنسانية، ولا ترقى إليها نماذج شبيهة ربما تأخذ بعقلنا في عصرنا الحديث لأننا فقط "مغلوبون…ومولعون بتقليد الغالب"…رحمك الله يا ابن خلدون، هل قرأتم بعض سطوره، أعرف أن كثيرين منكم سمع به..ولكن هل قرأتم بضعة سطور من كلماته؟ إن فهمتموها.. فأنا على يقين أننا أمة ما تزال على قيد الحياة!

الأحد، 10 يونيو 2012

محضر الاجتماع 122 نادي أبجد توستماسترز


        انعقد الاجتماع رقم 122 لنادي أبجد توستماسترز عصر السبت 9/6/2012 بحضور عدد كبير  ناهز الأربعين من الأعضاء والضيوف الكرام؛ والسر وراء ذلك الحضور الطيب هو الرعاية الكريمة  لمكتب احترام القانون من وزارة الداخلية.

 وقد افتتح أمين المراسم محمد يحظية بالتحية التقليدية للتوستماسترز حيث سرد على السامعين أهداف النادي وغاياته وآداب الاجتماع، ورحَّب بالحضور الكريم ثم سلم المنصة لرئيس النادي الذي قال في كلمته الافتتاحية: إن الجميع يسأل ماذا تفعلون هنا في توستماسترز؟ ونحن نجيب بأننا بيئة تعليمية يأتيها العضو لينمي مهاراته في التواصل والقيادة عن طريق برنامج تدريبي خاص .

أما محور اجتماعنا لهذا اليوم فهو احترام القانون الذي هو معيار تحضر المجتمعات، لذا دعوني أبدأ بالترحيب بضيوف الشرف لهذا الاجتماع الأستاذ سعيد حارب، والمقدم د.صلاح الغول مدير مكتب ثقافة احترام القانون، في وزارة الداخلية في الإمارات.

ثم تسلم علي المنصوري إدارة الاجتماع بصفته عريفا للاجتماع اليوم، وقد بدأ حديثه:" لننظر إلى أي شيء حولنا في هذا الكون ولنسأل أنفسنا كيف لأي نظام من هذه الأنظمة يعمل بهذه الدقة؟ الخالق هو الله، لكنه مع هذا يأبى إلا أن يكون كل شيء منظما وفق قوانين محددة. فإذا لم تكن هناك قوانين سيسود قانون الغاب، وأعرف أن لا أحد فيكم يريد أن يجرب هذا القانون.

وفي اجتماعنا لهذا المساء نبدأ أولا مع: التعريف بأصحاب الأدوار الذين يساعدونني في إدارة هذا الاجتماع اليوم ..

ثم ابتدأت فقرة الخطب المعدة وهي الفقرة الرئيسية في الاجتماع عادة، وكانت البداية مع عائشة الرميثي في خطبتها الثامنة بهدف (دعِّم خطبتك) وقد اختارت عائشة "القانون" موضوعا لخطبتها إذ قالت: يقال إن أحد المسؤولين العرب في عاصمة أوروبية استوقفه شرطي المرور وسجل له مخالفة لتجاوزه الإشارة الحمراء، فاستغرب المسؤول هذا التصرف، وقال للشرطي: أنا سفير فالتفت إليه قائلا: مرحبا بك ..أنت في النمسا..وأكمل الشرطي تسجيل المخالفة. فلو كان هذا المسؤول في بلاد أخرى فإنه قد يستعمل عبارة أخرى مع الشرطي من طراز: "إنت ما بتعرف أنا مين؟؟" وهذه عبارة نعرفها وندرك مدى خطورتها.

لذا فكيف يمكننا التمييز بين المجتمعات؟ يكون ذلك ببساطة من خلال نظافة المدينة وطوابير الانتظار.

تذكر أول طابور وقفت فيه في حياتك: طابور المدرسة، وعندما تذكُر ذلك تذكَّر أن المدرسة هي بوابة المجتمع، ودورها كبير في تنمية روح القوانين لدى الأجيال المختلفة. والأسرة كذلك لا تقل شأنا عنها.

وأختم بقصة من السيرة وفيها أن امرأة مخزومية سرقت فاهتمت لأجلها قريش واختاروا أسامة بن زيد ليشفع فيها إلى رسول الله عليه السلام، فلم يرض بذلك وقال له : أتشفع في حدّ؟ ، وروي عنه عليه السلام أنه قال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها.  وهذا يدل على أهمية احترام القانون من الكبير قبل الصغير. وكانت عائشة في خطبتها قد قدمت وسيلة صغيرة بسيطة مبتكرة لإثبات فكرة أن اتباع القوانين والتقيد بها من مختلف أفراد المجتمع يحمي المجتمع كله.

وقدمت رشأ الخطيب تقييم الخطبة حيث أثنت على كثير من النقاط الإيجابية في الخطبة ولدى الخطيبة من أهمها الثقة بالنفس والأفكار العميقة التي تعودنا عليها من الخطيبة عائشة. أما نقاط التطوير فأهمها أن تكون وسيلة تدعيم الأفكار أكثر وضوحا ومناسبة لحجم الغرفة والجمهور الذي يشاهدها ، ومحاولة التقيد باللغة العربية الفصيحة قدر المستطاع.

 

وكانت الخطبة التالية هي الخطبة العاشرة من دليل المتواصل المتمكن مع نادر أحمد الذي بدأ بقوله تعالى: " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون" ..سنوات العمر تمضي  وأيامه تتوالى وساعاته تتراكض تترى، ونحن بين كرٍّ وفرّ نسعى إلى الاستفادة من وقتنا ونحاول الابتعاد عن إضاعته ..ولكني مع ذلك لست بعيدا عن القانون فالوقت هو القانون؛ القانون لحماية مصالح المجتمع والوقت لحماية مصالح الفرد.

ولكن هل ركن أحدكم يوماً وأصغى إلى تكتكات ساعته، وهل حاول أن يطابق عقارب ساعته مع دقات قلبه؟ ..في خضم هذه الحياة ننسى هذه التفاصيل لكنا في كل يوم نسعى نحو الأمام ومن ليس عنده ذلك فحتما نفسه في مرض .

وأنت في وقتك كله في صراع بين الطموح والمتاح : الطموح يدفعك نحو القمة لتثبت ذاتك في هذه الحياة وتؤكد رسالتك فيها وتؤكد ذكراك، وبين المتاح الذي يضع أمامك العقبات والعراقيل والجدران..لكني أرقب عقارب ساعتك وأرقب تكتكات صعودك نحو القمة.. لستُ أنا –نادر- الذي يرقبك بل إنه الوقت عدوك اللدود، وأنت لا تملك طاقة للوقوف ضده.

 فالوقت هل هو ساعة محددة؟ لا ، هو شعور في الداخل ينعكس على شعورك الخارجي، فأنت تجلس مع من تحب ساعات تراها، قصيرة وتقف في طابور للحظات فتجدها طويلة .

إن شعورك تجاه الوقت هو الذي تغير ويحكمه ما ترى في نفسك في هذا الموقع.

وهناك عوامل أخرى تؤثر في الوقت كالعلم والوسيلة فمثلا أُسري بالرسول الكريم برسوله في سويعات من مكة إلى القدس ذهابا وإيابا وبينهما عروج إلى السماء، لم يغفل الله الوقت إنما جعل الوسيلة من العوامل المهمة في الوقت.

أما العوامل التي تؤثر بك تجاه شعورك بالوقت شعورك نحو الوقت يحكمه وسيلتك وعلمك في هذا الزمان قديما كانو يسافرون شهرا طويلة ثم تقدم العلم وأصبحنا نسافر المسافة نفسها في ساعات ثم تقدمنا، لكن الوقت هو الوقت ولن نغفل الزمن مهما صغر بين أيدينا.

ختاماً أنصح الجميع أن تكون ساعاتهم في البيت كبيرة كهذه ؛ لكي يرى عقرب الثواني يراقبه، وأن تكون ساعاته ذات صوت مسموع ليعلم أنها تعد عليه حركاته وسكناته ، فإن راقبتها فاعلم أنه سلاح بيدك وليس قاتلا لك رغم من قال: ( الوقت كالسيف إن لم تقتله قتلك!).

تقييم الخطبة: قدمه نوح الحمادي حيث قال: قد أحسن الخطيبُ في جوانب إيجابية كثيرة ولكن ليس هناك خطبة كاملة، ونحن دوما من خلال التقييم نطمح إلى أداء أفضل.

 ومن الملاحظات التطويرية أن الخطيب لجأ إلى القصص لدعم أفكاره ولكن تلك القصص كانت من عالم الماضي، وحبذا لو بحثنا أحيانا عن قصص من حياتنا المعاصرة  أكثر من الاعتماد على قصص الماضي. كما ينبغي ملاحظة محاولة ربط المقدمة بالخاتمة بالنسبة للخطبة.

وبهذه الخطبة العاشرة يكون نادر أحمد قد أكمل مشروعه العاشر، وانتهي من الدليل الأول وهو دليل المتواصل المتمكن لينتقل إلى المرحلة التالية مرحلة المتواصل المتقدم..فهنيئا له وللنادي هذا الإنجاز.

ثم نعود أدراجنا إلى الخطبة الأولى لمريم الأحمدي بهدف كسر الجمود..وما أجمل هذه الخطب إذ لها نكهة خاصة لأنها الخطوة الأولى لعضو التوستماسترز ليقف أمام الجمهور.

قالت مريم: من منكم من مواليد السبعينات؟ يرفع عدد من الحضور أصابعهم إيجاباً ..إنكم تعودون معي إلى عالم الطفولة: مجلة ماجد وموزة ورشود.. استلمت من المجلة بطاقتي الصحفية وأنا في الابتدائية..   جيل السبعينات جيل افتح يا سمسم .."مع حمد قلم " كانت أول جملة تعلمتُها في المدرسة! كنت لاعبة مفترسة في كرة القدم وكنت البنت الوحيدة في معمعة التراب ثم كان بانتظاري الخيزران في نهاية المطاف.

درست في كليات التقنية وأخيرا عملت في وزارة الداخلية..معلمي الأول في القانون الحاضر معنا اليوم د.صلاح الغول. نشأت يتيمة  وكانت أمي تعمل لتأمين لقمة العيش لنا، كنت أعشق الأنشطة المختلفة وقد لا أتمكن من المشاركة الفعلية فيها أحيانا بسبب التكاليف المادية، وكان لهذه الأنشطة السر في دخولي عالم المجتمع المدني والعمل التطوعي. إن لحظة الانضمام إلى العمل التطوعي تجعلك قادرا على اكتساب مهارات التوماصل مع الآخرين وتكسبك قدرة جبارة ومهارات لا حدود لها لم تكن في الحسبان.

الآن أنا أم وعندي أربعة أولاد أكبرهم عمر في الجامعة..وغدا هو يوم ميلادي وأحببت أن أهدي نفسي الخطبة الأولى في نادي أبجد توستماسترز.

تقييم خالد النقيب: "لقد كسرتِ الجمود وأهديتِ نفسك هدية مميزة في عيد ميلادك، مبارك لك هذا الإنجاز، ونرجو لك أن لا تنقطعي عن مشاريع الخطب وتواصلي فيها .

ومن النقاط الإيجابية في الخطبة والخطيبة حس الفكاهة خاصة السؤال الأول: عن جيل السبعينات. 

أما عن نقاط التطوير فلن أستفيض فيها اليوم إذ إن أهم إنجاز في الخطبة الأولى هو أن تتكلمي أمام الجمهور وهذا ما تحقق".

ثم قد فؤاد علي خطبته الأولى أيضا كسر الجمود..

"..في أول حياتي أحببت كرة القدم في نادي الفلاح بأبوظبي وكنت وأنا صغير أنظر إلى اللاعبين هناك مع أطفال الحي نراقبهم.

ويعجبني كذلك إلقاء الخطب. فأول مرة تكلمت فيها كانت وأنا في الجامعة في مؤتمر للطلبة، وأتذكر وأنا في المدرسة أنهم حين كانو يستدعوننا للإذاعة المدرسية نهرب من الحديث، أما إذا كان الداعي للعب الكرة فكنا نهرول إليها مسرعين. وفي ذلك اليوم تكلمت سبع دقائق لم أدر بها وكان صوتي متوترا ولم أدر ِكيف تكلمت؟

أما أجمل الخطب برأيي فهي التي تولد من قلب الحدث؛ مثل موقف أبي بكر وقت وفاة الرسول عليه السلام والخطبة التي ألقاها في الناس الذين كانوا يكذّبون الخبر. كما أنني أرى أن العساكر والجنود هم أكثر الخطباء إجادة لهذا الفن لأنهم ينطقون من رحم الحدث.

وفي الختام أذكركم بحكاية الأسد والغزال، فمع إشراقة كل صباح يدرك الغزال أن عليه أن يسابق الأسد حتى لا يهلك بين أسنانه ..ومع إشراقة كل صباح يدرك الأسد أن عليه أن يجري بسرعة حتى لا يهلك جوعاً..ومع كل صباح نعدو ونجري ولكن انتبهوا -دون ارتكاب مخالفات مرورية-!

تقييم عبد الهادي: "بدأ خطيبنا خطبته الأولى بقوة كالأسد أمام هذا الجمهور بهذا العدد وهذا إنجاز مهم ومميز، كما كانت البسمة لا تفارق محياه ..وبالنسبة لخطيب في خطبته الأولى فإن عدم الاستعانة بالبطاقات التذكيرية نقطة جيدة تحسب لك. ومن نقاط التطوير أننا أحببنا أن نسمع عن فؤاد نفسه أشياء أكثر ..كما أنك متدفق وسريع في التحدث لذا لا بأس من سرعة معتدلة في أثناء الحديث.

وختاماً أنت لم تكسر الجليد فقط، بل كسرت جبل الجليد".

وبعد اختتام فقرة الخطب المعدة وتقييم الخطباء، أدرجت في هذا الاجتماع فقرة تعليمية من تقديم د.صلاح الغول، قدم فيها موجزا عن مكتب ثقافة احترام القانون حيث أشار إلى أن البرنامج المستقل المتصل  بثقافة احترام القانون ليس معروفا على مستوى العالم، والإمارات من الدول القليلة التي تعنى بهذا الأمر، خاصة وأن بعض الدول الغربية يتربى فيها الأفراد على احترام القوانين وتغرس منذ الصغر فيهم، أما هنا فإن لدى الحكومة رؤية وصورة واضحة، فالمادة القانونية واضحة بعدم جواز الاعتذار بالجهل بالقوانين، ونحن في وزارة الداخلية من المؤسسات القليلة التي عندما يكثر زبائنها فإن ذلك مؤشر سيء، بعكس الشركات ...التي عندما يزداد زبائنها يكون مؤشرا صحيا. ولهذا جاءت هذه المبادرة للتوعية بالقوانين المختلفة في الدولة من أجل نشر ثقافة الوعي بالقوانين واحترامها. بهدف خلق مجتمع يحترم القانون، ليس من أجل تفادي العقوبة وإنما من أجل تطبيق القانون ولدينا في الوزارة برامج متنوعة لنشر الوعي القانوني في مختلف الأماكن لنصل إلى مختلف الشرائح المجتمعية. ولكل فئة طريقة وأسلوب في الخطاب والتعامل.

وبعد هذه الفقرة التعليمية المفيدة حانت فقرة مواضيع الساحة وكانت عريفتها سهام محمد التي قدمت الفقرة بطريقة مختلفة هذه المرة؛ إذ عرضت مجموعة من الصور في مواقف متنوعة وطلبت من كل خطيب التعليق على الصورة والتحدث حولها. ودارت الصور على موضوع احترام القوانين أو تجاوزها..

 

ثم حانت فقرة التقارير حيث قدم أصحاب الأدوار تقاريرهم، ومنها تقرير المقيم العام سامي الحرباوي، الذي أشاد بنادي أبجد توستماسترز وبأداء أصحاب الأدوار في هذا الاجتماع.

 ومن نقاط التطوير المقترحة، عند تقديم عريف الاجتماع لصاحب الدور أن يمهد له بالحديث الموجز عن إنجازاته زيادة في التشويق وحتى تزول الحواجز بينه وبين الجمهور.

أما ختام الاجتماع فكان بإعلان نتائج التصويت للخطباء والمقيمين، فكان أفضل خطيب لهذا الاجتماع: مريم الأحمدي ونادر أحمد، أما أفضل المقيمين فكان نوح الحمادي,, وأفضل خطيب ساحة وليد علي من ضيوف الاجتماع .

واختتم الاجتماع بتقديم شهادة تقدير لضيوف شرف هذا الاجتماع: د. صلاح الغول والأستاذ سعيد حارب.

وإلى اللقاء في الاجتماع المقبل.