..... أول مرة في حياتي أجلس إلى أستاذ من أولئك العمالقة
الذين نقرأ لهم ونتمنى مجالستهم- كانت وأنا في مرحلة الماجستير، في إحدى محاضرات
النقد الأدبي لأستاذي الدكتور إبراهيم السعافين؛ إذ كان ضيفُنا -في إحدى المحاضرات-
العلَمَ العلّامةَ الأستاذ الدكتور إحسان عباس.
وما زلت إلى اليوم بعد مرور أكثر من عقد ونصف من الزمان
على تلك الدقائق التي شرُفنا فيها بلقائه، ما زلتُ أذكر جيداً الحالة التي كنتُ
عليها في حضرة هيبة العلماء بحق التي لا تدانيها هيبة، وما زلتُ أحكيها لأولادي
ولطلبتي وأصفُها بأنها كانت التطبيق العملي للمثل الشعبي (بترمي الإبرة بتسمع
رنّتها). ربما لم أعد أذكر كلَّ ما قال هو، لكنني أذكرُ جيداً ما شعرتُ به أنا.
لم أختبر مثل ذلك الشعور ثانية إلا العام 2011 في مؤتمر
الرحلة بين فون همبولد وابن بطوطة/ جامعة ابن طفيل؛ إذ شرُفنا في واحدةٍ من جلسات
المؤتمر المميزة بمشاركة الأستاذ المؤرخ المحقق عبد الهادي التازي صديق الرحالة
ابن بطوطة، الذي أمتعَنا وشنَّف آذاننا بمداخلته وتحقيقاته حول مخطوطات جديدة
طريفة لرحلة ابن بطوطة.
هذان الموقفان كانا حاضريْن مساء أمس في الندوة التكريمية
التي أقيمت لواحدٍ من أعلام الأدب الأردني الأستاذ القاضي ماجد ذيب غنما، وقد كان
لي شرف المشاركة في الكلمات المقدمة بهذه المناسبة حول كتابه يوميات أندلسية.
لا أستطيع أن أصف شعوري، هل هو شعور الاعتزاز بأديبٍ أردني
من منزلة الأستاذ ماجد غنما؟ أم هو شعور الفخر بالنفس لأنني حظيتُ بشرف الوقوف إلى
جانب قامةٍ كتلك، من القامات الباسقات السامقات من قامات أَعلامنا الأردنيين؟
كان شعوراً
رائعاً وأنا أقف إلى جانب واحدٍ من أركان الأدب الأردني المعاصر ،ألتمس فيه روحَ
روكس العُزَيزي وعيسى الناعوري وناصر الدين الأسد وغيرهم من الروّاد، وأشتمُّ من
عبقه رائحة الشباب المثابر وروح الجمال والعدل الذي لا يفني بفناء الجسد.
جمعَتْني الأندلس بالأستاذ ماجد غنما فكانت كلماتي في
كتاب رحلته إلى إسبانيا التي سطّرها بعنوان يوميات أندلسية التي صدرت في 1978.
تجدون نص مداخلتي في هذه الندوة التكريمية على التدوينةالسابقة بعنوان :
يوميات أندلسية ل ماجد ذيب غنما