خواطر في تعديل
المناهج1
.... بعد متابعةِ عددٍ من الصور على مواقع التواصل
الاجتماعي، التي ترصد التعديلات (الشكلية) التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في الأردن مؤخراً
على بعض كتب المواد الدراسية، التي لا تخرج معظمُها عن حذفِ آياتٍ قرآنية أو طمس أحاديثَ
نبوية، وحذف صور المحجبات والملتحين، واستبدال أسماء (محايدة) بالأسماء ذات
الإيحاءات الإسلامية والمحمولات التراثية ... وما شابه.
ومن باب الفضول اطّلعتُ على كتاب اللغة العربية لتلميذ
الصف الخامس الأساسي، وقد هالني أن أجد الكتابَ - للفصل الأول والثاني- يخلو من
ذِكر الإسلام، على الرغم من الاتصال الوثيق بين اللغة العربية والإسلام!! الذي لا
ينكره أحدٌ من علماء اللغة العربية أو من غيرهم كالمستشرقين، ولا تنكره أدلةُ
الواقع ولا أخبار التاريخ!!
فزادني ذلك فضولاً للنظر في الوحدة الأولى التي يفتتح
بها طالبُ الخامس الابتدائي دروسه العربية في هذاالكتاب، وهي وحدةٌ بعنوان (لغة
الضاد)، وفيها درسٌ للقراءة بعنوان (أعتزُّ بلغتي) يمتد لـ(16سطراً)، ويتحدث عن
مزايا اللغة العربية العربية وقيمتها والاعتزاز بها وضرورة المحافظة عليها. يليه
تدريبات وأسئلة متنوعة في عدة صفحات.
لكن هذه الوحدة الخاصة عن اللغة العربية تخلو خلواً تاماً
-في النص أو الأسئلة أو التدريبات أو التعبير- من أي ذكرٍ للقرآن الكريم أو
للإسلام واتصال اللغة العربية بهما اتصالاً وثيقاً لا يخفى على أحد، وهما أمران لا
بُدَّ من ذكرهما حين الحديث عن اللغة العربية، ولا يكفي فقط توجيه الاهتمام إلى
العروبة والقومية واتصال اللغة العربية بهما.
فهل من المعقول أن تكون وحدةٌ دراسية في كتابٍ مدرسي-
تتحدث عن اللغة العربية للطلبة في دولةٍ عربية معظم سكانها من المسلمين ... ثم
تخلو من ذكرِ الإسلام، وهو ملازمٌ للعربية لا يفترقان؟!
فإن تنطَّع أصحابُ الرؤى العجيبة في ضرورة تجديد المناهج-
بأنّ العربية لغة المسلمين ولغة غير المسلمين، نوجِّه عنايتهم مثلاً إلى أثر
القرآن في نصاعة أساليب كثيرٍ من الأدباء العرب المسيحيين الذين كانت أعمالُهم
رائدةً في النهضة الحديثة، وهم يذكرون ذلك ولا ينكرونه.
ولا تفوتني الإشارة إلى نقطةٍ تافهة في الدرس لا تمرُّ
حتى على تلميذٍ في العاشرة؛ إذ يجعلُ النصُّ تعلُّمَ
غيرِ العرب للغةِ العربية إنما هو (لأنها غنيةٌ بالمفردات والمعاني!!!).
فأين المسلمون
غير العرب الذين أقبلوا ويُقبلون على دراسة اللغة العربية لأجل دينهم الإسلامي؟!!
وهل نسي مؤلفو الكتاب مئات الآلاف من المسلمين في شرق الأرض وغربها الذين لا تقوم
صلواتُهم إلا بقراءة القرآن العربي باللغة العربية؟ وهو السبب الأول في تعلُّم غير
العرب للغة العربية. يضاف إليه أسبابُ الفضول المعرفي والحاجة الوظيفية لتعلم اللغة
العربية لدى كثير من الشعوب غير الإسلامية.
فهل يمكن أن نقول إن تعديلات الكتب المدرسية، والصياغة
الفنية للنصوص، والاختيارات الأدبية، بريئةٌ مما ينسبه عامةُ الناس لهذه التعديلات
من شكوك واتهامات؟!