https://goo.gl/VThCpj
طالعتُ في أخبار الصباح خبراً مزعجاً عن مخرج سوري-أمريكي يدعى محمد بايزيد وزوجته الجميلة سماح صافي مخرجة كذلك، أو (صانعة أفلام) - كما
يحلو لهما وصف عملهما-، كنت أتابعها على فيسبوك ... والخبر المزعج أن حادثة اغتيال
المخرج بايزيد -التي تمت قبل نحو أسبوعين في اسطنبول، وأقلقتْ أصدقاءه ومتابعيه
ومعجبيه على وسائل التواصل - هي حادثة مفبركة؛ هدفها مزيد من الشهرة والأضواء وجلب
التمويل اللازم لفيلمه الجديد عن سجون النظام السوري!!
إلى هنا قد يبدو الخبر عادياً... وهناك تفاصيل كثيرة
كشفت عنها حصرياً العربي الجديد -صحيفة إلكترونية- وأرفقت التفاصيل
بفيديوهات لبايزيد في أثناء مكالماته مع شريكه في جريمة الاغتيال الوهمية يخططان
لتنفيذها، وهذا الصديق هو نفسه الذي كشف اللعبة القذرة!
تم تنفيذ العملية في اسطنبول وفق المخطط، وأسفرت عن طعنة
بالسلاح الأبيض أصابت كتف المخرج الشاب، فانشغلت مواقع التواصل وقتها، خاصة على
صفحة زوجته سماح بعبارات تواسيها وتدعو له بالشفاء والخلاص من النظام
السوري المتهم بأنه وراء محاولة الاغتيال المزعومة! ولكنْ كانت هناك أصوات خافتة
تقول إن العملية مفتعلة وليست حقيقية!!فيما صدّق معظم المتابعين والمعجبين أن
العملية حقيقية وأنا منهم ودعوتُ له في سري أن يشفيه الله مما أصابه.
ثم يتبين أن افتعال تلك الحادثة شيء صحيح، وأن المخرج
الذي ينتمي إلى قافلة (باب النجار مخلع) قد فشل في حبك عملية اغتياله على نحو ما يفعل
المحترفون، لتظهر لنا قدراته الحقيقية في الإخراج، الذي كان يملأ الدنيا به ضجيجاً
على الصفحات الزرقاء!!
واتضح أن الفبركة صحيحة؛ فقد قام هو وزوجته بإغلاق
صفحتيهما على فيسبوك تجنباً للمواجهة. وهذا يعزز صدق الصحيفة في خبرها وكذب المخرج
على جمهوره من المتابعين والمتشوقين لمهنة صانع الأفلام - وهي للمفارقة على وزن صانع الأوهام!!!- التي
كان يعرضها محمد وزوجته سماح من خلال صفحتها بطريقة مبهرة جذابة مغرية إلى درجة
كبيرة حدَّ الفتنة، حتى أنها فتَنَتْني وأنا بهذا العمر وأثارت إعجابي؛ لأن أسلوب
صفحة سماح وتدويناتها ومنشوراتها، وكذلك أهم شيء صورها البالغة الأناقة، العالية
الاحترافية لدرجة الإبهار، وقصصها وأناقتها ومجال عملها يضاف إليها حجابها ورفيقها
شريكها الشاب والحب والسفر والمغامرة التي تجمعهما...كل ذلك كان يجعلها في عيون
متابعيها ومتابِعاتها الصبايا خاصة، رمزاً جميلاً يُحتذى، ونجمة مضيئة تعمي
الأبصار.
كل هذا وإلى هنا أقول قد تبدو الأشياء عادية، وقد تحصل
في أماكن كثيرة ومع أناس أُخر...
لكن الشيء غير العادي في الخبر أو في التفاصيل هو أن
السؤال يبقى غُصّة في النفس: لماذا يختار أبطال القصص الجميلة أن يشوهوا جمالها بنهاياتٍ
بشعة، نهايات أبعد ما تكون عن الروح التي بثوها في نفوس متابعيهم؟ لماذا يختار
أصحاب الحكايات الحلوة ألا تنتهي حكاياتهم بجمال ونور وصفاء؟ لماذا يختارون أن يلطّخوا
بقذارتهم طهر الحكايات، وأن يعكّروا نقاء الصورة ويطفئوا وهجها البهي؟!
كان وقع حادثة الاغتيال المزعومة شديداً على نفوس
المحبين والمتابعين لبايزيد، خاصة أولئك الذين أعمتهم الثقة به إلى درجة الصدمة.
ربما يكون في هذا درس لكل شخص، وقد تعلمتُ بدوري الدرس
مبكراً عن المشاهير، وهو أن لا يأخذك إعجابك ومحبتك لأي كان منهم إلى درجة (تأليه)
و(تقديس) لا يستحقها على أية حال!! فقد وجدتُ – في أكثر من مناسبة- أن الاقتراب من
المبدعين الذين أحبهم وتعجبني أعمالهم، يكون في الغالب صدمة لي، وتصبح معرفتهم عن
قرب خيبةً للآمال ولمختلف التوقعات التي قد يبنيها الشخصُ حول أحد المشاهير.
يبدو أن حمى الإعلام الجديد ووسائل التواصل والرغبة
المريضة لدى الكثيرين بالشهرة والأضواء وحب الظهور تجعل المفتون فيها يُقدِم عليها
بتهورٍ ويبذل في سبيلها ما يملك، حتى لو
كان الثمن سُمعته : ماضيه وحاضره ومستقبله!
فلماذا نختار نهايات بشعة للحكايات الجميلة..لماذا نختار
نهايات حقيرة للحكايات التي كان يمكن أن تبقى نماذج لقصص ناجحة في العشق والعمل والإنجاز... ترسم للجيل أملاً
في واقعٍ صعب تضيق آفاقه يوماً بعد يوم، حتى لتكاد تنطفئ فيه القلوب وهي تسعى وراء
قلبٍ وفيّ أو روحٍ أمينة أو نفسٍ مخلصة لا تخون ولا تبيع مبادئها لقاء أي شيء!