أرشيف المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات خواطر متفرقة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات خواطر متفرقة. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 23 مايو 2014

تشويه اللغة..تشويه الفكر



حين نسمي الأشياء بغير مسمياتها تصغر العظائم ... وتعظم الصغائر

يلفت النظر كثيرا في أيامنا ظاهرة تسمية الأسماء بغير مسمياتها، فهل من أثر تحدثه اللغة فيمن تقال لهم؟؟
مثلا تسمى الخمر بـ (مشروبات روحية)..وقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم حين حدَّث ببعض علامات الساعة الصغرى حين ق...ال: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ..) وقد سماها الله خمراً في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ )
و(الزنا) يسمى (علاقات حميمة) .. ألم يسمعوا قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً)؟
و(الشذوذ الجنسي والفاحشة) أصبحت (مثلية جنسية)... وتجاهلنا أن الله سمّاها من فوق سبع سماوات (الفاحشة) ووصف بها عمل قوم لوط قائلا:( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد مِنْ الْعَالَمِين)..
و(المجاهرة بالمعاصي) صارت تسمى (انفتاح)؟ ألم يسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)؟
والكذب يسمى (دبلوماسية)؟ وتناسى الناس أن: (آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)..
و(النعرات الجاهلية والتفاخر بالعِرق دون الدين) تسمى (قومية)؟ وتعامَيْنا عن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

حين نسمي الأشياء بغير مسمياتها تصغر العظائم ... وتعظم الصغائر!

اللغة العربية ..بين البسمة والدمعة

هذه خاطرة لأحد طلبتي في الجامعة في السنة الأولى..تشي عن بعض هموم مَن يتأمل في حالنا وحال لغتنا العربية..
كانت الخاطرة من وحي امتحان محوسب للغة العربية..لم يكلف فيه المتخصصون في تقنيات المعلومات أنفسهم التغلب على المشكلات التقنية التي تواجه تعريب الامتحانات المبرمجة أو تعريب غيرها من التطبيقات الإلكترونية...

(بين البسمة والدمعة ***
بقلم عبدالله مرار

قدمت اليوم اختبارا في مادة اللغة العربية،
وهذا ...الاختبار عبارة عن مجموعة من الأسئلة
تنقسم إلى نوعين الأول اختيار من متعدد
والثاني الإجابة إما بالخطأ أو الصواب،
وبينما أنا أفكر بالأسئلة وإجاباتها، أتفاجأ
بوجود خيارت الإجابة لسؤال معين مكتوبة
باللغة الإنجليزية، واحترت وقتها أأضحك أم
أبكي من المكتوب أمامي؟، أضحك لأنه فعلا من
المضحك وجود كلمات باللغة الإنجليزية في امتحان للغة العربية،
ولأن شر البلية ما يضحك،
أم أبكي على مدى التناقض لدينا نحن بني
العرب، وعلى وجود شرخ عملاق يبصره الأعمى في
الكيان العربي، والذي تجسد مصغرا في هذا
الموقف، تناقض كتناقض الليل والنهار، الماء
والنار، الهدوء والإعصار، اليابسة والبحار،
وأتساءل هنا أهذا خطأ طبيعي عابر؟ أم هو
نتيجة منطقية لغزو ثقافي ومعرفي هو كالمرض
ينخر في عظام مجتمعاتنا العربية ؟
... قررت في النهاية اللجوء إلى حل وسط وهو أن أتبسم
وقلبي يدمع) 
Like ·  · 

الأندلس في الرياضة ...ما أحلاها


مع نشرات الرياضة التي أعتاد عليها في كل حين بسبب متابعة ابني عمر لأخبارها على القنوات الفضائية، كثيرا ما يطرق مسمعي الأسماء الأندلسية العذبة، بما يجعل الأندلس حاضرة معنا كل يوم دون أن ندري..
وما أثار في نفسي الابتسام والرضا أن كثيرا من الناس الذي يسخرون ممن يذكر الأندلس اليوم أو يتذكر ويحلم بها من جديد؛ على اعتبار أنها ماضٍ وانتهى وأنها ليست... لنا.... وما شابه هذا الكلام؛ فإنني أشعر بالرضا والسعادة وأجدني ممتنة بالذات لقنوات الجزيرة الرياضية - على التزامها اللغة العربية في برامجها - حين تتحدث عن دوري كرة القدم الإسباني ... فأحلِّق معها بسماع نغمات أسماء الديار الأندلسية، التي ضاعت منا على حين ضعف منا كما ضاعت فلسطين وبلاد أخرى..ويسمعها الآخرون وتعلق في عقولهم دون وعي.
أتوقف لأصغي لتلك النغمات وتنتعش الحروف وأنا أستمع إلى المذيع يقول:
" فريق برشلونة (لا بارثيلونة) .. وفريق قرطبة (لا كوردوبا )... وفريق غرناطة (لا غرانادا).."
وفريق بلد الوليد يلعب مع فريق مالقة.. وفريق بلنسية يلعب مع فريق ألمرية...
وهذه أخبار الدور الأندلسي..أي دوري فرق مقاطعة الأندلس جنوب إسبانيا (لا أندلوثيا كما تلفظ بالإسبانية)...
يا الله ! ما أجملها من نغمات تقول إن دروب الأندلس حاضرة ولو أنكرها المنكرون..
صباحكم اليوم بعطر الأندلس وشذاها .... 

الثلاثاء، 20 مايو 2014

سيجارة..وتفاصيل رماد

..
..كالمعتاد من طلبتي حين يحين موعد المحاضرة.. يتفرق شملهم في الممر حين يشاهدونني قادمة.. لكن مساء أمس كان مختلفا إذ لمحتُ طالبا من أحبِّ الطلبة إلى قلبي ﻷنه يذكرني بابنتي فهو في مثل عمرها..
لمحتُه ولمّا ينتهِ من التهام سيجارته بعد..فأسرع حين رآني وألقى بها أرضاً وأدار ظهره لي مستقبلاً باب القاعة.. فناديتُه أن التقط ما رميتَ على اﻷرض..
فالتقط عقب سيجارته المشتعلة.. وهو يردد عبارة غير ﻻئقة قائلا: ليش ؟!! ما أنا بدفعلهم فلوس؟!!!

هكذا ببساطة يفسر الطالب الجامعي علاقته بالجامعة: هو يدفع ... إذن عليهم أن ينظفوا قاذوراته!!  ودخل مسرورا سعيدا بإجابته تلك...ﻻ أدري لم أصابت هذه العبارة مني مقتلاً.. فمثل هذه التفاصيل ربما تجعل اﻷمل بالمستقبل الذي نحلم يموت فينا...
وجعلتني أمام تساؤﻻت ربما يراها بعضنا ترفا .. 
فلماذا نرتدي الأقنعة؟ ولماذا نتأفف من واقعنا وبلادنا المتخلفة حضاريا..ونحن سببُ هذا.. نحن سببُه بلا مبالاتنا واستهتارنا بالتفاصيل الصغيرة، التفاصيل التي من الممكن أن تبلغ بمجموعها ما يمكن أن يجعلنا في مصاف الدول التي نتطلع إليها على أنها عظيمة.. 
فإذا كانت أوقاتنا ومواعيدنا بلا ضبط ولا قيمة لتأخُّرنا عليها..فليس لنا في التحضر نصيب..
وإذا كنا نحرص على اصطناع أناقة التصرف ومعسول الكلام أمام أعين الناس..في حين أننا في دواخلنا نظهر على حقيقتنا العارية في مثل هذه المواقف....فليس لنا منه كذلك نصيب..
إذا كنا باختصار نخون أمانة نظافة الطريق وصيانة الأماكن العامة من الأذى والإهمال..فلا تحضُّرَ لأمةٍ لا تعرف الأمانةُ قلوبَها في كل شيء في حياتها..
وصَدق الحبيب المصطفى: (لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه) .. فإذا كنت تحب لمنزلك وبيتك نظافة وجمالا..فمدرستك وجامعتك والشارعُ في بلادك يحبون ذلك منكَ أيضا.

الخميس، 14 أبريل 2011

الخيانةُ ... الدُّنيا


أحقاً ما يُقال إنها خيانة عظمى؟ هل يمكننا أن نُفاضلَ بين خيانةٍ عظمى وأخرى دنيا؟ أم  أن الخيانة هي خيانة خيانة فقط؟
...رغم أنَّ الحياةَ مليئةٌ بالألوان، وكل لون فيها يتفاوت بين القوة والضعف.. والشدة والخفوت إلا أن ذلك قد لا يصدق تماماً على عالم علاقات البشر، أيمكنكَ أن تكون صديقاً قليلاً أو صديقاً كثيرا؟ أينفعُ أن تكون زوجاً قليلا أو زوجاً كثيرا؟ أيمكنكِ أن تكوني رفيقة قليلة أو رفيقة كثيرة؟ أيمكن أن تكون ابناً باراً قليلاً أو ابناً باراً كثيراً؟
لا أظن التفاضل والتفاوت أمر تسمح به طبيعة العلاقات البشرية الخاصة المعقدة، إذ "لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار" في هذه العلاقات، و"المنـزلة بين المنـزلتين" هي محضُ فكرةٍ تقبعُ في عقول الفلاسفة والمتكلمين، ولا تخضع لمنطق الحساب والتقييم.
فكيف يمكن أن نصفَ علاقةً بين اثنين ..كالحب أوالصداقة أوالأخوة أو ما شابه، هل يمكن أن نقبل في علاقةٍ من مثل هذا النوع ببعض الحب.. أو بقليلٍ من الوفاء.. أو بكثيرٍ من الإخلاص؟ هل يمكن للكأس أن تكونَ نصف مملوءة حيناً أو نصفَ فارغة حيناً آخر؟ وكيف يمكن أن تسيرَ علاقةٌ بين اثنين أو ثلاثة أو أكثر.. بكأس من هذا القبيل؟
هل يقبل أحدُ أطراف العلاقةِ ببعض الحب ليترك ما بقي من الكأس لبعض الكراهية؟ وهل يؤدي بعضَ الوفاء ليملأ الباقي بالخداع؟ وهل يقدِّمُ بعضَ الإخلاص.. ليملأ ما تبقى ببعض الاحتيال؟ أيمكن أن يحدث هذا؟ نعم يمكن ...بل هو كائن!
..لكن كيف هو مذاقُ علاقةٍ من هذا القبيل؟ أليس التسليم لأطراف العلاقة هو جزء من جمال العلاقة ودوامها بينهم؟ وإذا كنا نخصّ في الحديث- الحبَّ والصداقة وحتى الأبوة والبنوة.. وغيرها من بين العلاقات الإنسانية..فكيف يكونُ شكلُ تلك العلاقةِ بين طرفين: نمنحُ فيه الطرفَ الآخرَ بعضَ الحب لبعض الحين.. ولا بأس من الكذب والخداع والخيانة والاحتيال....فيما بقي من الأحيان.
الكذب...الخيانة... وما اشتق منهما من معانٍ تشوه العلاقات بين الناس، حتى لتعجَز اللغةُ عن المفاضلة، ولا تقدر أن تقول عنها إلا: إنه كذب.. إنها خيانة.. إنه خداع، لا أكثر ولا أقل.. لا يتجزَّأ ولا يقبل القسمة، فالكذب كذب والخداع خداع..كطعم الموت:
"فطعمُ الموت في أمرٍ عظيم  كطعم الموت في أمرٍ حقير!"
ولكن هل يشفى الحبُّ وهل تشفى الصداقةُ وهل تشفى علاقاتُ الناس.. حين يعتريها داءُ الكذب وداءُ الخيانة وداء الاحتيال بأي صورة؟ هل يمكن للقلب البشري أن يقترب من الله وأنْ يغفرَ الخطايا؟ .. سؤال مفتوح للإجابة عنه!!
لعل مما يساعد على اختيار إجابة، أن نعرف أن الحبيبَ لا يكذب حين يكذب وهو يحب، وأنَّ الصديقَ لا يخون حين يخون وهو يصادق، وأن الإنسانَ لا يدنِّس علاقاته بغيره حين يقوم بالتدنيس.. وهو إنسان.. فحين يفعل ذلك مرةً فإنه يكون في حال خاصة، يخرج فيها من رباط الحب والصداقة والرحمة والمودة.. بينه وبين غيره، ليدخل في شيءٍ آخر ودائرةٍ أخرى لا صلةَ لها بما جمع بينه وبين أولئك الذين يخونهم ويكذب عليهم..تماماً كالجريمة حين تقترفها يدُ المجرم: يقوم بها حين يقوم وهو خارجٌ عن وعيه الإنساني داخلٌ في وعـي ٍ آخر لا صلة له ببشريَّـته ولا بإنسانيّـته بنواميسها وضوابطها، وبما تملأ كيانَه من معانٍ، تجعل من ذلك الجسد وتجعل من تلك الجثة ذلك الشيء الذي نسميه إنساناً. وهي تماماً حين يكذب ويخون ويخدع..فهو يخرج من تلك الأشياء التي تحيط ببدن ذلك الشيء وذلك الكائن الذي.. نسمّيه الصديق والحبيب والأخ والأب والأم ..والأبناء!


الجمعة، 18 مارس 2011

الفرنجي....... برنجي


ذهبت اليوم عصرًا في زيارةٍ أولى لمعرض أبوظبي الدولي الكتاب، كان الوقت قريبا من أذان المغرب، وكنت أتوقع أن لا أجد موطئ قدم فيه؛ لأن اليوم هو اليوم الأول من عمر المعرض الذي يمتد لخمسة أيام فقط، لكنَّ المفاجأة كانت أنْ خلا المكانُ تقريباً من الزائرين.
المهم ..بدأتُ جولتي مستطلعةً عناوين الكتب المعروضة، أبحث عن شيء له صلة باهتماماتي: الأندلس، صقلية، الاستشراق، المخطوطات، اللغة العربية...وغيرها من مواضيع تستهويني....أو ربما أحتاج إليها في عملي.
ثم ..على بعد خطواتٍ من مجلس منبر الحوار تناهى إلى سمعي صوتٌ أحسب أنني أعرفه، فإذا بها د. عفاف بطاينة (روائية أردنية) تحاور مريم الساعدي (كاتبة إماراتية)، فوجدتها فرصة للراحة؛ فقدماي تؤلماني بسبب العمل الكثير منذ يوم الأحد وبسبب الوقوف المتواصل في المدرسة... جلست واتخذتُ مكاناً متطرفاً قصياً عن الحضور القليل العدد للجلسة.
..وعندما أتيحت للجمهور فرصة محاورة ضيفة اللقاء تكلمت إحداهن بالإنجليزية تسألها ...ووجدتني كغيري ألتفت إلى السائلة التي تسأل... لفتَ انتباهي أنها تعلِّق على مضمون اللقاء وتناقش الكاتبة في كتاباتها و..و...و...، تفعل ذلك كله وهي تمسك بيدها زجاجة حليب ترضع طفلتها التي ترقد في عربة أطفال أمامها.. تفعل ذلك دون وجل، ودون أدنى إحساس بأن فعلها فيه شيء ما يثير الـ...؟؟؟
فعاد إلى خاطري وأنا أتابع هذا المشهد  مثل هذا المجلس منذ نحو سنة أو سنتين، حين كنت حضرتُ إلى معرض أبوظبي للكتاب كي أستمع إلى المستشرق الإسباني (بيدرو مونتابيث) يحاوره الدكتور صلاح فضل، وكنا في المعرض نحن جميع أفراد الأسرة: أحمد لديه عمله مع المركز في لجنة المكتبة، والأولاد انطلقوا للبحث عن الكتب التي يريدونها.. وكان عمار ما زال صغيرا.. وللاحتياط اتخذتُ كذلك في تلك المحاضرة مجلساً في طرف الجمهور؛ تحسباً من مجيء أولادي في أثناء المحاضرة – وهي في مكان مفتوح في قاعة المعرض- حتى أتمكن من الانسحاب بسهولة إن اضطررت إلى ذلك.
وفعلاً..حصل ما توقعت ففي أثناء المحاضرة عاد أولادي وعمار معهم .. وكعادة الأطفال أخذ عمار يلح عليّ في طلب أشياء .. وربما بكى أو توسَّلَ بصوت مرتفع ..لكن طبيعة الجلسة المفتوحة وسط المعرض توحي بأنها جلسة غير معتادة -كتلك التي تكون حين نحضر المحاضرات العامة في أماكن خاصة- وتوحي بأن الحضور والانضمام إلى الجلسة هو شيء مرن..تأتي وتجلس.. وإنْ شئتَ تذهب ..دون قيود ..
وصادف في أثناء ذلك مرور أحد كبار موظفي هيئة أبوظبي للثقافة والتراث - وهي الجهة المسؤولة عن المعرض- بالقرب من المكان، ولاحظ وجود ابني يجلس في حضني في أثناء استماعي للمحاضرة...فسمعتُ من ذلك المسؤول كلاماً تبادله مع موظف آخر يمشي معه ..كلاما موجهاً لغيري..لكني وأمثالي مقصودون به.. كلامه كان عن منع تواجد الأطفال قرب مثل هذه الفعاليات الثقافية في مثل هذا المجلس، على الرغم من أن المعرض مكان مفتوح ومتاح للجميع.
...واليوم وأنا أتابع هذه السيدة الأوروبية تحضر جلسة ثقافية وتحاور فيها دون أن يمنعها ذلك من أن تعتني بطفلتها في الوقت نفسه...أتساءل أوَ لَـمْ يروا تلك السيدة الأجنبية؟  -وهي كاتبة ومعلمة- تحضر لقاءً ثقافياً برفقة طفلتها، ولا تتحرج من إرضاعها في أثناء النقاش، ولم ينتقد أحدٌ تصرفها، ولم يعدّوه غير لائق..
لا بل على العكس أنا أفهم أن هذا هو التصرف الطبيعي: أن يرى الأطفال بأعينهم آباءهم يشاركون في المنتديات الثقافية ...لا أن يسمعوا عن الكتب والقراءة سماعاً, فإذا كنا نريدهم حقا أن يكونوا مثقفين .. وإذا كنا حقاً نطلب منهم أن يقرؤوا لينفعوا أنفسهم وبلادهم في المستقبل، فلندعهم يعيشوا التجربة حقيقةً منذ تفتحهم على الدنيا، فما بالنا نقبل لهم أن يذهبوا إلى أمكنة عديدة من المراكز التجارية ودور السينما والحفلات الصاخبة ووو.....ثم نبخل عليهم بجلسة هادئة في ندوة أو مكتبة؟!.
لو كنتُ أنا العربيةُ مكانَ تلك الأجنبية هل كان ردُّ فعل المؤسسة المُـشْرِفة على المعرض سيكون واحداً؟؟؟!!!...


ربما من الظلم بمكان إثارة السؤال.. لكن التساؤل في نفسي ينفك لا يزول و لا يتوقف؛ وأنا أرى "الفرنجي برنجي" في كل شيء في هذه البلاد، التي كان أهلُها حتى عهد قريب -وربما ما زال بعضهم إلى اليوم كذلك - يتوجسون من الغرباء  قلقاً؛ لدرجةٍ قد تدفع إلى قتل الغريب، كما كان قد جرى مع عدد من المستشرقين الذين جابوا بلادنا فيما مضى..فلما ارتاب بهم العرب..كان القتل إيذاناً بطي صفحتهم من كتاب الحياة.

الأربعاء، 9 فبراير 2011

ثورة ...فيس بوك


ثورة فيس بوك


ثورة الفيس بوك...جيل تويتر...
جيل إلكتروني...شباب ياي باي.


مصطلحات عديدة تخلط البشر بالتكنولوجيا على هامش ثورة الشباب في مصر، فكثير من المقالات والتحليلات جمعت الإثنين على صعيد واحد، والدهشة علت الوجوه: كيف يمكن لشبابٍ أدمنوا الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر والموبايلات بأنواعها .. أن يتحركوا لثورةٍ ضد النظام، كيف لمثل هؤلاء الشباب يقودون ثورة.. ويصرخون.. ويهتفون ..حناجرهم تكاد تطير من مكانها، وقلوبهم تكاد تقفز من صدورهم ضد الظلم والإهانة، فأنّى لمثل هؤلاء ... وأنى لأمثالهم أن يكون لهم في الثورات "فطير أو خمير"؟.

وقد فات هؤلاء وغيرهم من الملاحظين والمراقبين أن الفيس بوك والإنترنت والموبايل...وغيرها وسائل وأدوات لا حول لها ولا قوة، هي أدوات صماء، وسلاح لا يمكنه أن يفتك بالعدو إلا إنْ كانت اليدُ التي تحمله يد الشجاع، والقلب الذي يبعث فيه الحياة قلبَ الجَسور.

..إن هذه أدوات، والأدوات تتغير من جيل إلى جيل ومن عصر إلى عصر، ومن زمان إلى زمان...فلكل زمان دولة ورجال، ولكل رجال أسلحة وعتاد، إلا أن الثابت غير المتغير عبر الزمان وعبر المكان هو الإنسان..وكذبوا حين قالوا إن الشمس مركز الكون، بل الإنسان ثم الإنسان؛ إن الإنسان محور الأشياء على هذه البسيطة، وفي هذا الكون الذي ندرك.. ليس غروراً لكن ذلك من نعم الله على هذا المخلوق، على هذا (العالَم الصغير) على هذه (الصورة) لتلك (الهيولى).

نعم هو الإنسان..يخلق الثورات ويبتدع الوسائل، سواء أكان متصلاً عبر الإنترنت أم منقطعاً، وخاب أولئك حين ظنوا أنهم بقطع الاتصالات والإنترنت إنما يقطعون دابر الثورة، خاب ظنهم حين نظروا إلى القشور وعميت أبصارهم عن اللباب؛ فجوهر البشرية وجوهر الحياة هو..هو .. لا يختلف ولا يتغير، وإنْ تغيرت الصورة واختلفت الأماكن.

إن سلاح الفيس بوك وأدوات التواصل الاجتماعي المعاصرة تصعد إلى الواجهة الآن، لا لشيء إلا لأنها موضة العصر وصرعة هذا الزمان، لكنّ ذلك لا يغير من جوهر الأشياء وحقيقتها، فالظلم هو الظلم منذ فرعون ومن قبل ومن بعد، والفساد هو الفساد صغُر أم كبر،  والبشر هم البشر سواء ألبسوا (الكاجوال) ، أو ارتدوا (العمائم)، أو (خصفوا أوراق الشجر) يسترون بها عوراتهم وأجسادهم العارية.

قلوبهم هي ذات القلوب..وعقولهم هي ذات العقول..تيارات العواطف الهدّارة.. والمائجة من فوق ومن تحت..هي ..هي، صحيح أن سرعة الاتصال والتواصل غيَّرتْها، ونوَّعتْ طبيعتها ونتيجتها، إلا أن الجوهر واحد والوجوه عديدة.

فطوبى للسيف والقلم..

وطوبى للفيس بوك والإنترنت.

وطوبى للكاميرا .. تحبس الحدث في صورة تبقى في العين وتُطبع في الذاكرة.

الأحد، 6 فبراير 2011

تكنولوجيا ...وزغرودة


كان مساء اليوم الأحد استثنائياً بامتياز؛ ونحن ما نزال نعيش ظلال ثورة الشباب في مصر، الثورة التي حركها أعضاؤها عبر أدوات التواصل الحديثة مثل فيس بوك وتويتر ويوتيوب…. وغيرها على شبكة الإنترنت.
…. كان موعدنا مساء لدى الجارة سناء لحضور قراءة الفاتحة بمناسبة خطوبة ابنتها القادمة من أمريكا على شابٍ، قطع البحارَ والفيافي وجاء خصيصاً ليطلب الفتاة من والديها هنا على أرض أبوظبي.

والفتاة شابة رقيقة جميلة تدرس الطب.. وما فهمته أنها ناشطة كذلك مع الداعية المسلم الأمريكي الشيخ حمزة يوسف، فكان الشاب العريس أنْ رآها وأعجبته ..فجاء يخطبها..

لكن الجميل في الموضوع..هو أننا جلسنا في صالة المنـزل: أنا وبعض الجارات وبعض الأقرباء… كان الحضور تقريباً 15بشرياً و6 أجهزة كمبيوتر محمولة! نعم لقد كانت الكمبيوترات حاضرة بقوة في هذا الحفل المميز!

شاهدتُ بأمّ عيني كيف يمكن أن تكون الكمبيوترات فرداً في أسرة، فإذا تجاوزْنا الإدمانَ الحاصل الذي يتزايد يوماً بعد آخر على هذه الأجهزة، لعرفنا أيَّ مبلغٍ وصلت إليه تلك الأجهزة وأي منـزلة نزلتْ بيننا؛ فقد كانت الكمبيوترات المحمولة في هذا الحفل بأهمية البشريّـين المتحلِّقين حول العروسيْن.

في الحقيقة ..أنا لم أفهم في البداية لِـمَ هذا التواجد المكثف للكمبيوتر في حفل صغير وحميمي للخطوبة، وقد فسَّـرتُـه في نفسي بذلك الإدمان الذي أراه يتسلل بقوة في بيتي لدى زوجي وأبنائي وبناتي..وأنا سائرة وإياهم على الطريق…حيث ننسى أنفسنا لساعات أمام تلك الأجهزة اللعينة، تسرق منا بعض بهجة الحياة التي يمكن أن نعيشها مع بشر في علاقة سوية .

لكنني كنتُ مخطئة في تقديري، فحين ابتدأتْ مراسم الخطبة، أي أن يتقدم الشاب بطلب يد العروس من والدها، عرفتُ حقاً ما الذي تفعله هذه الأجهزة بيننا، إنها "مرسول الحب"! ..فلقد سأل الشاب والدَ فتاته أن يوافق على طلب الزواج بها، فرحّب الأب بالطلب لكنه توجه عبر الكمبيوتر إلى جدّ الفتاة، الجالس في مكانٍ ما على هذه الأرض، طالباً من الشاب أن يطلب يد فتاته من جدها مباشرة؛ لأن العائلة كانت قد اتفقت فيما بينها منذ 20 سنة على أن (مريومة) هي حصة جدها لأمها، ومن سيتقدم ليطلب يدها لا بد أن يطلبها من جدها لا من والدها فقط.

وهكذا كان…فقد أعاد الشابُ كلماته الإنجليزية لطلب الفتاة، التي ابتدأها بالبسملة والصلاة على النبي –بالعربية- وسأل جد الفتاة أن يوافق على طلبه، وجاءه الجواب عبر الجهاز بالموافقة، والكمبيوترات الأخرى تشهد على هذه اللحظات، بمتابعة آخرين في قارات وولايات أخرى.

كانت لحظة فريدة…فقد كنا نتخيل أن الخطبة التقليدية للعروس ستتغير في المستقبل، وها نحن نرى شيئاً جديداً ، أنا شخصياً لم أرَ مثله من قبل يتحقق أمامي، لكي يثبت للبشر أن الحاجة أُمُّ الاختراع، وأنّ لكل زمان دولة ورجال، ولكل مجتمع خصوصياته؛ فالشاب مصري الأصل، أمريكي المولد والنشأة، وربما لا يعرف من مصر إلا اسمها، مسلم الديانة، لكنه على الرغم مما يجمعنا به – شخصية أخرى ونمط حياة مختلف من الناس عما تربى عليه مثلاً أبناء مصر في مصر، أو أبناء أي دولة عربية أخرى فيها.

..حضر في بالي وأنا أتابع المشهد لهؤلاء العرب الأمريكيين، ما كان عليه أهل الأندلس في زمانهم، إذ حقاً هم شخصية أندلسية: لا شرقية ولا غربية، جعلتْ منهم ظروفُ زمانهم ومكانهم شيئاً آخر غير العرب الأقحاح وغير العرب المشارقة وشيئاً آخر غير المغاربة، إنهم مزيج حضاري وثقافي وإنساني متميز في التاريخ، فيهم من الشرق نفحة ومن الغرب أخرى، فكانت تلك النكهة المميزة المذاق!

بارك الله للعروسين؛ فقد حظيتُ بسببهما بلحظات لا تنسى تثير في النفس التساؤلات الكثيرة التي لا تخمد في عقلي عن شكل المستقبل كيف يكون؟؟

الاثنين، 2 يونيو 2008

دنيا الكتب والمكتبات: دار الكتب الوطنية في أبوظبي




... من رحمة الله أنْ خلق الناس على مذاهبَ من الهوى شتى، فمنهم مَنْ تأخذه هوايةٌ ما، فينفق عمره يسعى إليها ويجدُّ في تحصيلها ما استطاع إلى ذلك سبـيلا.
وسبحان الذي خلق الكتاب، وعلَّم بالقلم، فكانت الكتبُ زينةَ الحياة الدنيا للكثيرين، ممّن يجدون في تقليب صفحاتها وتحصيل المعارف من بطونها- متعةً لا تدانيها أخرى.
وإنْ جاز لي أن أضع نفسي وهؤلاء في طبقة واحدة، فإن الكتب والمكتبات تعني لي الكثير، وهي في مدينة أبوظبي واحةُ أيامي؛ إذ عرفتُ دار الكتب الوطنية والمجمع الثقافي قبل أن تطأ قدمايَ أرض الإمارات، وحين ولجتُ أبوابَه للمرة الأولى حلَّ في قلبي وصار قطعةً مني أحمل صورته الرائعة أينما ذهبت.
... ينـتابك وأنتَ تدخل المكان شعور بأنك تدخل حرَماً مقدسا، يأخذك المبنى بتفاصيله التي تنمُّ على عناية مستمرة لا تخطئها العين، وذوق مميز لا يغادر كبيرةً ولا صغيرة، ليضفيَ عليه روحاً ساحرة تأخذ بالألباب.
فإذا سعدتَ بلقاء الكتب في الدار، أيقنتَ فعلاً أنكَ في " الدار" بكل ما تحمله الكلمة من معاني الألفة والقرب والحميمية : فأنت تسعد بلقيا  " الأهل " من الموظفين الذين يحرصون على مساعدة مرتادي المكتبة وتسهيل شؤونهم في البحث والمطالعة.
وتسعد أيضاً بلقاء الكتب في صنوف المعارف والعلوم تستقبلك على الرفوف، وتنتظر مَنْ يمدّ إليها يدَ البحث والتنقيب، وتفرح بأولئك الذين لا تَـفْـتُرُ هِمّـَتُهم في تصفّح الكتب واستخراج كنوزها، يأنسون إليها في وحشة الأيام.. يحملونها بين أيديهم.. يضمّونها إلى صدورهم، كأنما فرحوا بلقاء حبيب، واطمأنوا إلى قرب صديق... يملأ أنوفَهم عبقُ روائح الأحبار، وترتاح أكفُّهم لملمس الأغلفة والأوراق، فتـنتعش أرواحُهم، وتـنـتـشي قلوبُهم، وتحيا عقولهم.

فيا لروعة الحياة تخطُّ دقائقَها أقلامُ الكُتّاب، تقبض على الزمان وتوقِفُ لحظاتِه على صفحاتها؛ ليستمتع بها ويفيد منها كلُّ مَنْ فاتَـتْـهُ تلك الأوقات.
فيا لله ما أجمل دنيا الكتب والمكتبات!!




الأربعاء، 16 يناير 2008

ظاهرة الكتب النظيفة : هل هي مؤشر صحي؟





يناير-كانون الثاني/ 2008

انتابني الشعور ذاته أكثر من مرة في أثناء زيارتي لبعض المكتبات الجامعية والعامة ، ألا وهو الدهشة الكبيرة من نظافة الكتب على رفوف المكتبات، فأنت تتناول فيها كتاباً بيدك فتشعر كأنْ لم تمتدَّ إليه يدٌ أخرى قبل يدك، أو كأنْ لم يحمله أحدٌ .. ولم ينظر في صفحاته منذ أمد.

فهل الكتب النظيفة المصقولة اللامعة التي تبدو كأنها خرجت للتوّ من المطبعة – هل هي مؤشرٌ على سلامة الجسم الثقافي في بلد ما؟

أكاد شخصياً يتفطر قلبي أسىً على هذه الكتب التي لا تجد من يرقُّ لحالها فيحملها بين يديه، ينظر فيها ويقلب صفحاتها ويلتهم سطورها .. وهي لَعمري أقصى أمنيات الكتاب!

مللنا - صغاراً وكباراً - من ترديد عبارات المحافظة على الكتب وعلى نظافتها..فهذا مما لا يجوز في الكتاب !! ولا تفهموا كلامي على عواهنه، فالنظافة وحسن المظهر أشياء مطلوبة ومهمة وهي دليل رقي حضاري، إلا أن الكتاب لا ينبغي أن تبقى نظيفةً هوامشُه، ولا أن تخلو صفحاته من أي تعليق، بل يا حبذا لو كانت هوامش الكتب المطبوعة تتسع قليلا؛ لتسمح للقارئ بتدوين بعض الخواطر والملحوظات على ما يقرأ، وهي خواطر تمرّ كلمح البرق، فإذا لم يدونها قلم رصاصٍ بيد القارئ تلاشت وذهبت أدراجها بلا عودة.

 ذلك أنه إنْ خلا الكتابُ من تعليق لطيف أو فكرة سانحة على هوامشه فإن ذلك يخلق القطيعة بين قراء ذلك الكتاب، الذين جمعتهم كلماتُه وسطوره في وقت ما، على العكس من الألفة والمودة التي قد تنشأ بين قراء مجهولين لكتابٍ ما لمجرد أن يرى أحدهم تعليقا أو خطوطا أو إشارات لقارئ عابر للكتاب، قد تفتح آفاقا أمام قارئ جديد، فيسعد أنه التقى برفيق روحٍ من نوع خاص لا يتكرر مذاقه، إنها رفقة الكتب الروحية، ولهذا اكتسبت الشروحات والملحوظات المدونة على المخطوطات أهمية لا تقل عن متن الكتاب نفسه في أيدي محققي المخطوطات، وربما يأتي على الكتب المطبوعة حينٌ من الزمان تكون فيها تعليقات القراء وملحوظاتهم وحتى مجرد إشاراتهم الصغيرة لبعض النقاط في الصفحات _ موضوعا جديرا باهتمام الباحثين في علوم الكتب والمكتبات.

فهل نجرؤ على اقتحام الطهارة المفتعلة للكتب، ونحمل قلماً ندوّن به خواطر عقولنا وخلجات قلوبنا التي تعترينا حين نمرّ على أفكار الآخرين وثمرة عقولهم التي سطروها بين دفات الكتب؟