بقلم:دينا جمال
"إعفاء الرجل من أي شيء بسبب دفعه المقابل المادي لكل شيء" نظريةٌ بُني على أنقاضها تقسيم أدوار غير سوية بين الزوج والزوجة والأب والأم، وهذا كان سبباً في حدوث شيء لديه من الاضطراب والعجز، فالاضطراب تسبب له في خلط كبير بين أدواره، والعجز الذي أصابه تمثل في عدم قدرته على الفصل بين دوره كزوج ودوره كأب.
وبناءً عليه دائماً الرجل ما يتذكر فقط حقوقه كزوج وينسى تماماً واجباته كأب، ونتيجة لحالة التلبد التي فرضت نفسها عليه كزوج بشكل كلي ومبالغ فيه وصلت عنده كأب مؤشر الكسل واللامبالاة بأولاده لأعلى درجاته.. ونظراً لوظيفته التي حصرها ما بين متعته مع الزوجة وإنجاب الأطفال وما بين محفظة الفلوس التي تنفق عليهم أصبح يهمل ويتجاهل تفاصيل كثيرة في حياة أبنائه معتمداً على الأم التي يعلم أن لو الدنيا طُربقت فوق رؤوسهم هي من سيقوم بالواجب !
على سبيل السرد وليس الحصر دائماً ما نجد معظم الآباء لا يهتمون بالذهاب مع أطفالهم عند الطبيب ولا يفقهون شيئاً عن أدويتهم وليس لديهم أي خلفية عن مواعيدها، الأم هي المجبورة على أنها تذهب بهم للطبيب وتحفظ الأدوية بالمواعيد والجرعات، كثيراً ما نجد أيضاً الغالبية العظمى منهم لا يملكون أي فكرة عن المواد التي يدرسها أبناؤهم ولا الأنشطة الخاصة بمدارسهم، الأم هي الُمكلفة بأنها تذاكر لهم وهي التي تتواصل مع المدرسة وتتابع المدرسين، وهناك منهم أيضاً الذي يجهل مقاسات ملابسهم، حيث إن الأم هي التي تنزل لتشتري لهم "يونيفورم" المدرسة وملابس العيد.
وتفاصيل كثيرة كهذه اقتصر دور الأب فيها على أنه في حالة لو وجد تقصيراً منها في أي شيء من هذا يصرخ في الأم المهملة التي لا تقوم بواجباتها !
تقسيم الأدوار التي فرضته علينا تقاليد وعادات المجتمع لا تمنع أبداً أن الأب يعطي شيئاً من الاهتمام والمشاركة أكثر لمثل هذه الأمور، حيث إنها لا تعتبر أموراً نسائية مثل الطبخ (هذا إذا اعتبرنا أن الطبخ عمل نسائي مثل السائد والمتعارف عليه في مجتمعنا) والذي لا يصح أنه يقوم به معها، حيث إنه ربما يُنقص من رجولته شيئاً!
ما يدعو للغرابة الرجال التي دائما ما تُمجد رجولتها بقوامتها علي النساء ويكون هو وهي كلاهما يعمل وكل منهما يقبض مرتباً متقارباً نسبياً من مرتب الآخر، وهو يعود الى البيت لينام وهي تعود البيت من أجل إكمال عملها كالطور الذي يقوم باللفّ في الساقية، فهي عليها الاهتمام بالأطفال من طعام وشراب واستحمام وأطباء وأدوية ومذاكرة وتلبية طلباتهم التي لا تنتهي، بالإضافة لعمل البيت وطلبات زوجها المصون، والذي يثير للاشمئزاز أكثر أنه في آخر المطاف لا يوجد تقدير ولا كلمة حلوة.
الجنة ستصبح تحت أقدام الاب في يومين، أول يوم هو ذلك اليوم الذي سينجب فيه أطفاله وهو واثق ومتأكد فعلياً انه قادر على تحمّل مسؤوليتهم ومستوعب ومدرك تماماً أن أبوته لا تتلخص في كونه محفظة فلوس تنفق على مصاريف طعامهم وشرابهم وملابسهم ودراستهم.
واليوم الثاني سيكون اليوم الذي سيأخذ فيه قراراً بأنه لن ينجب لأنه على يقين تام ودراية كاملة بأنه ليس على استعداد كافٍ لتحمل مسؤوليتهم، حيث إنه بهذا القرار الحكيم سيكون قد رحم نفسه من ذنب أم كانت ستعاني بهم من اللفّ في الساقية بمفردها ورحم نفسه أيضاً من ذنب أبناء كانت ستعيش حياتها وبداخلها الكثير من العقد النفسية بسبب افتقادهم اهتمامه ورعايته .