أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

فيلم The Martian




في صفحاتٍ قليلةٍ من مادة مهارات العربية التي أدرِّسها – نبذةٌ عن الأدب والتكنولوجيا ووقفةٌ عند أدب الخيال العلمي، وفي كل فصلٍ حين أمرُّ تلك الدقائقَ القليلات على هذه الصفحات، أقفُ حائرةً أمام نفسي، ولكنْ ثابتةً أمام طلبتي، حين أجدُني أدافع عن محتوىً دراسيٍّ من (الخيال العلمي) في أدبنا العربي؛ إذ لا أقدر أنْ أُبْعِدَ عن خاطري أنَّ الأدبَ في عصرنا اليوم في بعض أجناسه -إنْ لم نقل في معظمها- لا يعودُ يعني الكثيرَ إذا لم يلتقِ بفنون الإبهار البصري الذي يحاصرنا في كل مكان بالصور المتحركة والثابتة، بأبعادها القديمة المعروفة أو بأبعادها الثلاثية الجديدة.

يحضرني هذا الخاطر وأنا أكتب الآن هذه السطور عن فيلم:
 (المريخي) The Martian
 وهو فيلم أمريكي مثير من أفلام ما يمكن تسميته الخيال العلمي، من إخراج ريدلي سكوتّْ وبطولة ماتّْ ديمون. وقد جرى تصوير مشاهده الخارجية في منطقة وادي رم في جنوب الأردن، التي تحاكي بيئةَ المريخ الوردية القاحلة الشاسعة، والتي جعلَها الفيلمُ بالتقنيات المبهرة وزوايا التصوير الفاتنة، قطعةً ساحرةً من أرضٍ لا نكاد نعرفها وهي أقربُ إلينا مما نتخيل، وجعلَنا نرى جمالَ بلادنا بمنظارٍ وبعيون جديدة.
يقوم الفيلم على حكايةٍ معروفة لا جديد فيها، إنها حكاية روبنسون كروزو، ولكنه هذه المرة في الفضاء! إذ يتعرض أحدُ رواد الفضاء في البعثة الاستكشافية للمريخ مع زملائه لعاصفةٍ شديدة، فتغادر البعثةُ على عجل معتقدين بوفاة زميلهم، فينقطعُ السبيلُ به وحده على ذلك الكوكب، وعندما يدرك هذه الحقيقة يكتشف أن عليه مواجهة مصيره من أجل البقاء، والعمل على أن يصلَ لأهلِ الأرض خبرٌ من أهل المريخ يقول إن هناك نفساً بشريةً ما تزال تنبض بالحياة على سطح الكوكب الأحمر.
وكما هي صورة البطل الخارق في الأفلام الأمريكية، يعمل فريقُ (ناسا) بأكمله على محاولة استرداد رائد الفضاء، مارك وتني، حيّاً من ذلك الكوكب البعيد، وهي محاولة تتكلل بالنجاح في نهاية الفيلم السعيدة.
وبين اللحظة التي يقرر فيها بطلُ الفيلم أنْ يخوضَ صراعَ البقاء، وبين اللحظة التي يعود فيها إلى أحضان الأرض، بينهما كثيرٌ من اللقطات والتفاصيل التي تُبهر المشاهد، وتثير في نفسه عدداً من الملاحظات الجديرة بالتأمل.
تستوقفني عادةً في الأعمال العلمية التي تلامسُ الفضاءَ والأفلاك العالية- فكرةُ الله، أو فكرة عظمة الخالق وتفاهة المخلوق: ففي اللقطات التي تُسحَر فيها العينُ في الفيلم بروعة الفضاء السرمدي الممتد حول روّاد الفضاء، والظلام المزيَّن بنجومٍ لا تُعدّ، والكواكب والنجوم والأفلاك والمدارات... والكون الذي يموج بكل ما فيه بلا توقف وأنتَ تنظر إليه ذاهلا- تجدُ الفطرةَ السليمةَ لا تملكُ أمام هذا كلِّه إلا أن تقول: سبحان الله ما أعظمكَ! وتجعلك ببساطة تفتشُ عن خالق هذا كله. 
لهذا فإنني ما زلتُ أذكر كيف فوجئتُ حين حضرتُ محاضرةً مباشرة مع الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينج، في جامعة نيويورك أبوظبي، بمناسبة ترجمة كتابه (التاريخ الأكثر إيجازاً للزمن) إلى اللغة العربية، فوجئتُ كيف لعالِمٍ فيزيائي من وزن هوكينج أن يجاهر بإلحاده على الرغم من علمه الغزير الذي أغنى به الفيزياء وأبهر العالم، وعلى الرغم من أنه لا بدَّ اقتربَ من الله الذي يخافه من عباده: العلماءُ.
لا أدري لمَ يثيرُ الشفقةَ في نفسي- أولئك الذين لا تقوى قلوبُهم ولا ألسنتُهم على استحضار تنزيهِ الله في مثل تلك المواقف بأي لغةٍ كانت وبأي إحساس وهي كثيرة في الأديان والثقافات، وأَحمَدُ اللهَ كثيراً على نعمته لأننا ما زلنا نستطيع أن نقول: سبحان الله! وما شاء الله! بتلقائيةٍ وعفوية يُحرَم منها المترفِّعون عن الإيمان به. لهذا لم يعجبني في الفيلم استخدامُ البطل إبان الكارثة التي حلَّت به، لكثيرٍ من الشتائم والألفاظ السوقية مثل الـ F. word. و الـ Sh. word ، التي تثير في النفس نفوراً من أولئك الذين يُفحشون في القول في مجالسهم، وهو من المقبوحات.
لقد كان من المثير لاستغرابي أن الفيلم في دقائقه التي تقرب من مئةٍ وأربعين دقيقة- لم يُذكَر اسمُ الله فيها إلا في حوارٍ قصير لأقل من دقيقة! لم يُذكر اللهُ الذي يلجأ إليه الإنسانُ عادةً في لحظات الضعف البشرية، عندما لا يجد ملجأً يأوي إليه. لم يُذكَر اللهُ الذي تجدُ نفسَكَ قريباً منه كلما ارتفعتَ أمتاراً معدودةً فوق الأرض في طائرة، فكيف إذا خرجتَ منها إلى الفضاءِ الكونيّ الواسع؟ وكيف إذن لا تستطيعُ أن تتلمَّس وجودَ اللهِ فيما حولك وأنت وحيدٌ متفرد على كوكبٍ يسامِتُ السماءَ ويسامتُ الله، وأنتَ تستذكرُ جوابَ الجاريةِ في الصحراء...أين الله؟ فقالت: إنه في السماء. فكيف لا يقترب من الله ذلك الفضائي، وهو وحيدٌ في فضاءٍ ممتد على كوكب جدب، لا رجاءَ فيه ولا مستقبل... إلا أن يشاء الله.
ومن الأشياء الباعثة على التأمل في الفيلم بعضُ الأفكار التي قد تبدو فلسفية؛ لذا فإن شيئاً هنا يُقال: فعندما أيقن رائدُ الفضاء أنَّ زملاءَه غادروا الكوكب الأحمر وأنه بقي وحيدا، لم يجزع كما يتوقع بل كان متماسكاً، وهي ربما من نقاط ضعف الفيلم حين أعمَتْ القائمين عليه صورةُ البطل الذي ينبغي أن يكون خارقاً، والذي لا تظهرُ طبيعتُه البشرية والضعفُ الذي قد يصيب نفسه في هكذا موقف رغماً عنه، كما خلا الفيلمُ تماماً من إشارات عاطفية للبطل، إلا ما كان منه عندما ذكَر والديْه حين ظنَّ بنفسه اقترابها من الموت، لكنَّ المخرج الذي جعل العالم كلَّه يشهدُ لحظةَ إنقاذ البطل وإعادته إلى المركبة الفضائية التي ستقلُّه إلى الأرض، لم يجعل لوالديه مكاناً بين الملايين من الناس الذين شهدوا عملية الإنقاذ، في مشهدٍ لا يخلو من استعراض القوة الخارقة في بلاد العم سام!
لقد كان البطلُ واقعياً جداً عندما قرَّر أنْ يبقى على قيد الحياة قدر احتماله، وقدر ما تسمح به الإمكاناتُ الخارجية التي تتيحها محطةٌ فضائية مهجورة على الكوكب، لكنَّ شيئاً واحدا كان هو سرَّه في البقاء والصمود ألا وهو الأمل، الأمل هو سرُّ البقاء، الأمل هو ما يبقيك حياً رغم تقلب الأحوال. ربما لم يقل الفيلمُ ذلك، لكنك ترى الأملَ في كل خطوةٍ يخطوها رائدُ الفضاءِ تجاه الهدف الذي وضعه نصب عينيه، وهو أن ينقذ نفسه من الكارثة التي حلَّت به.
وفي طريقه المزروع بالأمل بدأت رحلةُ حياته الجديدة التي تشبه رحلة البشرية منذ طفولتها في صراعها من أجل البقاء. فاهتدى أولاً إلى تأمينِ مصدرٍ غذائي يقيم أوَدَه، المدةَ المتوقعة التي قد تفصله عن رفاق رحلته في الفضاء حتى العودة إلى الأرض، وهي أولويةٌ لا بدَّ منها تعيدنا إلى هرم الاحتياجات الأساسية للإنسان. وهكذا تبدو فكرةُ استنبات البطاطا في الدفيئة التي هيَّأها للزراعة- خطوةً وفكرةً واقعيةً لا من باب الخيال العلمي، وخطوةً أولى في رفض الإنسان للاستسلام للواقع الذي يحيط به ولا يقدم شيئا. وكان استمطارُ الماء سببِ الحياة، وتوظيفُ معارفه العلمية ومهاراته العديد، والموجوداتُ الباقية في المحطة الفضائية، كانت كلُّها مسَّخَرّةً من أجل تحقيق الأمل: سرِّ البقاء. وحين نجحت تجربةُ الزراعة كان شيئاً رائعاً أن ترى الأوراقَ عياناً تشقُّ (أرضَ) مريخٍ بعيدٍ وتنبت، فيخلق اللونُ الأخضر في المشهد حياةً، نحن فقط على كوكب الأرض مَنْ يعرف جمالَها وفتنتها!
وآخر ما في الفيلم من انطباعاتٍ استقرت في نفسي كانت فكرةَ الخلود التي تؤرق البشر، وهي فكرة فطرية وجدت مع الوجود البشري؛ إذ يحاول رائدُ الفضاء المفقود على المريخ (مارك)، أن يترك أثراً أياً كان مقدارُه في المكان والزمان الذي يحلُّ فيه، وتجلَّى ذلك في بدئه تسجيلَ بعضِ المذكّرات اليومية بالصوت والصورة أو بالقلم، في كل لحظةٍ يراها تستحق التسجيل والتوثيق، بل حتى في اللحظات الأخيرة التي سيغادر فيها أرضَ كوكبِ المريخ تراه يسجل كلماته الأخيرة، ويوقع اسمه على ورقة صغيرة يتركها خلفه هناك على الكوكب الأحمر، لعلَّ زائراً قادما يمرُّ على دياره تلك فيقف على أطلالها.

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

الأم الشريرة ! بعضٌ مما عندي...

... ربما كنتُ في كثيرٍ مما قمتُ به مع أطفالي- أُمَّاً (شريرة)؛ لقد كانت لي فلسفتي الخاصة في التعامل مع أبنائي؛ حتى تعرضتُ للنقد والتجريح من أقرب الناس لي على هذه المعاملة.
.... ولكن  بعد مضيّ نحو عقدين على اتباعي ما يقترب من هذه الأساليب التربوية  -التي ستأتي في الشرائح القادمة في هذه المختارات-...أقول: الحمدلله أنني كنتُ في كثيرٍ من تعاملي مع أطفالي (أُمّاً شريرة )؛ وأشكر الله على هذا الإلهام، وأدعوه أن يحفظ لي أولادي كما يحبّ وكما أحب.
ويحفظ لكم أولادكم جميعا..

عثرتُ على هذه الخلاصة التي أعجبتني وفيها - بصراحة - الكثير جداً من الدقة، عن تجربة وليس فقط عن تنظير..

https://www.facebook.com/tarbiyadakiya/photos/pcb.537993769689566/537993336356276/?type=3&theater
 ففي كتابها «Mean Mom Rules» تؤكد دينيز سكيباني أن الأم عندما تكون من وجهة نظر صغارها والآخرين- شريرة فهذا يعني أنها تربي أبناءها جيدا، وأن النظام والقواعد والشدة أحيانا أفضل من التدليل والاستجابة لكل طلبات الصغار؛ التي تفسدهم وتجعلهم غير قادرين على مواجهة الحياة بصعوباتها ومشكلاتها.

دينيز سكيباني قدمت عرضا لكتابها في مجلة «Parents & Child» مع سبع نصائح للأمهات تؤكد لهن: أن قسوة الأم تأتي من وراء قلبها لمصلحة أبنائها، وأن الأم الشريرة تملك المنطق لذلك الشر الذي توصف به.








الجنة ستصبح تحت أقدام الأب في يومين

بقلم:دينا جمال


"إعفاء الرجل من أي شيء بسبب دفعه المقابل المادي لكل شيء" نظريةٌ بُني على أنقاضها تقسيم أدوار غير سوية بين الزوج والزوجة والأب والأم، وهذا كان سبباً في حدوث شيء لديه من الاضطراب والعجز، فالاضطراب تسبب له في خلط كبير بين أدواره، والعجز الذي أصابه تمثل في عدم قدرته على الفصل بين دوره كزوج ودوره كأب.

وبناءً عليه دائماً الرجل ما يتذكر فقط حقوقه كزوج وينسى تماماً واجباته كأب، ونتيجة لحالة التلبد التي فرضت نفسها عليه كزوج بشكل كلي ومبالغ فيه وصلت عنده كأب مؤشر الكسل واللامبالاة بأولاده لأعلى درجاته.. ونظراً لوظيفته التي حصرها ما بين متعته مع الزوجة وإنجاب الأطفال وما بين محفظة الفلوس التي تنفق عليهم أصبح يهمل ويتجاهل تفاصيل كثيرة في حياة أبنائه معتمداً على الأم التي يعلم أن لو الدنيا طُربقت فوق رؤوسهم هي من سيقوم بالواجب !
على سبيل السرد وليس الحصر دائماً ما نجد معظم الآباء لا يهتمون بالذهاب مع أطفالهم عند الطبيب ولا يفقهون شيئاً عن أدويتهم وليس لديهم أي خلفية عن مواعيدها، الأم هي المجبورة على أنها تذهب بهم للطبيب وتحفظ الأدوية بالمواعيد والجرعات، كثيراً ما نجد أيضاً الغالبية العظمى منهم لا يملكون أي فكرة عن المواد التي يدرسها أبناؤهم ولا الأنشطة الخاصة بمدارسهم، الأم هي الُمكلفة بأنها تذاكر لهم وهي التي تتواصل مع المدرسة وتتابع المدرسين، وهناك منهم أيضاً الذي يجهل مقاسات ملابسهم، حيث إن الأم هي التي تنزل لتشتري لهم "يونيفورم" المدرسة وملابس العيد.
وتفاصيل كثيرة كهذه اقتصر دور الأب فيها على أنه في حالة لو وجد تقصيراً منها في أي شيء من هذا يصرخ في الأم المهملة التي لا تقوم بواجباتها !

تقسيم الأدوار التي فرضته علينا تقاليد وعادات المجتمع لا تمنع أبداً أن الأب يعطي شيئاً من الاهتمام والمشاركة أكثر لمثل هذه الأمور، حيث إنها لا تعتبر أموراً نسائية مثل الطبخ (هذا إذا اعتبرنا أن الطبخ عمل نسائي مثل السائد والمتعارف عليه في مجتمعنا) والذي لا يصح أنه يقوم به معها، حيث إنه ربما يُنقص من رجولته شيئاً!
ما يدعو للغرابة الرجال التي دائما ما تُمجد رجولتها بقوامتها علي النساء ويكون هو وهي كلاهما يعمل وكل منهما يقبض مرتباً متقارباً نسبياً من مرتب الآخر، وهو يعود الى البيت لينام وهي تعود البيت من أجل إكمال عملها كالطور الذي يقوم باللفّ في الساقية، فهي عليها الاهتمام بالأطفال من طعام وشراب واستحمام وأطباء وأدوية ومذاكرة وتلبية طلباتهم التي لا تنتهي، بالإضافة لعمل البيت وطلبات زوجها المصون، والذي يثير للاشمئزاز أكثر أنه في آخر المطاف لا يوجد تقدير ولا كلمة حلوة.
الجنة ستصبح تحت أقدام الاب في يومين، أول يوم هو ذلك اليوم الذي سينجب فيه أطفاله وهو واثق ومتأكد فعلياً انه قادر على تحمّل مسؤوليتهم ومستوعب ومدرك تماماً أن أبوته لا تتلخص في كونه محفظة فلوس تنفق على مصاريف طعامهم وشرابهم وملابسهم ودراستهم.
واليوم الثاني سيكون اليوم الذي سيأخذ فيه قراراً بأنه لن ينجب لأنه على يقين تام ودراية كاملة بأنه ليس على استعداد كافٍ لتحمل مسؤوليتهم، حيث إنه بهذا القرار الحكيم سيكون قد رحم نفسه من ذنب أم كانت ستعاني بهم من اللفّ في الساقية بمفردها ورحم نفسه أيضاً من ذنب أبناء كانت ستعيش حياتها وبداخلها الكثير من العقد النفسية بسبب افتقادهم اهتمامه ورعايته .

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

أمهات آخر زمن !!







-تشوف يا خويا الأم من دول مع ولادها ..تبقى عايز تسألهم مامتكم فين يا حلوييين !!؟ ...تيجي تتصور جنب بنتها تبقى عايز تعاكسهم هما الاتنين 😉
..تتصور جنب إبنها اللي أطول منها ...تبقى عايز تقوله #انت_معلم 😎 ... #أمهات_آخر_زمن😏
-و لا بوز البطة و الشقاوة و الدلع اللي بيتصوروا بيها و هما بياخدوا سيلفي 60 مرة ف الدقيقة ... #أمهات_اخر_زمن 😏
-و تلاقيها كدة مهتمة بنفسها و لبسها و ع الموضة ...مانيكور و باديكور و اكسسوارات ... كإنك بتتفرج على قناة fashion .. تدخل هي و بنتها يشتروا من نفس المحل و ساعات يبلسوا من بعض كمان #أمهات_آخر_زمن 😏💅
-و اول ماتتخن ...على طول تجري على الجيم او تروح النادي تلف التراك ...و تبقى لافحة إبنها على صدرها و هي لسة والدة و تقوم رايحة ترقص زومبا 💃
.. #أمهات_آخر_زمن😏
-تمارين و برايفت و صحيان بدري و رجوع ف نص الليل و كل دة علشان ايه !!؟؟؟ يبقى رياضي و بطل و جسمه و صحته.. #أمهات_آخر_زمن😏💪
-دروس دين و حفظ قرآن ف الجامع و بتخلي ابنها إمام عليها كمان و هما بيصلوا جماعة ...بتهتم بدينهم و دنيتهم #أمهات_آخر_زمن
-و لو الولد نفسيته تعبانة و لا عنده أي مشكلة ...جري تدور على دكاترة أطفال نفسيين او مستشارين تربوين !!!!👀
#أمهات_آخر_زمن😏
-كل ما تسمع عن كورس تنمية بشرية او القائد الصغير او روبوتيك ...جري تعمل ابليكيشن و تعمل المستحيل علشان تحجزلهم 😎...#أمهات_آخر_زمن😏
-تقعد تتفرج على قناة فتافيت و سي بي سي سفرة علشان تفننلهم ف طبخات و اكلات مفيدة و صحية و شكلها حلو و تفتح النفس...
#أمهات_آخر_زمن😏
-اتعلمت تعمل برجر و بيتزا و كنتاكي ف البيت علشان تحميهم من اكل برة و كله يبقى healthy و organic #أمهات_آخر_زمن😏
-اتعلمت لغات مخصوص و خدت كورسات علشان تعرف تذاكر لولادها فرنساوي و الماني #أمهات_آخر_زمن😏
-عندها أكاونت فيس و تويتر و إنستجرام ..و طول الليل و النهار تعمل سيرش و شير مع ولادها و تشوف مصاحبين مين و بيتفرجوا على إيه #أمهات_آخر_زمن😏
-بتلعب كاندي كراش و كلاش أوف كلانز و بايرت كينجز و سيم سيتي و بتتنافس مع ولادها مين أشطر ...و هيجيب آخرها 💪
#أمهات_آخر_زمن😏
-عاملة جروبات واتساب مع أمهات أصحاب ولادها ف المدرسة و النادي علشان تتابع كل الأخبار أول بأول #أمهات_آخر_زمن😉
-مصاحبة ولادها و بتقعد معاهم على الكافيه و تروح السينما يتفرجوا على minions و يطلعوا يضحكوا و هما الإتنين مستمتعين... #أمهات_آخر_زمن😂
-بتعرف تئلش و تقول افيهات و تضحك و يوروا بعض كوميكس و بيعملوا Dubsmash ...#أمهات_آخر_زمن😂
-الموبايل ف ايديها ليل نهار و اي معلومة ف الدنيا بتجيبها ف ثانية..شعارها دائما ( Google it )... #أمهات_آخر_زمن😉
-لو خيروها ما بين شغلها و مستقبلها و بين أولادها فى الفترة اللي محتاجينلها فيها...(غالبا) لو #ظروفها_الماديةتسمح بتختار اولادها و تضحي بكل حاجة .... #أمهات_آخر_زمن😍
-لو ظروفها اضطريتها تكون single_mother# ..بتتحمل المسئولية و بتربي اولادها احسن تربية ..و بتبقى 100 راجل ف بعض ...تشتغل و تكافح و تيجي على نفسها علشان مايحسوش ابدا بأي تقصير او نقص #أمهات_آخر_زمن💪
أمهات آخر زمن اولادها كل حياتها ... بتحاول و تفهم و بتطور معاهم...عارفة أسرارهم ..بتتكلم زيهم...فاهمة إهتمامتهم ... بتاخد بالها منهم و ف نفس الوقت #مش_ناسية_نفسها
أمهات آخر زمن عرفت إزاي ما تجيش على نفسها ..التضحية لها حدود ... فهمت إن علشان ولادها يبقوا مبسوطين ...هي كمان لازم تكون #مبسوطة ...#متوازنة_نفسيا و #مرتاحة..عرفت تعمل التوازن بين نفسها و مسئولياتها ..إهتمت بنفسها لنفسها قبل ما يكون لأي حد تاني ...💪
أمهات آخر زمن مهما كبرت #مش_هتعجز ..لإنها إتأكدت إن العجز عمره ما يكون بالسن و لا الشكل ..#العجز_الحقيقيف الروح و الفكر ...💆
أمهات آخر زمن... حطت أولوياتها و طبقتها ??
أمهات آخر زمن...بتجرب..بتقع..بتحاول..بتقوم..بتتعلم..بتصر تنجح
أمهات آخر زمن ...#هما_احنا 😌🙋👸
#تحية_لأمهاتنا اللي كانوا قدوة لينا و علمونا ازاي نبقى كدة
#تحية_لكل_أب ساعد زوجته و عرف واجبه ناحية بيته و اولاده
#تحية_لكل_الأمهات اللي فاهمين قدسية دورهم و اهميته
#تحية_لكل_أم_من_كل_زمن
#ياسمين_الفيلالي

الاثنين، 12 أكتوبر 2015

كل الخيانات خطيرة… لكن أخطرها خيانة الذات

http://www.alquds.co.uk/?p=416890

كل الخيانات خطيرة… لكن أخطرها خيانة الذات

بروين حبيب
شاعرة وإعلامية من البحرين
خيانة طبيعتنا الإنسانية الفطرية التي بداخلنا، وإلحاق الأذى بمَنْ تدفق في الإخلاص لنا بقوة الصدق.. تلك القوة المتدفقةً التي تجعلنا كباراً في عيون الآخرين وقبلها في عيون أنفسنا، تلك الطبيعة الفطرية المتحررة من أي استلاب عاطفي واستغلال روحي أو اجتماعي.. الخطيئة الفعلية هي حين نكون،:ملتزمين أمام الآخرين بحب مزيف، وخائنين لذاتنا خيانة حقيقية. 

لا شيء يسند الروح كالصدق، ولا شيء يخلق الضعف والتمثيل في العاطفة كالكذب.. الكذب الذي يجعل الآخر محتاجا، ضعيفا بل متسولا صغيرا. ربما تلك الأفكار التي تعتريني هي في دائرة موت الأجزاء فينا باتجاه العطب الأكبر في القلب، والعاطفة لا يمكن اختصارها، إنّها تضرب في أعمق الأعماق لتجعل المكان ملوّثا هناك، حيث نحن في مواجهة المرآة الحقيقية للنفس.
في دراسة مهمة أجرتها باحثة ألمانية تبين أن الخائن لا يستطيع أن يصلي، تصاب نفسه بالعطب فجأة ويصبح الوقوف أمام الله صعبا عليه لأداء الصلاة. وهذا ينطبق على كل خطايا الخيانة التي يمارسها الشخص، وتنطبق على كل الأشخاص من ديانات مختلفة. وقد ناقشت صديقا لي يمارس مهنة الطب النفسي منذ أكثر من عشرين سنة في موضوع النكتة العربية الشهيرة عن بعض لصوصنا الذين يصلون صلاة الاستخارة ليعرفوا أي بيت يجب أن يسرقوه، حتى تطمئن قلوبهم. والحقيقة تقال فإن مقاييس خيانة الذات وخيانة الآخر تأخذ أشكالا مختلفة، حسب شخصية الفرد وبيئته، وقد تكون بتأثيرات قنبلة ذرية أحيانا، وقد تكون أخف، لكنها بشكل عام مدمرة للطرف الذي تلقى طعنة الخيانة في ظهره.
في لقاء خاص جمعني بكاتب عربي كبير، رحمه الله، سأبقي اسمه سرا احتراما لأولاده، قال لي أن أول خيانة له لزوجته كانت طعنة سامة، ظلّ يعاني منها لفترة طويلة، ثم حين أقدم على الخيانة الثانية كان الأمر أخف وقعا على نفسه، ولم يلاحقه تأنيب الضمير بالقوة نفسها. لكن، قال، إن الخيانة الثالثة جعلت الأمر يصبح سلوكا محببا! وحين سألته كيف استطاع أن يكرر خياناته تلك وضميره يجلده يوميا بعد أول خيانة، أجاب أنه ضعيف أمام غوايات المرأة، وأن الأمر يبدأ بشغف يفوق قدرته على الالتزام والتفكير بعقله، فقد وقع في الحب عدة مرات ودخل في علاقات عابرة بلا حساب، واكتشف سر المتعة، ويعرّفُ الخيانة بأنها فعل لذيذ يجب أن يعيشه كل شخص حر.
السؤال هو: هل يمكن لكل شخص أن يتفق معه في كل هذا الكلام؟ 
وسلفا أعرف أن الإجابات ستكون في الغالب ضد هذا المفهوم الذي يتخذ من الحرية مشجبا لقطعة لحم نتنة، إذ ليس من المنطقي أن نمارس الخيانة بكل أنواعها ونشعر بطمأنينة في القلب.
لكن ميلان كونديرا يقول: «الخيانة هي الخروج عن الصف والذهاب نحو المجهول»، ويضيف في إحدى رواياته «سابينا لا تعرف أجمل من الذهاب إلى المجهول» ومن هذا الباب هناك اتفاق سري لأغلب الكتاب والشعراء و»الهائمين على وجه الفن» يجدون متعة بإلقاء أنفسهم من على الهاوية ليقعوا في منحدر الخيانة، يسقطون ويسقطون ويسقطون ثم ينتهون في القاع شبه موتى ولا أعرف هنا هل النهوض بعد كم من الخيانات سهل؟
خيانة الذات هي جوهر الموضوع، لأن الخائن في قرارة نفسه حين يخون الآخر، صديقا أو حبيبا، أو وطنا أو مبدأ، أو التزاما أو أي شيء آخر فإنّما يعرف جيدا أن أحد ثوابت نفسه تنهار، تهوي دعامة في داخله ثم يتساقط شيئا فشيئا حتى يصاب بصدمة من نفسه ذات يوم، وهو يقف أمام المرآة.
فولتير المنتمي لزمن آخر غير زمن كونديرا يصف مشهد الخيانة بهذه الصيغة المؤلمة ويذهب بعيدا حين يصف شخصية الجاسوس الذي خان أخاه كيف كان يموت يوميا ليس ندمًا بل لأنّه وقع ضحية غش…! في الحروب طبعا الخيانة محاولة لإنقاذ الشخص لنفسه وعائلته، إنها معبر خطير نحو الحياة، ولكن من لديه القدرة لفهم هذه الأحجية المعقدة؟ وبين خائنين كل له مشاعر مختلفة نحو نفسه، يطفو المنكوب الحقيقي على سطح الماء يبحث عن خشبة خلاص، يفقد المخدوع الكثير من شجاعته للنهوض ثانية. يصاب بجبن مفاجئ وكأن حياته كانت متوقفة على شخص واحد هو ذاك الذي منحه الكثير من الثقة وطعنه. وبدل أن يجمع شجاعته في هدوء يقع فريسة وسائله الدفاعية الهزيلة، فيرتدي قناعا في الغالب ليكابر. كل شيء بعدها يتحول إلى مسرحية يؤدي فيها أدوارا مقلقة بحثا عن شخصيته التي دمرها الآخر، فبمفهوم ما الخيانة رفض لشخص أو فكرة أو التزام ما.
أما ذلك الشخص المنكوب فأول ما سيتبادر إلى ذهنه هو لماذا تعرّض للخيانة؟ لماذا هو؟ أين أخطأ؟ وما يثقل حجم هذه الخيانة هو الثقة الكبيرة التي وضعها في طاعنه. من هذا الباب يحفظ البعض حديثا يُنسب للنبي محمد، عليه الصلاة والسلام، يقول فيه «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما يوما». وسواء كان الحديث صحيحا أو غير صحيح، فإنه يحمل في طياته رسالة خطيرة، وهي أنه على المرء أن يعيش في قلق دائم، وينتظر خيانة متوقعة من محبيه، فهل يبدو هذا الحديث صحيحا حتى إن صححه الألباني؟ بالطبع قد يكون أحدهم قاله لكنّه ينفي تماما حديثا آخر يقول: «إن بعض الظنّ إثمٌ»، وهذا يعني أيضا أن الشك في علاقاتنا مع من حولنا سلوك خطير يبلغ مرتبة تصنيفه إثما.
ولأنني من الذين لا يتوقفون كثيرا عند جمل من هذا القبيل وأؤمن بالحلول العلمية، فقد آثرت أن تكون محطتي الأخيرة في هذا المقال بعنوان: كيف نشفى من الخيانة؟
أولا علينا أن نعرف أن الخيانة تشطر حياتنا نصفين «الماقبل» و»المابعد». ثانيا علينا أن نعمل على شيئين مهمين جدا: أولا ألا نسمح لأنفسنا لنرتدي عباءة الضحية ونوقف الزمن وحياتنا كلها عند تلك العتبة. في الغالب التخلص من خائن شيء جيد وإيجابي لنا، لهذا علينا أن نشكر الله على نعمته، وأنه لم يربطنا إلى الأبد بشخص سيئ منحناه الثقة ومنحنا خيانة. ثم لنأخذ هذه القاعدة: طالما نفكر في الانتقام من الشخص الذي خاننا فهذا يعني أننا لم نشف من مصابنا.
ما الحل إذن؟
يتفق التحليل النفسي أن إيقاف العلاقة بين الخائن والمخان من طرف هذا الأخير هو الذي ينهي ألم الذات وتوابعها.. حين يقرر المرء بصوت عالٍ أنه لم يعد بحاجة لفلان، فإن النتائج تكون مبهرة. وهناك مقولة رائعة تقول: «الخيانة متعة المنافقين». وعلى كلٍّ فكل الخيانات مقدور عليها لتأديب أصحابها، إلاّ خيانة الذاكرة لنا فهذه من أصعب ما يواجهنا، حين نبلغ الأربعين فما فوق.. ثم تليها خيانة أجسادنا لنا، حين تقرر فجأة أن تتخلى عنّا فنصاب بعطب ينتهي بانتهائنا.



الأحد، 11 أكتوبر 2015

قلوب

يأبى القلبُ إلا أنْ تزورَه الذكرى الموجعةُ في الحادي عشر من تشرين الأول من كل عام.
في صباح مثل هذا اليوم منذ تسعة عشر عاماً فقدت ابني الثاني سلام، هكذا بلا سابق إنذار رحلَ بصمتٍ وسلام...مثل اسـمه، مثل النور المرسوم على وجهه، مثل الصورة التي بقيت في عقلي وأمام عيني..
ذكراه لا تغيب عن بالي، في يوم مولده في9/19 أذكره .. وفي يوم وفاته أذكره.. في الثلاثة أسابيع التي هي مقدار عمره أذكره.. ويعود شريط ذكرى ذلك اليوم بتفاصيله كاملةً أمام عينيّ..

ما أوجع الذكرى ! وما أوجع فقدان الأبناء على قلوب الأمهات!

ربما، لا يتذكره أحدٌ في هذا اليوم سواي، ويأتي من يتقوَّل على المرأة: من أنتِ وماذا فعلتِ؟



قد لا يذكر بعضُ الآباء مولدَ أبنائه الأحياء، فكيف بميتٍ من نـحو عشرين سنة؟! وتبقى الأمُ تستعيدُ اللحظاتِ مع فلذة كبدها منذ اللحظة الأولى لتخلُّقه فيها حتى خروجه منها ...وإلى أن تفارق الروحُ جسدَها.
كلَّ عام وأنتَ في قلبي حيٌّ لا تموت.


الخميس، 1 أكتوبر 2015

الأستاذة ربيعة الناصر

"من لا يشكر الناس لا يشكر الله"
في حياة كلِّ واحدٍ منا يمرُّ أناسٌ كثيرون، لكنّ القلَّةَ القليلة منهم تبقى في الذاكرة وتترك في النفس أثراً لا تمَّحي آثارُه ولا تزول... تماما كالعابرين على هذه الأرض: ملايين وملايين، عاشت ثم ماتت، أما الذين نعرف أخبارهم وآثارهم على هذا الكوكب فقليلون!
ومن القلة التي تنطبع في ذاكرة المرءِ عادةً ولا ينساها بسهولة: أساتذةُ المدرسة؛ فالمعلم -على الرغم من النظرة السلبية التي تحيط به من المجتمع ومن الأفراد، وعلى الرغم من الذكريات المحبطة التي قد تنطبع في ذاكرةٍ كثيرين منّا عنهم- هو من تلك القلّة القليلة التي لا يزول أثرُها على مرِّ السنين.
كم سمعنا من آبائنا عن جيلٍ كان يحترم الأساتذة، ممَّن يغيّرون الدروب خوفَ الالتقاء بأستاذٍ عياناً خارج أسوار المدرسة. كم سمعنا عن مبدعين كان فضلُ أساتذتهم عليهم عظيما. كم سمعنا عن فاشلين كان لأساتذتهم يدٌ طولى في هذا الفشل...  كم سمعنا تلك القصص التي تحكي صورةً نعرفها جميعا، تلامسُ وتراً من ذكرى نقتاتُ عليها في خريف العمر.
عني شخصيا أحتفظ بصورٍ عدة لبعض معلماتي، كلُّ واحدةٍ منهن تتخذ مجلساً لها في ركنٍ مميز من الذاكرة ، بدءاً من معلمة الصف الأول وانتهاء بمعلِّماتي في السنة الأخيرة.
...... هذه المقدمة الطويلة أسوقها في مقام إسداءِ المعروف إلى أهله، إلى واحدةٍ من أولئك اللواتي بذَلْنَ من أنفسهنّ في مسيرتي العلمية ما حقَّــــــقتُه، وما أحقّــــقُه، وما سأحقّــــقه غدا، ممن لهنّ فيه فضلٌ لا يُنكر، وجميلٌ لا تدرُسُ آثارُه. ومن أولئك كانت ست ربيعة الناصر أم طارق.

يوم الأربعاء الماضي 30/9 -الذي صادف اليوم العالمي للترجمة- قادتْني خُطايَ إلى دار المُنى للنشر والتوزيع، لحضور ندوة في الترجمة الأدبية، سررتُ فيها بلقاءٍ رائع، التقيتُ فيه على غير ميعاد بأستاذتنا ربيعة الناصر، وهي أمينة المكتبة في مدرستي مدرسة أم عمارة في إربد، حين كنتُ على مقاعد الثانوية العامة منذ ثلاثين عاماً.
 
يا إلهي! كيف يمكن لبريقٍ في عينين تلتقيان لوهلة، أنْ يمحوَ فراقَ سنين طويلة مرَّت ويشعل النار في القلوب، فكأنكما لم تلبثا إلا عشيةً أو ضحاها؟
غمرتْني سعادةٌ لا توصف بلقاء أستاذتي من جديد، وأخالُها كذلك قد ملأت نفسَها روحُ الفرح    عندما صادفتْ واحدةً من طالباتها أمامها، ما زالت تذكرها بعد هذا العمر.
عفواً... لم أكن حقاً واحدةً من طالباتها بمعنى الكلمة، كانت أمينةَ المكتبة وأنا كنتُ في سنتي المدرسية النهائية ولم أكن أجد وقتاً للمكتبة حينها. وربما لم أتبادل أنا والأستاذة ربيعة كلاماً أو حوارا خاصاً أو موقفاً معينا لتذكرني فيه بعد هذه السنين.. لكنني أذكرها تماما!
أذكرها جيداً في الطابور الصباحي في عباراتها وحواراتها مع الطالبات، في علاقتها الحكيمة مع طالباتِ مدرسةٍ ثانوية حكومية، وما تتطلبه تلك المهمة من حكمةٍ ومهارة. وأذكر زيارةً يتيمةً لبيتها ذات يوم؛ فهي تسكن في حيٍّ قريب، وكانت أختي صديقةً لابنتها. أما الذي ما زال ينطبع في ذهني من تلك الزيارة،  فهي الكتب التي كانت تملأ بعضَ رفوفٍ في الصالة التي جلسنا فيها في بيت ربيعة الناصر؛ إذ عادةً لا يعلق بذهني من الأمكنة التي أحِلُّ فيها- إلا الكتب والنباتات والموسيقا!
.. هذا فقط هو كل ما في الأمر، هذه هي ست ربيعة الناصر في ذاكرتي المدرسية، هذه هي فقط. لكنها كانت وما زالت امرأة مميزة، والمميزون فقط هم الذين يتركون في روحك أثراً إيجابياً لا يقدر عليه غيرهم حتى وإن تركوا أثراً في نفسك.
هذه السيدة المتميزة هي أستاذتي وأستاذة كثيرين وكثيرات مسَّت روحُها شغافَ قلوبنا.. ولا بُدَّ أنها مسَّت شغافَ قلوبِكم ربما دون أن تعلموا، إذا ما علمتم أنَّها والدةُ الموسيقيّ الأردني الشاب المبدع طارق الناصر، الذي لامستْ موسيقاه السحرية أرواحَنا منذ مسلسل "نهاية رجل شجاع"، ومقطوعاته الموسيقية في "فرقة رم"، وإبداعاته الفنية التي لا تتوقف، وهي صاحبةُ "بيت الحكايات والموسيقا" للأطفال، حيث تبدأُ الحكاياتُ ولا تنتهي، حيث القراءةُ طقسٌ يوميّ زادُ الروح وخبز العقل!
هذه هي ربيعة الناصر في نفسي... انتصبت واقفةً من مجلسها الذي تتخذه في ذاكرتي، لتقول لي ولكم الإنسان المميز يترك بصمته التي لا تُنسى في أي مكانٍ حلَّ وفي أي زمانٍ كان! ويُبعَث في كلِّ خفقةٍ من قلبٍ محبٍّ يعرف الوفاء... ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
استمتعوا بموسيقا نهاية رجل شجاع

الأحد، 20 سبتمبر 2015

أزهار قرطبة... ربيعٌ لا ينتهي





حين تسير في شوارعِ قرطبةَ الجميلةِ وأزقّتِها، لا يمكنُ إلا أنْ يأخذَكَ جمالُها، وتأسرَكَ نظافتُها، وتستحضرَ روحُكَ ما كنتَ تقرؤُهُ مدوَّناً في مصادرِنا الأندلسيةِ من اشتهار أهل الأندلس بالنظافة والتدبير والمروءة، "ففيهم من لايكون عندَه إلا ما يقوتُ يومَه فيطويه صائماً ويبتاع صابوناً يغسل به ثيابَه، ولا يظهر على حال تنبو العينُ عنها".

وأنتَ تجد حتى اليوم مصداقاً لهذا في الغادين والرائحين في المدينة القديمة، بثيابهم الأنيقة النظيفة، على بساطتها وعلى ذوقها الغجري، وتجد ذلكَ أكثر في الجدران البيضاء التي تسرُّ أعينَ الناظرين، وفي طلاءِ الأبواب وإطاراتِ النوافذ بما يبهج النفس من الأزرق والأخضر... وإنَّكَ لتجدُ ذلك في الأصصِ المنتشرة بذوقٍ لا تخطئُه العينُ- على الجدران ناصعة البياض، فيمنحكَ الأخضرُ والأزرقُ والأبيضُ تشكيلاً بصرياً يأخذُ جمالُه بالأرواح. ثم تعطفُ عليه الزهرَ المختلفةَ ألوانُه فتكونَ أنتَ الآنَ في قطعةٍ من السِّحر الحلال..



ومن الأشياء التي قد تستحوذ على اهتمام مَن لديهم ميلٌ إلى شؤون الفِلاحة والعناية بنباتات الأصص أو أزهار الرياض، مسألةُ سقايةِ الأزهار المعلَّقةِ على الجدران السابحةِ في الفضاء الأبيض الناصع.. فكيف يستقيمُ لهذه الأزهارِ المبهجةِ للسائرين في الأزقة والطرقات، كيف يستقيمُ لها أنْ تبقى الجدرانُ على أبيضها الناصع، وأنْ تبقى الأصصُ على ألوانها الزاهية الطبيعية أو الخضراء والزرقاء وهي تحتاج الري والارتواء؟



والجواب في هذا النصب التذكاري الذي يمثِّل لحظةً من اللحظات الحلوة التي يقضيها المرءُ في ظل العناية بالنباتات والأزهار، ألا وهي السقاية، اللحظة التي نمنحُ فيها هذه المخلوقاتِ سرَّ الحياة وروحَ الله، كي تبقى تسبِّح بحمده ونبقى نسبِّح بحمدِ واهبِ الجمالِ والحياة!


في هذه المجموعة من الصور قطعةٌ من سحر قرطبة، وقطعةٌ من سحر الفِلاحة التي أورثَها أجدادُنا في ديار الأندلس وخلَّفوها بعد الرحيل.. ولكم في جمالها متعةٌ يا أولي الألباب!




  


الصور من:

http://www.artencordoba.com/PATIOS/Patios-Cordoba-monumento-escultura.html

الأحد، 13 سبتمبر 2015

ربيع قرطبة ...بعيداً عن التاريخ قريبا من الحياة


استبدَّ بي شوقٌ متجدد لا ينقضي إلى الأندلس، وكان صديقٌ أرسل لي يسأل عنها، فعادوتُ مشاهدةَ حلقاتِ الثلاثيةِ الأندلسية التي تكونت من مسلسلات: صقر قريش (2002) و ربيع قرطبة (2003) وملوك الطوائف (2005)، من تأليف أستاذي المبدع د.وليد سيف وإخراج المخرج المتألق حاتم علي، وتمثيل نخبةٍ من الممثلين السوريين والمغاربة .. وهذه الثلاثية هي من المسلسلات التاريخية المتميزة لهذا الفريق...

شكرا في هذا المقام أزجيها للإنترنت وخاصة تطبيق الـ Youtube ؛ الذي يتيح الحصول على ما يحضُرُ في الخاطر من أعمالٍ دراميةٍ أو معلوماتٍ أو ذكرى مضَتْ من الذاكرة، وربما عفا عليها الزمن.
 فكان أن استمتعتُ على مدى ثلاثة أيام من الإجازة -بعد انتهاء الفصل الصيفي بعمله وثقله- بمتابعةِ واحدٍ من أجملِ المسلسلات التاريخية التي قدَّمتْها الشاشةُ الفضيةُ للجمهور منذ سنين.

 وقد كنتُ حين تابعتُ هذا الإنتاج منذ ما يزيد عن اثني عشر عاماً أستحضرُ الصورَ القديمةَ المطبوعة في ذاكرتي وأنا طفلة عن المسلسلات التاريخية المملة، التي كان يجب علينا متابعتُها، في ظلِّ قناةٍ تلفزيونيةٍ رسمية وحيدة، في أيام الجُــمَع أو شهر رمضان أو بعض المناسبات الدينية: حيث تمتلئ المسلسلات التاريخية بـ (الديكورات ) الخشبية الهشة؛ ما يزيد من هشاشة المشهد تمثيلاً وأداءً.. كما تزيد من هشاشتِهِ وضعفه تلك الملابسُ العجيبةُ المستخرجة من جوفِ تاريخٍ لا ندري كيف وصل إليه أو تفتَّــــقت عنه أذهانُ العاملين على تلك المسلسلات..ويزيد من ركاكة تلك المسلسلات ذلك الحوارُ الذي يمضي طوال حلقات المسلسل على ألسنة الممثلين، في رتابةٍ وعلى نغمةٍ واحدةٍ لا تعلو ولا تنخفض، وفي صَنَميةٍ مفتعلةٍ للغة العربية الفصحى، تنفِّر المستمع منها، وهي اللغةُ التي ما ضاقت يوماً عن أن تسَعَ الاختلاجاتِ والابتهاجاتِ والأحزانَ والأشجانَ ومعاني الوجدان..حتى تغير الحال ووجدناها رائعة وشائقة في برامج الأطفال مثلا حين يتكلمون في كل شؤون الحياة بانفعالٍ وتلوينٍ للكلام وتنغيم يعبِّر عن المواقف الحقيقية بطبيعيةٍ وتلقائيةٍ جذابة.
هذه بعضٌ من جوانبِ الهشاشةِ والضعف الذي كان يطبعُ الأعمالَ الدرامية التاريخية في الماضي.. لكنَّ الماضي يتغيَّر مع هذه الثلاثية الأندلسية التي قدَّمها المخرج حاتم علي وفريقه، في عملٍ يحمل بصمةً لا تُخطئها ذائقةُ المتابعِ؛ إذ يمشي التاريخُ فيها على قدميْن وتُبعَثُ الروح من جديد في أجساد من قضَوْا وراحوا.. ليقوموا من جديد بكلِّ ما في حياتهم من صخبٍ وألَق، وبهجةٍ وحزن، وسرورٍ وحبور..بكل ما في تلك الحياة من إثمٍ وطهر، من ذنب وتوبة... بكلِّ ما فيها من غضبٍ وهدوء.. بكل ما في النفس البشرية من تناقضاتٍ جَعَلَها المخرجُ تنطقُ في حركةٍ الممثلين، وثيابهم، وكلامهِم، وإيماءاتهم، ونظراتهم، وآهاتهم.. بل حتى نبضات قلوبهم..بحيث نرى أجدادَنا في الماضي أقربَ للبشر منهم إلى الأنبياء، أقربَ للأرض منهم إلى السماء.. أقربَ للقلب منهم إلى أي شيء آخر.. بحيث نرى فيهم أنفسَنا..
بحيث نوقنُ أنَّ التاريخ حقاً يعيد نفسَه، وأنَّ اللهَ الذي يُبدئ ويُعيد بقادرٍ على البدء والإعادة من جديد كلما استلزم الأمر، لكننا –للأسف- ننظر ولا نتعلم.
كانت أهم ميزات المسلسل أنه ابتعد عن (الديكورات) الخشبية المصطنعة لواقعِ الماضي، التي احتلَّت مخيالنا وذائقتنا البصرية الجمالية لمدة غير قصيرة، ورسمتْ حياةَ أجدادِنا في قالبٍ نمطي غير جميل، يتناقض مع الروايات التاريخية التي تنص على غير ذلك، لينتقل التصويرُ إلى مواقعَ حقيقيةٍ من قصورٍ وحدائقَ وبيوتٍ وشوارعَ...وغيرها، وارتدى الأجدادُ ملابسَ عاديةً قريبةً لروح العصر..
وصارت اللقطاتُ تحتفلُ بأطفالٍ في الصورة التلفزيونية، تُقنع المُشاهِدَ أنَّ التاريخَ الذي يُعرَض هو منّا، مِــــــنّا نحن الذين نحبُّ كثرةَ المواليد وتزخر بهم الحاراتُ والأزقة والبيوت والقصور... فكيف يختفون بقدرة قادر في المسلسلات التاريخية والأعمال الدرامية التي تحكينا؟؟
الشكر موصولٌ مجدداً للصديق الذي فتح قلبي على هذه الذكرى، والشكر موصولٌ لليوتيوب الذي يتيح لنا استعادةَ اللحظاتِ الجميلة؛ إذ أصبحت الأعمالُ الدراميةُ والإعلامية المرئية، جزءاً من واقعنا الذي يشكِّل –في بعض الأحيان- كثيراً من قناعاتنا، في ظلِّ ابتعادٍ حقيقي عن المطالعة التي هي طريق المعرفة الأولى.
في المقاطع السابقة على صفحتي من مسلسل (ربيع قرطبة) بعضٌ من قصة حبٍ طاهرة قد يعيشها آخرون في زمنٍ آخر، وسواء أاتفقت المصادرُ التاريخية على صحَّتِـها أو تلفيقها، فإنَّ كاتبَ النص والمخرج والممثلين قد أبدعوا جميعاً في بثِّ ماءِ الحياة في القصة من جديد، وبث ماءِ االحياةِ فينا؛ بهذا التمثيل الذي يكاد يقترب من الحقيقة ويجعلنا نلمسها بأيدينا.
في الحقيقة.. أجدُ في مثل هذه المسلسلات فائدةً كبيرة في العملية التربوية والتعليمية، أدعو إليها زملائي وطلبتي، بإضافةِ مادةٍ مشوقةٍ باللغة العربية الفصيحة الرشيقة الحقيقية، التي أبدع الممثلون في أدائها ونطقها، كي يعرف طلبتُنا أنَّ اللغةَ العربية فيها سرُّ الجمال والإبداع، وأنها يمكن أن تكون على لسانهم سلسبيلا لا تنقطع خيراتُه. وأنَّ التاريخَ المحنطَ في صفحاتِ الكتب المدرسية والجامعية، يمكن له أنْ يُبعَث حيّاً في مشاهدَ تقرِّبُ لطلبتنا التاريخَ الذي نحدِّثهم ببعض أخباره في المحاضرات والكتب.
هذا ما تفعله الأندلس فينا: ففيها الروح، وفيها الجمال، وفيها الحب،.. وفيها الموعظةُ والذكرى. 
صباحكم معطر بعطر الأندلس ونسماته البهية.

في الرابط مشهد يومي من التاريخ

في السوق.. اصطياد قلوب الزبائن في البيع والشراء
 https://www.youtube.com/watch?v=AoMXRnCDCR8

الثلاثاء، 23 يونيو 2015

كنتُ هناك ... مجموعة قصصية بقلم مجدولاين دحيّات


..... وسنكون هناك عزيزتي!


شاءت أقداري الحلوة أن تضع في طريقي هذه المجموعةَ القصصيةَ للمؤلفة الواعدة مجدولاين، وأن أكون واحدةً من أولئك الشاهدين ميلادَ الواعدين من أبنائنا وبناتنا، بهذه الإطلالة التي لا أودُّ تسميتها إطلالة نقدية، بقدر ما أقول إنها إطلالةٌ عاطفية على عملٍ أدبي وفني، يعِدُ بكثيرٍ في مستقبل الإبداع، فما زلتُ أؤمن أنَّ في النقد جانباً ذوقياً انطباعياً لا انفكاك منه، ويحق له أن يبقى أمام النظريات النقدية الصارمة، وقوالب النقد المنهجي.
لهذا حين وقع هذا الكتابُ اللطيفُ في يدي للمرة الأولى، وقع في قلبي بلا استئذان؛ إذ يحمل في عتباته اسم كاتبته-التي لا أعرفها شخصيا- مجدولاين، وهو اسمٌ له في نفسي أشياء وأشياء..اسمٌ قرأتُه بقلبي لا بعيني (مجدولين)، في تناصٍّ صريح والقصةَ الأولى الطويلة التي عاشت معي وأنا شابة في مقتبل العمر، وسحرتْني بعضَ سحرٍ كلماتُها وحوادثُها... وأبقى في عتبة الاسم (مجدولين) الذي تحمله المؤلفة، وهو بعضٌ من قلبي، بعضٌ مني، إن بعضَه (مجد)، وهو اسم ابنتي!
***
من عاداتي التي لا أتخلى عنها حين أمسكُ كتاباً لأول مرة، أنْ أقلِّبَ في افتتاحاته الخطابية سريعا؛ من صفحة العنوان في العتبة الأولى للكتاب، إلى الإهداء... حتى كلمة الناشر –في عتبة الجلادة- آخر ما يلاقينا من الكتاب, وحين وقعتُ في الصفحة الأخيرة على سطور حياة الكاتبة الشابة، وقعتْ هي في قلبي، فهي بعمر ابنتي كذلك، لتتنزَّل في نفسي صورة أم وابنتها، معلمة وطالبتها .. لا ناقدةٍ تحمل مشرط النقد وعصا القواعد، قدر ما تحمل دعاءً وتوجيهاً وثناءً لأبنائنا المتميزين؛ الذين ما فتئوا كلَّ يوم يجددون فينا أنَّ الأملَ فيهم لا يخيب.
***
هذه التوطئة الواقعة في قلبي، التي بُحتُ لكم بأسرارها، ما كانت لتمنع مني المسؤوليةَ في قول كلمة حق بحق هذا العمل، الذي يستحق أن يقال فيه ويقال له.
حين استوقفتْني إضاءةُ مجدولين على عتبة قصصها الواقعية، ظننتُ، وبعضُ الظن إثم، أنني أمام طالبةٍ ستعيد على مسامعنا حكاياتٍ ربما مرَّت بنا، وفرَّت منا في زحمة الحياة، أو ستملأ صفحاتِ كتابها بقصص تنتهي بخاتمةٍ تذكرنا بالسؤال الذي كنا نُسأَل دوماً حين ننتهي من قراءة قصة: ما الدرسُ المستفاد، وما الذي تعلَّمته منها؟
هكذا كان ظني .. وقد خاب! لأجدُني وأنا أنتقل في قصص مجدولين من بابٍ إلى باب أنسى من كانت وقعت في قلبي قبل أن أقرأ لها، وأنسى خاطراً خطر في نفسي أنَّ هذا العمل ربما يكون أشبه بتجاربَ ، لا تتمايز بكثيرٍ عن خطرات تبوح بها أقلامُ المراهقين والمراهقات، في فسحةٍ من العمر ستمضي وستنقضي! لكني وجدت في الأمر اختلافا كبيراً، وقفتُ فيه أمام قلم كاتبة تتقن صنعتها.
وهكذا ولجتُ البواباتِ السحرية لمجدولين: عنوانَ قصة، ولوحة فنيةً –بالتأكيد كنتُ أفضِّلها مطبوعة بالألوان – ثم ها أنت في فتنة الكلمات وجاذبية السرد تنسى ما قد في نفسك من قلبُ، وتغرق في وهمٍ لذيذ، لا يقدر عليه إلا المبدعون: إنْ هذا إلا قلمٌ تمرَّس الإبداع، وعينٌ أتقنت الملاحظة، وكلماتٌ أجادت الوصف!
***
فإذا وقفتُ الآن على بعض ما يمكن أن يُقال في هذه المجموعة القصصية، فإنها مجموعةٌ تستحق أن تُقرأ، ولتسمحوا لي بتشجعيكم وأولادكم على قراءتها، هي مجموعة لطيفة من أربع عشرة قصة قصيرة، تقابلكم عناوينُها في فاتحة الكتاب، ثم اتركوا لأنفسكم بعد ذلك أن تأخذكم حيثت تشاء، وسوف تجدون أنكم في ذلك الذي يفتن ويسحر: في السرد والقَصِّ والحكي ...وقعتم!
***
لا أضيف جديداً على ما قالت المؤلفة حين وصفت قصصها بأنها واقعية، وهي كذلك بامتياز، إذ أتقنت منذ الخطوة الأولى اختيار محتوى القصص، فمَن منا يظن أن اللوحاتِ والمشاهدَ الرتيبة التي نألفها، وتتكرر يومياً لدى آلاف الناس، قد تكون لُحمةَ عملٍ مبدعٍ حين تــنسجه الكلمات؟
أزمة المياه؟ كباكيب الصوف الملوّنة؟ الحرب على جهاز التحكم بالتلفاز؟ الفطور الصباحي: فول حمص فلافل وخبز وخيار وبندورة ؟؟ لقد خلقتْ مجدولين من هذه التفاصيل وغيرها ..قصصاً تُحكى!
ولأجل هذه الواقعية أتقنت المؤلفةُ ملاحقة التفاصيل الصغيرة للمكان والزمان والشخصيات، وقبضت على المشهد بصورها وعباراتها، حتى تأتَّى لها السردُ الجذاب المقتضب، يشدُّ القارئ دونما ضجر، وفي هذا كان لها من التوفيق نصيب، في عدد من الصور الفنية التي صاغتْها بعبارات قريبة من الروح .
***
وسعياً لهذه الواقعية كان المحتوى سرّاً من أسرار حكاياتها، ففي (أرواح مشوهة) وفي (ذكريات الطفولة) التمييز في مجتمعنا بين الذكر والأنثى، انتصاراً للذكر، وهي تجربة مرَّت على بناتنا، وما زالت التجربة مستمرة! تتشابه القصص على اختلاف التفاصيل.
أنتِ بنت وهو ولد!
"لقد كبرتِ ..وأنتِ الآن من يحتاج إلى حارس!".
وفي (كراكيب) الطرافةُ والفكاهةُ ..والمفارقة! " يا للمصادفة..لقد أنهينا العملَ معاً، أنا واللصوص، .. وانتهى الأمرُ بأن أصبح منزلي فارغاً من الداخل والخارج!".
حتى عرائس البحر في (إلى القمة) لا تجعل القصص تفلت من سمت الواقعية، حلم غريب لشاب يجعل من عقود اللؤلؤ.." حباتِ العرق التي تسيل على جبينه وهو يسعى لتحقيق أهدافه في الحياة".
وكم نحتاج إلى اللؤلؤ في حياتنا ... ونحتاج إلى عقود تزيّننا!!
*****
أما الدهشة التي أجدها من أسرار إبداع مؤلفتنا الواعدة، فهي دهشة الخواتيم! لقد أدهشتني حقاً في نهايات بعض القصص بذكائها في خواتيمَ تأتي على غير انتظار، تفسر ... تضيء ما قد سلف، وتنمّ على ذكاء مبدعتها.
في (مساواة) خاتمة يتساوى فيها مصيرُ امرأة بمصير نملة! نملة
 تماهت وإياها .. حدَّ النهاية الفظيعة!
وفي (شمعة حب) انتهى الصراع على [ريموت التلفزيون] بمجرد ضغطة على قاطع الكهرباء، جعلت الأُسرةَ تغرق في ظلام، ظلام أعاد إلى قلوبها نور المحبة، ودفئاً كان مفقودا.
وفي (غرفة 24) تدهشنا بأننا حين يحضر الموت ويشخص البصر، سنبقى جميعا في تلك الحالة أيضا، سنبقى في الانتظار!
أما في (متّ..بكرامة) فالنهاية كانت موجعة.. قاسية قد لا تُحتمَل؛ حين يختار الابنُ الامتثالَ لأمر أبيه، وكم منّا يقدر عليه؟! فيضع حدّاً لحياته التي لوَّثها الإيدز إذ ".. ربما عاش لنفسه، لكنه يموت من أجل أسرته".
***
ومع الدهشة أختم كلماتي لأقول: مدهشةٌ أنتِ يا مجدولين! وأنتِ تسيرين على درب الإبداع، حيث سنكون كلُّنا هناك بانتظار قلمكِ... بانتظار كلماتك... بانتظارِ كلِّ جميلٍ منكِ مأمولُ!


الأربعاء، 10 يونيو 2015

الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية


https://hmsq8.wordpress.com/2015/06/08/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%82/

الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية

  
الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية
رشا عبدالله الخطيب

من مجالات القراءة التي شغفت بها في السنوات الماضية ولا زلت، تاريخ الأندلس عمومًا، وما يتصل به من دراسات وأعمال قديمة وحديثة، عربية أو مترجمة، وكذلك مجال الدراسات الاستشراقية، سواء ما أنتجه المستشرقون أنفسهم، أو الكتابات العربية النقدية لإنتاج المستشرقين عمومًا، وفي هذا الكتاب، وجدت المجالَين مضمومين في موضوع واحد طريف وغير مسبوق، فكان حافزًا قويًا لدي لاقتناء الكتاب وقراءته حالاً.

وعمومًا، فالكتاب يبحث موضوع المستشرقين/المستعربين البريطانيين وعلاقتهم بدراسة الأدب الأندلسي، وفي مقدمة الكتاب تضع الباحثة رشا الخطيب عدة تحديدات لعنوان كتابها في ذهن القارئ قبل أن يشرع في قراءة الكتاب، ومن أهم هذه التحديدات:
– أن عبارة “الأدب الأندلسي” تشير إلى “الأدب بمعناه الإبداعي، أي النصوص الإبداعية من شعر ونثر وما ينضوي تحتهما من فنون أدبية متنوعة عرفتها الأندلس وأبدعها أعلامُها”.
– وأن كلمة “الاستشراق” الواردة في العنوان، ورغم عدم مناسبتها جغرافيًا حيث أن كلا الدارس والمدروس يقعان جغرافيًا في الغرب، إلا أن الباحثة تؤكد على أن الشرق هنا يؤخذ “بمفهومه العام الحضاري والثقافي، أي الشرق الذي يقصد به بلاد العرب والمسلمين”، وذلك في إطار تاريخ الأندلس، ووجود المسلمين فيها.
– أما كلمة “البريطاني”، فتوضح الكاتبة أن المقصود بها هو كل من كان يعمل في الهيئات العلمية والجامعية في بريطانيا، وليس بالضرورة فقط أولئك الذين يحملون جنسيتها.
ثم بعد هذه المقدمة، والتوضيحات الجانبية، يبدأ الكتاب الذي يقع في بابين اثنين هما:
– الاستشراق البريطاني والدراسات الأندلسية: توطئة عامة ونظرة تاريخية.
– الدراسات الأندلسية في بريطانيا: المنجزات العلمية والمنهجية.
وفي نهاية الكتاب، تضع الباحثة مسردَين أولهما يتعلق بالمستشرقين البريطانيين المهتمين بالتراث الأندلسي، والآخر مجرد قائمة بالمقابل اللاتيني لأعلام المستشرقين عمومًا.
ومنعًا للإطالة، أورد أهم ما تستخلصه الباحثة الخطيب في كتابها هذا:
– أن الدراسات البريطلنية المتعلقة بالأدب الأندلسي تعتبر قليلة إذا ما قورنت بالدراسات الفرنسية والإسبانية، إلا أنها كانت إضافة نوعية، أثبتت حضور بريطانيا في هذا المجال من الدراسات.
– عمومًا، تعتبر المدرسة الاستشراقية البريطانية جزءًا من النظرة الغربية العامة تجاه الأندلس، تتفق معها في أشياء، وقد تفترق في أخرى.
– أن المستشرقين الإنجليز الذين تناولوا الأندلس عمومًا، لم يكن التخصص الدقيق لغالبيتهم هو الدراسات الأندلسية، وإنما هم في الغالب من المستشرقين والمستعربين المهتمين عامة بالدراسات العربية والإسلامية.
– أن النشاط الاستعماري لبريطانيا، أثّرَ في توجهات المستعربين البريطانيين ومساهماتهم العلمية، مما جعل إنتاجهم أقل بكثير مما أنتجه المستعربون الفرنسيون والإسبان فيما يتعلق بالأندلس، وهذه إشارة قوية للعلاقة الوثيقة بين الاتجاه السياسي للدولة، وتأثيره على جهود الباحثين المنتمين له.


والقارئ سيجد متعة في قراءة واستكشاف تاريخ الدراسات العربية عمومًا في بريطانيا بين دفتي هذا الكتاب، فالباحثة الخطيب اهتمت في كتابها بأن تقدم إضاءات كاشفة على تاريخ الاهتمامات البريطانية بدراسة اللغة العربية، ودوافع هذه الاهتمامات، وصورها ومجالاتها، كما أنها تناولت موضوعًا مهمًا وهو جمع المخطوطات العربية في بريطانيا وفهرستها.
وعند العودة لموضوع الكتاب الرئيس، تجد الباحثة أن أهم القضايا التي شاركت المدرسة البريطانية في مناقشتها في الدراسات الأندلسية تقع في ثلاثة مجالات تكاد تكون قريبة، وهي:
– التأريخ للأدب الأندلسي.
– الأثر العربي في الآداب الأوروبية.
– الموشحات والأزجال الأندلسية.
وتُفصِّل الحديث عند مناقشتها لاتجاهات الباحثين البريطانيين ومواقفهم من هذه القضايا الثلاث، وتذكر بعض المعارك العلمية التي دارت رحاها بين الفرق العلمية الأوروبية التي تباينت رؤاها حول كل قضية.

باختصار الكتاب يعد ذات قيمة حقيقية فيما يتعلق بالاستشراق البريطاني عمومًا، ورغم قلة الإنتاج البريطاني المتعلق بالأندلس، إلا أن هذا لا ينفي الدور المبكر للمستعربين البريطانيين في تناول الأدب الأندلسي، بالتحقيق والترجمة والفهرسة وغيرها من النشاطات العلمية.