أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 10 أكتوبر 2016

خيانة

بقلم : منال عبد الوهاب الأخضر
استيقظت هذا الصباح أبكر من عادتي… فتحت حاسوبي و شغّلت أغاني فيروزية صباحية… سارعت إلى إعداد قهوتي… وضعت بعض البسكويت في طبق و عدت إلى غرفتي… فتحت النافذة على مصراعيها و رفعت الستار الذي أبقيه في العادة مُسدلا… و كأنّني بذلك أحفظ خصوصية مملكتي الصغيرة…
استيقظت هذا الصباح و بدأت بملء وقتي حتى أنفض عن روحي غبار ليلة عصيبة مررت بها.. ليلة أصبحت فاصلة في حياتي.. ليلة خرجت منها بإستنتاج واحد… هوّ أنّني إنسانة ساذجة… تعيش في إنفصال تامّ عن واقعها الذي يعجّ بظلال الفزّاعات من المنافقين و المنافقات…
ليلة أمضيتها و أنا أبكي…. أبكي كي أعاقب نفسي.. و كلّما قاربت الهدوء أغمضت عيني و تذكّرت الخيانة التي تعرّضت لها حتى ينهمر دمعي أكثر فيشتدّ ألم ناظري و صداع رأسي… كي لا أنسى أبدا ما حدث معي… جلست على طرف السرير أترشّف قهوتي و أتصفّح ألبوم صوري.. صوري مع أفراد عائلتي و مع أصدقائي الذين لم تكن بينهم تلك التي سبّبت لي تمزّقا في عضلات الروح و ثقبا في صمام الأمان… فلم أعد أثق في هذه الحياة و حتى ثقتي بنفسي تعاني حالة حرجة بسبب ما فعلته بي… أخذت نفسا عميقا و توقّفت كي أُفكّر…
الأقربون طعناتهم أخطر ..  فهي تأتي من مسافات قصيرة 

أتُراني أخطأت في حق تلك التي إعتبرتها يوما ما صديقة؟ أتُراني أستحقّ ما فعلته بي؟ أم أنّني أخطأت بحقّ نفسي حين سمحت لشخص مثلها بأن يكون أحد شخوص حياتي؟… لقد كنت أؤمن دوما بأنّ إحساسنا الأوّلي تجاه شخص ما غالبا ما يصدق… فإذا شعرنا بالإرتياح نحو أحدهم فإن شعورنا ذاك هوّ إشارة إيجابية كي نتقبّله في حياتنا و إذا راودنا شعور سلبي تجاهه فمن الضروري أن نحذر منه… و لكنّي حطّمت ذاك الإيمان يوم تجاوزت ما رأيته في عينيها من خبث و لؤم و إتّخذتها صديقة… بكيت من أجلها حين كانت تتألّم و ضحكت معها حين كانت سعيدة… كنت أتجاهل كلّ الإشارات التي وضعها القدر في طريقي كي أحذر منها فكان عقابي أن طعنتني بظهري دون أن تضع إعتبارا لما عايشناه معا… ربّما لأنّها زائفة بالأساس… غير حقيقية… كاذبة… بل أكثر من ذلك… شريرة و حقودة… ربّما لم تكن صداقتها حقيقية و لكنّ خيانتها جدّ حقيقية…لعلّ كلّ ما في الأمر أنّها إتّخذتني عدوّة منذ اللّحظة الأولى لكنّي خلتها تتودّد لي… ربّما و ربّما و ربّما… كلّها إفتراضات يعجّ بها رأسي في حين يحثّني عقلي الباطن على العودة إلى النوم حتى لا أشعر بما أشعر به من خيبة و ألم… و حتّى لا أصبّ جامّ غضبي على نفسي… و لكنّي مصرّة على أن أستجمع شتات روحي و أن أسند نفسي بنفسي و أمضي…. فرغم خيانة إحداهنّ لي إلاّ أنّ حولي صديقات حقيقيات… و في حياتي الكثير ممّا يدفعني إلى الإنتفاض على حالة الحنق و الغضب التي تتملّكني…. لن أخون نفسي و أستسلم… فقط لقد أدركت أنّي في حاجة إلى دروس مكثّفة في الحياة حتى أتخلّص من سذاجتي… لقد أيقنت أيضا أنّ في هذا العالم مسوخ على هيئة بشر…




على الأقلّ أصبحت أعلم الآن أنّك لا تحتاج أن تؤذي الآخرين حتى يأتي من يؤذيك… يكفي أن تكون حقيقيا… صادقا و نقيّا حتى يأتيك الأذى من حيث لا تدري… 
وللأسف هكذا هي الحياة…



الأحد، 2 أكتوبر 2016

عن أنجلينا الحزينة

بقلم: بسمة النسور

موقع العربي الجديد


صرّحت النجمة الجميلة، خفيفة الظل المحبوبة، جنيفر آنستون، بشكل هادئ ورزين وغير انفعالي، وهي الزوجة المخدوعة التي تعرّضت للخيانة، إن الطلاق المدوّي الذي تم بين براد بيت وغريمتها اللدود أنجلينا جولي الأسبوع الماضي، هو تحقق (الكارما)، أو العاقبة الأخلاقية، بمعنى أن من قام بالظلم بالعدوان يوماً سوف يتعرّض للظلم والعدوان بالضرورة، وفق هذا القانون البسيط الذي يحقّق العدالة على الأرض، ويتيح للمعتدى عليه تذوق حلاوة الانتقام العذب.
وكانت آنستون قالت، في تصريح سابق، إنها، بعد مرور عشرة أعوام من الشعور بالمرارة والغضب والحزن والإحساس بالخذلان، سامحت براد وأنجلينا، ولم تعد تشعر بالغضب تجاههما، وهذا، بحد ذاته، وعلى فرض أنه كلام حقيقي، وليس مجرد رد دبلوماسي، نصحها به خبراء ميديا، درس إنساني جميل في مهارة التسامح وأهمية المضي في الحياة والبحث عن أسباب السعادة فيها، على الرغم من الأحزان وانكسار الخاطر وخيبة الأمل والإهانة العلنية التي منيت بها، على مرأى من العالم، كامرأة متروكة جرى التخلي عنها من أجل امرأة أخرى، وهذه أكبر إساءة يمكن أن توجّه لأنثى.
قدّمت هذه الفنانة ذات الحضور العفوي درساً في اللباقة والتهذيب، ربما يحتاج كثيرون من جمهورها، في العالم العربي خصوصاً، وهم الذين أبدوا تشفياً وشماتة كبرى، ربما يحتاجون التعلم من المصير الذي حلّ بأنجلينا جولي، وهي، بحسبهم، الطرف الشرير في هذا الثالوث الهوليودي ذائع الصيت، حيث صنفوها "خطافة رجالة وخرابة بيوت"، كون براد بيت مجرد رجل أبله سهل الانقياد، عديم الإرادة فاقد الأهلية، بحيث سطت عليه، وصار من أملاكها، بمجرد أنها أرادت ذلك. وهكذا، ومثل العادة، تُدان الأنوثة جمعياً، باعتبارها سبب الغواية ومصدر الشرور كلها. الطريف أن الشامتات بها من النساء كثيرات، لعل أبرزهن فيفي عبده التي أجابت مرة عن سؤال في مقابلة تلفزيونية عن عدد زيجاتها، قائلة إنها ليست متأكدة من أنها خمس أو ست، فغرّدت على "توتير"، مخاطبة أنجلينا: "معلش، يا أنجلينا يختي، أصل الرجالة كلهم كده يا حبيبتي".
وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخرة عن مغبة انهماكها بالقضايا العامة، ومتابعة مآسي اللاجئين، وإهمال رجلها، في سياق المنطق التبريري نفسه، الذي يغفر للرجل خطاياه، ويصنفها ضمن الهفوات الصغيرة التي يمكن غفرانها، فيما إذا تحلت المرأة بالحكمة والصبر. وكان الخبر الصاعقة، بحسب وصف خبراء أعلام، انتشر وسط تضارب معلومات وإشاعات حول أسباب الطلاق الذي بات حديث الساعة، وانشغلت وسائل الإعلام، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم بأسره، في أصداء النبأ الجلل، وانخرط محللون في التحليل والتوقع والمتابعة.
 

وهذه مسألة مثيرة للعجب حقاً، إذ لا غرابة في هذه النهاية المتوقعة لعلاقة استنفدت أسباب بقائها. وبما أن الأرض كروية، والأحداث فيها لا تتوقف عند أحد، مهما كان مشهوراً أو مؤثراً، بما أن دوام الحال فيما يتعلق بالبشر يدخل في نطاق الاستحالة، لأن هناك دائماً نقطة نهاية، علينا أن نقبل بها، طالما احتفلنا بالبدايات. تلك طبيعة الأمور، والأحداث الحزينة جزء من مسار الحياة، كما أن من المملّ جداً أن تبقى الأشياء على حالها، رتيبةً متكرّرة، لا جديد فيها، لا يبقى شيء على حاله، وأن العلاقات الإنسانية حقل شائك سريع التغير، لا تبقى على إيقاعٍ واحد، وبما أن أمزجة الناس ومشاعرهم، كما أمنا الطبيعة، تتبدّل دورياً، فيصبح حبيب الأمس عدو اليوم، وزوج اليوم طليق الغد وهكذا.
ويبقى السؤال مشروعاً بشأن سر ارتجاج الدماغ الذي أصاب كثيرين من سكان هذا الكوكب، لمجرد إعلان الثنائي (برانجيلنا) عن نبأ طلاقهما. ألا يتطلق الناس يومياً في كل مكان يا عمي؟ وهل الناس من السذاجة والسطحية، بحيث ما زالوا قادرين على تصديق أكذوبة الحب المثالي كامل الأوصاف، حيث لون الحياة بامبي، والعصافير تزقزق على الدوام. صحيح أن أنجلينا أهدته جزيرةً على شكل قلب، ثمنها 12 مليون دولار حين بلوغه الخمسين، لكن ذلك لن يمنع من إعلان وفاة الحب، حين تحين ساعته، لا شيء كفيل باستبقائه، ولا ينبغي، والحالة هذه، سوى إفساح المدى أمامه، حين ينوي الرحيل، مردّدين مع فيروز، بنبل ورفعة، وبكثير من الحزن: الله معك يا هوانا.

سوبر ماما

بقلم مي ملكاوي 
مدونات الجزيرة




فتحت فمها مندهشة: غير معقول... ماجستير ولديك طفلتان؟"
ابتسمتُ وأنا أساعدها وهي تقوم بفحص "مريم".. وعلقت وهي تنظر ناحية "ميرة" التي لم تتوقف عن القفز في الغرفة منذ دخولها "أنا لا أعرف كيف فعلتِها؟... أنا حقاً منبهرة". 
كانت تلك الأخصائية في عيادة الأطفال، ألتقيها لأول مرة بعد غياب الأخصائية التي اعتدناها، وقد بدا عليها الفضول لمحاورتي. لكنني لم أستطيع إلا أن أقول لها: "أعرف الكثيرات ممن يقمن بأكثر من هذا، لي أخت تحضر الدكتوراة ولديها أربعة أبناء أنجبت آخرهم في فترة مناقشتها الأخيرة، كما أنني أعرف أكثر من صديقة حصلت على الدكتوراة في نفس الوقت الذي أنجبت فيه أطفالها كلهم، وعندي صديقات يقمن بعشرين مهمة وعمل بذات الوقت". زاد انبهارها، وقالت لي إنها أم لثلاثة لكنها لا تستطيع فعل شيء آخر سوى عملها اليومي، وأكدت إن الأمور صعبة. 
ليست هناك وصفة جاهزة تجعل من المرأة إنساناً ناجحاً، لأنها ببساطة مثل الرجل تحتاج الى قوة وعزيمة وإرادة للاستمرار، تضيف إليها قوة تحمل للضغط الكبير. 
لم يكن الوضع يسمح بمزيد من النقاش لكنها أدارت بعقلي الكثير من الكلام.. وتذكرت تعليقاً لإحدى الفتيات على مقالة كتبتها عند حصولي على شهادة الماجستير، قائلة: "لماذا علي أن أصل الى حافة الانهيار؟ أمومة وغربة وزواج ودراسة وعمل لماذا كل هذا؟".. وقد ردت عليها صديقتها معللة رغبتها في أن تكون مثلي "سوبر ماما" لأن في الأمر شعوراً جميلا وإنجازا رائعاً.
علقت معهما يومها.. وضحكت على نقاشهما، وتذكرت بالفعل كم كان الأمر صعباً، وكيف مرت أيامٌ متوترة وأخرى نكِدة حزينة، وأيامٌ بطيئة ومزعجة وأخرى سهلة جميلة.. وتذكرت كيف أنني كنت أنهار بالفعل في لحظات الضعف وأرتمي باكية في رغبة حقيقية بأن يتوقف الزمن كي أحظى بلحظات راحة أو بساعات نوم بدون تنغيص.
لكن هناك حقيقة يجب ذكرها: أنا لم أكن ولا للحظة واحدة لوحدي، كان الجميع حولي يساندونني: زوجي.. أختي الكبرى عبر الهاتف اليومي.. أهلنا من الجانبين، الكل كان يساندني من حيث لا يدري. ولو كان للحق أن يقال فإنني حقاً لم أقم بالأمر وحدي. 
أنا لست "سوبر ماما" ولا سوبر أي شيء آخر، فالمرأة الخارقة ليست سوى في الأفلام الأمريكية، وكل شخص في هذا العالم وليس فقط كل إمرأة عنده حدّ تنتهي عنده طاقته وقوته، ويحتاج الى أن يملأ خزان وقوده بكم كبيرٍ من الراحة الحقيقية، ولكن هناك أشخاصاً خزانات الوقود عندهم ذات سعة كبيرة فعلاً.. وهنا تكمن الفروقات في الإنجازات.

ليست هناك وصفة جاهزة تجعل من المرأة إنساناً ناجحاً لأنها ببساطة مثل الرجل تحتاج الى قوة وعزيمة وإرادة للاستمرار، تضيف إليها قوة تحمل للضغط الكبير، وبظني فغالبية النساء تستطعن ذلك بل إنني رأيت بعينيّ نساءً يقمن حقاً بعشرين مهمة في نفس الوقت ولا يشتكين. على الأقل أنا كنت أبكي كالأطفال في الأسبوع مرتين أو ثلاثة عندما تتراكم الواجبات الى جانب مهام العمل. ولكن الظروف والمحيط المتفهم قد لا يتوفر لكثيرات؛ بل قد تكون الحروب والنزاعات أكبر الدلائل على معنى الظروف الصعبة التي تمر بها النساء، لكن ذلك لا يمنع ولم يمنع كثيرات من التميز والاستمرار، وقد صرنا نرى كثيراً من الأمثلة الحية لنساء تحدين واقعهن بالفعل كي ينجحن وينطلقن.
عالمات ورياضيات ومخترعات وفنانات ورائدات أعمال وغيره، وهذا خلق حالة من الـ"غيرة" الإيجابية أو العدوى الإيجابية فأصبح الجميع راغبين بأن يكونوا جزءاً من هذا التميز. 
لا تحدثوني عن نساء خارقات، حدثوني عن همم حقيقية لا تغمض جفنيها عن أحلامها.. تسعى إليها سعياً وتضرب الأرض لتحقيقها 
لأن النجاح ببساطه هو إرادة.. وقد ذكر القرآن في الآية 28 من سورة يوسف "إن كيدكن عظيم" ورغم أن الكيد ذكر في مواضع كثيرة أخرى في القرآن الكريم في كثير منها ايجابية، إلا أنني أعتقد أن الله عزوجل خص المرأة بقدرتها على تسخير قوة عقلية هائلة حينما تريد شيئاً.. ولست أني هنا الكيد السلبي من غيرة وسواها، إنما أنا أعني مهارتها في التحايل للحصول على ما تريد سواء في بيتها مع عائلتها أو مع صديقاتها أو في عملها أو أي شيء آخر.. وهي تستطيع استخدام الحيلة الطيبة للوصول الى نجاحها الذي تصبو إليه.
هيلاري كلينتون - وقد استحضرت مثالها عمداً بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا عليها- فقد تمكنت من الوصول الى المرحلة الأخيرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وقد تصبح رئيستها خلال أيام معدودة وذلك لم يكن سهلاً أبدا على غيرها، وهي ليست إمرأة خارقة بالتأكيد، لكن كل الظروف والشخصيات والسياسات من حولها ساعدتها وهيئت لها هذا الوصول، وبالتأكيد جهدها وشخصيتها ساهما معها أيضاً.
لكن انظر الى أمثلة أخرى من نساء رائدات في مجالات متعددة.. وأسألهن عن الصعوبات الحقيقية التي واجهنها من إمراة مات عنها زوجها فربت أبنائها بإخلاص وليس في جيبها شيء، الى إمرأة هربت من الحرب وفقدت أبنائها أو أهلها لكنها تابعت مسيرتها في الحياة بقوة وبرزت، الى نساء قدمن لنا أمثلة حية في العلوم والاقتصاد والسياسة والفنون الأخرى. 
لا تحدثوني عن نساء خارقات، حدثوني عن همم حقيقية لا تغمض جفنيها عن أحلامها.. تسعى إليها سعياً وتضرب الأرض لتحقيقها.. نغبطها وننبهر بها نصفق لها جميعاً وكلنا "غبطة" أن نسير على ذات الطريق.

الخميس، 29 سبتمبر 2016

خواطر في تعديل المناهج2

خواطر في تعديل المناهج 2
فلنكن صادقين مع أنفسنا قليلا: من قال إن المناهج المدرسية لها أثرٌ كبير في أبنائنا؟!
ربما يكون للكتاب أثرٌ في نفسِ قارئه لا يزول، لكنه حتماً ليس الكتاب المدرسي في عالمنا العربي!!!
المعلمون  والأهالي أكثر دراية من غيرهم بشِعاب أبنائهم الطلبة؛ فكم من كتابٍ لاقى مصيره نهاية العام الدراسي ما بين تمزيق.. وتحريق.. وانتقام لا يشفي غليل طلبةٍ كسالى يرون في الأوراق والكلمات عدوّاً هزيمتُه واجبةٌ  وقهرُه بطولة!!
يعرف معظمُ المعلمين أن المناهج في الكتب المدرسية في بلادنا تستنفد أغراضها مع امتحانات نهاية العام الدراسي؛ حين يُعيد الطلبةُ على صفحات الامتحان اجترار ما هو مسطورٌ على صفحات الكتب، ثم يقومون بعد بضعة أيام بـعمل DELETE  نهائياً من ذاكرتهم!!
ولا بد أنّ كلَّ معلمٍ ومعلمة قد مرَّت عليه تلك اللحظةُ التي يسأل فيها طلبته: ألم تدرسوا هذا الموضوع من قبل؟! ليجيب الطلبة ببلاهة: لا  ... لم ندرسه!!!
وهذا يكفي ليقول إن المناهج ليست بعينها ذات أثر عميق في نفوس طلبتنا وأبنائنا.
ففي المدارس:
الكتابُ ينساه الطلبة بعد حين، وما يبقى أثرُه حقاً هو المعلم!! خاصة إنْ كان قدوةً حسنة خلُقاً وعلماً..
المعلم  هو صاحب الأثرالأكبر في المنظومة التعليمية، فمن منا لا يسكن قلبه معلمٌ مرَّ عليه في حياته المدرسية كنسمةٍ صيفية منعشة، أو كعاصفةٍ ثلجية مهلكة!!
المعلمون ورثةُ الأنبياء!
فماذا نريد من المعلم ؟ وكيف نريد المعلم؟ في زمنٍ تداعت فيه أَكَلَةُ  أمتنا من كل داع!!
هنا متن تعديل المناهج المدرسية، وما بعده هوامش!

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

خواطر في تعديل المناهج 1

خواطر  في تعديل المناهج1
.... بعد متابعةِ عددٍ من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، التي ترصد التعديلات (الشكلية) التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في الأردن مؤخراً على بعض كتب المواد الدراسية، التي لا تخرج معظمُها عن حذفِ آياتٍ قرآنية أو طمس أحاديثَ نبوية، وحذف صور المحجبات والملتحين، واستبدال أسماء (محايدة) بالأسماء ذات الإيحاءات الإسلامية والمحمولات التراثية ... وما شابه.
ومن باب الفضول اطّلعتُ على كتاب اللغة العربية لتلميذ الصف الخامس الأساسي، وقد هالني أن أجد الكتابَ - للفصل الأول والثاني- يخلو من ذِكر الإسلام، على الرغم من الاتصال الوثيق بين اللغة العربية والإسلام!! الذي لا ينكره أحدٌ من علماء اللغة العربية أو من غيرهم كالمستشرقين، ولا تنكره أدلةُ الواقع ولا أخبار التاريخ!!
فزادني ذلك فضولاً للنظر في الوحدة الأولى التي يفتتح بها طالبُ الخامس الابتدائي دروسه العربية في هذاالكتاب، وهي وحدةٌ بعنوان (لغة الضاد)، وفيها درسٌ للقراءة بعنوان (أعتزُّ بلغتي) يمتد لـ(16سطراً)، ويتحدث عن مزايا اللغة العربية العربية وقيمتها والاعتزاز بها وضرورة المحافظة عليها. يليه تدريبات وأسئلة متنوعة في عدة صفحات.
لكن هذه الوحدة الخاصة عن اللغة العربية تخلو خلواً تاماً -في النص أو الأسئلة أو التدريبات أو التعبير- من أي ذكرٍ للقرآن الكريم أو للإسلام واتصال اللغة العربية بهما اتصالاً وثيقاً لا يخفى على أحد، وهما أمران لا بُدَّ من ذكرهما حين الحديث عن اللغة العربية، ولا يكفي فقط توجيه الاهتمام إلى العروبة والقومية واتصال اللغة العربية بهما.

فهل من المعقول أن تكون وحدةٌ دراسية في كتابٍ مدرسي- تتحدث عن اللغة العربية للطلبة في دولةٍ عربية معظم سكانها من المسلمين ... ثم تخلو من ذكرِ الإسلام، وهو ملازمٌ للعربية لا يفترقان؟!

فإن تنطَّع أصحابُ الرؤى العجيبة في ضرورة تجديد المناهج- بأنّ العربية لغة المسلمين ولغة غير المسلمين، نوجِّه عنايتهم مثلاً إلى أثر القرآن في نصاعة أساليب كثيرٍ من الأدباء العرب المسيحيين الذين كانت أعمالُهم رائدةً في النهضة الحديثة، وهم يذكرون ذلك ولا ينكرونه.
ولا تفوتني الإشارة إلى نقطةٍ تافهة في الدرس لا تمرُّ حتى على تلميذٍ في العاشرة؛ إذ يجعلُ النصُّ  تعلُّمَ  غيرِ العرب للغةِ العربية إنما هو (لأنها غنيةٌ بالمفردات والمعاني!!!).
 فأين المسلمون غير العرب الذين أقبلوا ويُقبلون على دراسة اللغة العربية لأجل دينهم الإسلامي؟!! وهل نسي مؤلفو الكتاب مئات الآلاف من المسلمين في شرق الأرض وغربها الذين لا تقوم صلواتُهم إلا بقراءة القرآن العربي باللغة العربية؟ وهو السبب الأول في تعلُّم غير العرب للغة العربية. يضاف إليه أسبابُ الفضول المعرفي والحاجة الوظيفية لتعلم اللغة العربية لدى كثير من الشعوب غير الإسلامية.
فهل يمكن أن نقول إن تعديلات الكتب المدرسية، والصياغة الفنية للنصوص، والاختيارات الأدبية، بريئةٌ مما ينسبه عامةُ الناس لهذه التعديلات من شكوك واتهامات؟!


السبت، 24 سبتمبر 2016

دفاعاً عن الكاتبات المتزوجات والعاملات

بقلم:عبد الرزاق بوكبة
لا أتصوّر أن كاتبة، هي زوجة وأم وعاملة في الوقت نفسِه، تستطيع أن تكتب رواية، بالريتم الذي نجده عند كاتب تضمن له البيئة الذكورية أن يصله الصحنُ والكأسُ والجوربُ والحذاءُ والولاعةُ والسيجارةُ واللباسُ الداخليُّ إلى سريره. 
لا أتصوّر أن كاتبة، هي زوجة وأم وعاملة في الوقت نفسِه، تستطيع أن تكتب رواية، بالريتم الذي نجده عند كاتب ذكر
وأتصوّر أن هذه الإكراهات، واحدة من الأسباب التي أنعشت القصة القصيرة، مؤخرًا عند الساردات العربيات، بالنظر إلى حجمها الصغير وقدرتها على التكثيف، والدليل على لجوء نخبة لا بأس بها منهن إلى هذا الجنس الأدبي الذي كان يعاني يتمًا في المشهد العربي، أن معظم القصص التي تضمنتها المجاميع القصصية الصادرة حديثًا، تبدو مشاريعَ رواياتٍ مجهضة، ما كنّ ليصدرنها بصفتها قصصًا، لو أنهن وجدن الأوقات والظروف المناسبة للكتابة.
وإن مقارنة بسيطة بين طبيعة القصة التي تكتبها ساردة عزباء وأخرى متزوجة، بل حتى بين قصتين لكاتبة واحدة، كتبت الأولى أثناء عزوبيتها وبطالتها أو انخراطها في عوالم الجامعة، فيما كتبت الثانية بعد زواجها وانخراطها في عالم الشغل، تجعلنا نرصد علاماتٍ على الضغوط التي كتبت فيها القصة الثانية، ليس على مستوى الهواجس، بل على مستوى الشكل والأدوات، مما يجعل الكتابة عند الساردة المتزوجة والأم والعاملة في البلاد العربية، نضالًا في حدّ ذاتها، قبل أن تكون نضالًا على مستوى الخطاب الفكري والجمالي.
وأرى أن فكرنا الذكوري المتعسف، جعلنا لا ننتبه إلى هذا التحول في حياتنا العربية، بالتالي لم نراعِ جملة الظروف المتعسفة التي تكتب فيها نساؤنا، ليس من زاوية مجاملتهن نقديًا، فالنقد الأدبي، عكس القانون، لا يعمل بمنطق الظروف المخففة، بل من زاوية النضال على مستوى حكوماتنا وهيئاتنا، لتكريس تقاليدَ في حياتنا الثقافية، مثل منحة التفرّغ ومضاعفة الإجازة، وتغيير طبيعة الوظيفة، بما ينسجم مع طبيعة الكتابة.



كل ذلك بالموازاة مع عملنا على تغيير نمط تفكيرنا الشرقي، نحن الرجال، كأن نضيف إلى قائمة مطالعاتنا، كتبَ الطبخ، وإعداد الرضيع والبيت والفراش، حتى نجيد القيام بهذه المهام، حين تكون زوجاتنا الكاتبات في حالة كتابة.
أعلم أنها دعوة تجلب لي من الأحذية أكثر ممّا تجلب من الإعجابات، لكنها منسجمة مع منطق العصر والإنسانية، إذا أردنا أن نكون معاصرين وإنسانيين فعلًا. أليس كذلك يا شهريار؟

الخميس، 22 سبتمبر 2016

أن تكون أباً

بقلم د.رضوى فرغلي
http://radwafarghaly.blogspot.ae/
أن تكون أبًـا .. يعني أن تشارك في تربية أولادك .. تدريسهم .. اللعب معهم .. والاستماع إليهم .. وإعداد الطعام لهم .. والتواصل مع أصحابهم .. وأن تهتم بمظهرك وسلوكك وأخلاقك من أجل صورة الأب لديهم .. أن تلاحظ تفاصيلهم وتهتم بها .. تسهر بهم في مرضهم .. تنتبه لهواياتهم وتنميها.

أن تكون أبًـا .. يعني أن تتورط فيهم عاطفيا واجتماعيا .. وليس ماديا فقط
أن تكون أبًـا .. يعني أن تتجاوز لحظة الشهوة التي تسببت في مجيئهم إلى العالم، لتصل إلى الشعور الدائم بالمسئولية والتفاعل الإيجابي معم.
أن تكون أبًـا .. يعني أن تبتسم كثيرا .. تتخلى عن نرجسيتك كثيرا .. تشكو قليلا .. تحب بعمق وتعبر عن هذا الحب بالقول والفعل ..
أن تفعل كل هذه الأشياء بدافع الواجب وإحساس الهواية
الأبوة شرف، تناله بقوة عطائك لأبنائك وليس بقوة حيوانك المنوي
أن تكون أبًـا .. يعني أن تكون رجلًا .. وإلا عليك أن تعيش وحيدا، أكثر شرفا لك من أن تنجب أبرياء وتتركهم في العراء النفسي والبرد العاطفي.
من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الآباء، تجاهل الكلام مع أطفالهم أو الاستماع لهم، بحجة أنهم مشغولين بالبيت والعمل ومطالب الحياة وعلى اعتبار إن كلامهم تافه أو مجرد “رغي عيال”.
مع إن هذا الـ “رغي” هو الذي يتضمن أحلامهم ومخاوفهم .. كلام ابنك حتى لو تافه، هو ما سيعرفك شخصيته وأفكاره وهواجسه .. تفاعلك الإيجابي مع “رغي” ابنتك هو ما سيبني ثقتها في نفسها ويوجهها بشكل غير مباشر إلى الصواب.
لا تهدروا فرصة التواصل اللفظي مع أولادكم على مدار اليوم والحديث عن أي شيء وكل شيء لأن انقطاع التواصل يؤدي بهم إلى البحث عن أشخاص آخرين يستمعون إليهم ويتفاعلون معهم، أو ينعزلون وحيدين مع الفراغ والأفكار السلبية.
لا تفرحوا بسكوت أبنائكم وهدوئهم الشديد، لأنه يعني تجنب التواصل معكم والاكتفاء بعالمهم الخاص، وهذا أول مؤشرات الخطر.

مدونة الدكتورة رضوى فرغلي
http://radwafarghaly.blogspot.ae/

الأحد، 15 مايو 2016

لا تراهن على وفاء أحد عدا الكلاب!!

https://www.facebook.com/Ahlam.Mostghanemi/posts/1053269521375273?pnref=story
أحلام مستغانمي .........حوار من " الأسود يليق بك "

_ لي أيضًا كلب أحبّه. تلقيّته من امرأة أحبّتني، أظنّها حارت ماذا تهدي لي، لاعتقادها أنّني أملك كلّ شيء، فأهدت لي كلبًا. قالت إنّها هديّة لن يجرؤ أحد في البيت على التخلّص منها. كانت مكيدة ناجحة، ما دام الكلب يعيش بيننا منذ أربع سنوات.
عاودها الشعور بالغيرة. سألته:
_ أأنت متعلّق بالكلب أم بصاحبته؟
أجاب بنبرة جادّة:
_ بالكلب طبعًا! كان هديّة وداع. صاحبته كانت أجنبيّة، تُعطي أهمّيّة للالتفاتة الأخيرة التي تُنهي علاقة. هذا أمر لن تجديه عند العربيّات. أنت لا تعرفين من تُحبّين حقًّا إلّا عند الانفصال.
_ وهل يعيش هذا الكلب معك في باريس؟
_ أخذْته قبل أربع سنوات إلى بيروت، وما زال هناك.
_ تبدو جدّ متعلّق به..
_ طبعًا.. «كلب صديق ولا صديق كلب».
_ لا تراهني على وفاء أحد عدا الكلاب. أُحبّ ذلك الوفاء الصامت، والإخلاص الذي لا مقابل له. أنتِ لا تتبادلين مع الكلب كلامًا، لذا لا كذب بينكما، لا نفاق، لا سوء فهم، لا وعود، لا خذلان. المرء بالنسبة إلى كلبه «سيّد» حتّى وإن كان متشرّدًا دون مأوى. يظلّ الكلب رفيق تشرّده في الشوارع. سيخلص له مدى حياته، سواء أكان سيّده جميلًا أم قبيحًا، شابًّا أم عجوزًا، ذا جاهٍ أم مفلسًا، هل تضمنين هذه الخصال في أقرب الناس إليك؟
لم تُجبه. ما كان السؤال موجّهًا إليها. هو حتمًا يعرف الجواب.

الخميس، 5 مايو 2016

(إطلالة على رسائل غسّان كنفاني إلى غادة السّمّان)

تجرّأتْ غادة السّمّان وصمتت الأديبات العربيّات

بقلم د.سناء الشعلان
لقد تجرّأت غادة السّمّان على البوح في حين صمتت جُلّ النّساء العربيّات لاسيما الأديبات منهنّ دون أن يلوّحن بكلمة أو اعتراف أو بوح،وهذا ليس عيباً في حقّ النّساء أوالأديبات؛فشؤونهنّ الخاصّة هي ملكهنّ،لا ملك أحد غيرهنّ،ولهنّ أن يصرّحن بتفاصيلها،أو أن يقرّرن دفنها في الظّل،ولكن ما فعلته غادة السّمّان كان –دون شكّ- شجاعة خالصة من أديبة كبيرة،وكان ضرباً بقوّة وإصرار لشقّ طريق جديد في جبل صمت المرأة العربيّة،كما هو منهج جديد في أدب البوح تقوده غادة السّمّان بكلّ إصرار وعزم وشجاعة،في حين تحجم غيرها من الأديبات العربيّات عنه،فقد قامتْ بخطوة جريئة في المشهد الأدبيّ العربيّ عندما أقدمتْ على نشر رسائل غسّان كنفاني إليها،وهي إحدى عشرة رسالة عشقيّة كتبها غسّان كنفاني لها بخطّ يده،وهي الباقية من كثير غيرها قد احترق في حريق منزلها في بيروت في مطلع عام 1976،وإنّما النّاجي منها قد نجا لأنّ غادة السّمّان قد احتفظتْ به صدفة في منزلها في لندن،وعلى الرّغم من الرّدود الكثير والمتباينة حول هذه الخطوة إلاّ أنّ غادة السّمّان ظلّت متمسّكة بصواب قرارها بنشر هذه الرّسائل مصمّمة على أنّ هذه الرّسائل هي جزء من مجمل إنتاج غسّان كنفاني،وبذلك لا يجوز قتلها أو دفنها في السّر،وبنشرها لهذه الرّسائل لا تسيء له،بل تخلص له إنسانيّاً وإبداعيّاً على الرّغم من عاصفة الانتقادات التي رافقت نشر هذه الرّسائل التي عدّها البعض خطوة تآمريّة تهدف إلى أن تشوّه صورة غسّان كنفاني المبدع والإنسان والمناضل الفلسطينيّ.
وخطوتها هذه لاقت من ناحية أخرى استحسان الكثير من القرّاء والنّقاد من منطلق أنّ هذه الرّسائل هي جزء من مجمل الإنتاج الإبداعيّ لغسّان كنفاني،وهي ملك لغادة السّمّان،ولها أن تفعل بها ما تشاء،في إزاء موقف الرّافضين لنشر هذه الرّسائل الذين يرون أنّ الرّسائل الشّخصيّة ليست جزءاً حقيقيّاً من الإنتاج الإبداعيّ لأيّ مبدع كان.
والحقيقة التي علينا أن نعترف بها جميعاً،سواء أعجبنا موقف نشر هذه الرّسائل أم لا،أن نشرها قد فتح باباً جديداً في موضوع أدب الرّسائل الشّخصيّة المعاصرة،كما أنّه شكّل ريادة في انتهاج اتّجاه نشر هذا النّوع من الأدب،إلى جانب أنّه قد قادنا إلى التّعرف عن قرب على غسّان كنفاني الرّجل بعيداً عن هالة الكفاح والقضية والاستشهاد التي تحرمنا من أن نسوح في دواخل هذا الرّجل العاشق،لاسيما أن لا أحد منصفاً يستطيع أن ينفي علاقة الإبداع والتّشكيل الجّماليّ بالحالة الوجدانيّة والخبرة العاطفيّة وطقوس القلب وأحوال العشق.فمن له أن يقرأ هذه الرّسالة ثم لا يشعر بأنّه قد غدا أقرب من غسّان كنفاني؟وأنّه بات يعرفه أكثر؟ هذه الرّسائل لم تقلّل من شأن غسّان كنفاني كما يزعم البعض،بل إنّ فتح الأبواب على دواخل الإنسان حيث الرّقة والمحبة والجمال لا يمكن أن تورّث إلاّ المحبة والإعجاب والتّقدير والتّعاطف،وبخلاف ذلك لنا أن نزعم جزافاً واعتباطاً أنّ عشّاق التّاريخ جميعهم محتقرون في عيون العوام،والحقيقة التي يدركها الجميع أنّ هؤلاء غدوا –بلا منازع- رموزاً إنسانيّة خالدة تحظى بالتّقدير والمحبّة،وتستدعي معاني الإعجاب والاحتذاء والتّعاطف،فإن كان حال هؤلاء جميعاً هو على ما ذكرنا من تقدير،فلماذا يزعم البعض ممّن نصّبوا أنفسهم قضاة على قلب غسّان كنفاني، وقرّروا في لحظة حمق أن يحجروا على أحاسيسه ومشاعره،أنّ نشر رسائل حبّه فيه تقليل من مكانته وانتقاص من اعتباره؟ لم الكيل بمكيالين؟! لا أستطيع أن أفهم ذلك إلاّ من منطلق الإساءة المقصودة إلى غادة السّمان،وتعمّد مهاجمتها والتّقليل من شأنها واتّهامها بأسوأ التّهم بأيّ ذريعة كانت.
وهذه الرّسائل على الرّغم من قلّة عددها،وعدم اطلاعنا على المزيد منها بسبب ظروف احتراق الكثير منها إلاّ أنّها قد عرّفتنا بغسّان كنفاني الرّجل والإنسان العاشق،وأجابت عن سؤال القلب والعشق وتجلّي ذلك في أدبه كما أجاب سائر أدبه عن أسئلة النّضال والفكر والمعاناة والحلم والدّرب عنده.وإن كان هذا الأدب قد أجاب على سؤال جدليّة النّضال والأدب،وبرهن على إمكانيّة تسخير الأدب لصالح النّضال،وانتصر لهذا البرهان بالاستشهاد على أيدي أعدائه الذين انهزموا أمام قلمه وأمام روحه الأبيّة،فإنّ رسائله إلى غادة السّمّان المنشورة في كتاب خاص هي من تجيب على أسئلة الرّجل والقلب والحبّ والمعاناة في حياة غسّان،وهي إجابات لا تنتقص من قيمته وبطولته وكفاحه وشرف استشهاده،بل تُعلي من قيمته الإنسانيّة والجماليّة التي انتصرت للحبّ حتى في أحلك الظّروف وأقساها وأبشعها.وهل هناك أعظم من قلب عاشق على الرّغم من القسوة والظّلم ومرارة النّضال؟!
البعض رأى أنّ نشر هذه الرّسائل هو انتقاص مقصود من هيبة غسّان كنفاني،وهذا اعتقاد شخصيّ لا فائدة من مناقشته لا سيما أنّه لا يملك البرهان والدّليل؛فلكلّ شخص حقّ في أن يتبنّى ما يريد من القناعات،ولكن المهمّ في هذا الأمر أنّ هذا النّشر هو دعوة جميلة وشخصيّة من غادة السّمّان لكي تبوح المرأة العربية لاسيما المبدعة بمكنونات إبداعها حتى ولو كان في ذلك بوح بتفاصيل شخصّية ما دام في ذلك مدٌّ للإبداع العربيّ بالمزيد من المنتجات الإبداعيّة الرّاقية الجميلة.
قد يقول قائل إنّ الدّفع في هذا الاتّجاه من النّشر والبوح هو دعوة جريئة،وقد تكون خطيرة لأجل نشر تفاصيل الحياة الشّخصيّة لكثير من المبدعين لأجل الشّهرة أو لفت النّظر أو تصدير أفكار خاصّة أو ترويج كتابات ذات اتّجاهات معيّنة،وهذا قول لا يستحقّ النّقاش؛لأنّ الخوض فيه يعدم إرثاً إبداعيّاً إنسانيّاً عملاقاً يشمل ما أنتجته البشريّة من إبداع وتنظير ونقد حول علاقة الحبّ بين الرّجل والمرأة بكلّ تعقيداتها وخصوصيتها وجماليتها وأهميّتها.ولو افترضنا جدلاً أنّ هذا الإعدام الجائر قد وقع فعلاً،لكنّا حُرمنا من أرث كبير من الأدب لاسيما الشّعريّ والقصصيّ منه على المستوى الكتابيّ أو على المستوى الشّفاهيّ،ولكنّا حُرمنا من أن نمتّع بكلّ ذاك الحبّ الذي يغمر البشريّة بأجمل التّجارب وأرقاها،وليس في ذلك انتقاص لكاتب أو مبدع أو راوٍ،ولو كان الأمر كذلك ما رأينا شاعراً يكتب قصيدة في حبيبته،ولا سمعنا راوياً ينقل لنا ملحمة حبّ،ولا خلّدت الأقلام والأفئدة والذّاكرات أسماء العاشقين وسير المحبّين الذي اجتمعوا على إدراك أنّ الحبّ ارتقاء بالبشريّة، لا هبوطاً بها.
الأقدمون عبر التّاريخ أقدموا على نشر تجاربهم ومشاعرهم في الحبّ دون خوف أو خجل أو قلق،فرأينا قصائد الحبّ وملاحمه وقصصه وسيره،وحفظنا أسماء أعلامه،وسمّينا أبناءنا وبناتنا على أسماء العشّاق والعاشقات،والغرب الذي نراه أنموذجاً محتذى دون تفكّر قد خطا خطوات حقيقيّة وكبيرة في أدب الاعتراف لاسيما من جانب النّساء،وفي بلادنا لا نزال ننصب المشانق لقلب إن خفق وليد إن كتبت،ونلمز بخبث أيّ كتابة نسائية تحاور قلباً أو جسداً،ونسجنها في سجن الاتّهام،متى سنكتب عن قلوبنا ومشاعرنا وتجاربنا دون خوف؟! كيف سنتقدّم ولا نزال نخشى أن نقول إنّ لنا قلوباً تخفق بحبّ ما؟ في حين نُعلّم أن نجاهر بالكره دون خجل أو استحياء!
إن طلبنا أن نعدم رسائل غسّان كنفاني إلى غادة لسبب أو آخر فعلينا من المنطلق نفسه أن نطالب بإعدام قلوبنا ومشاعرنا وتجاربنا وأحلامنا،بل علينا في الشّأن نفسه أن نطالب بإعدام إرث البشريّة كاملاً في الحبّ والعشق والجنس والجسد كي ننتصر لفكرة مزعومة بالدّفاع عن مبدع مناضل فلسطينيّ نريد أن ندفع عنه أجمل تهمة وأعظم فعل إنسانيّ،ألا وهو الحبّ الذي إن طرق قلب إنسان فقد ظرف ولطف ونظف كما قال فيلسوف ما.
من له أن يعدم قلباً قد عشق،أو أن يحرق أوراقاً تدلّ على أنّ رجلاً عاشقاً قد مرّ في هذه الحياة؟!من له أن يلعن غادة السّمّان وهي تهمس في آذاننا، وتحكي لقلوبنا اللاهثة خلف الحبّ:"نعم كان ثمّة رجل اسمه غسّان كنفاني،وكان له وجه طفل وجسد عجوز..حين اقرأ رسائله بعد عقدين من الزّمن أستعيده حيّاً،ويطلع من حروفه كما يطلع الجنّي من القمقم حارّاً ومرحاً صوته الرّيح"؟!
كم نحتاج إلى دروس في الحبّ تبدّد ما في قلوبنا من صقيع وكره وحقد،نحن في حاجة حقيقيّة إلى تعميم ثقافة الحبّ بكلّ أشكالها لعلنا ننجح في يوم ما في أن نهدم مجتمع الكراهيّة الذي نعيشه لنمارس إنسانيتنا ووجودنا ونحقّق مدنيتنا بعيداً عن الحقد والكره والكبت والإجحاف بحقّ قلوبنا وأرواحنا.
أنا شخصيّاً أسجّل شكري لغادة السّمّان التي سمحتْ لي وللقرّاء أجمعين بأن نشاركها في قلبها ومشاعرها وأسرارها وخصوصيتها انتصاراً للأدب والجمال والعشق،لقد سمحتْ لي أن أرتّل معها قولها:"نعم،كان ثمّة رجل اسمه غسّان كنفاني التصق بعيني زمناً كدمعة نقيّة،وانتصب فوق أفقي كقوس قزح"،بفضلها استطعتُ أن أعرف غسّان كنفاني الإنسان الذي كان يحاصره الحبّ ويهدّه،فيغدو به أقوى وأجمل وأعظم،كنتُ قد قرأتُ إنتاجه الإبداعيّ والنّقدي كاملاً في صغري،ثم أعدتُ قراءته في فترة دراستي في درجة الدّكتوراه،ولكنّني اكتشفتُه بحقّ عندما قرأتُ رسائله إلى غادة،لقد أصبح حينها بملامح واضحة وبقلب نابض وبأنفاس زكيّة،عندها أصبح –في نظري وإدراكي- بطلاً حقيقيّاً بقلب نابض يعرف العشق والحزن والألم،لا مجرّد بطل من ورق على ورق لأجل الورق،فالرّجل الحقيقيّ في نظري هو صاحب القلب الكبير العاشق الذي يتسع لحبّ امرأة ما كما يتّسع لأجلّ القضايا وأشرفها،وينشغل بها.
وقد أدركتْ غادة السّمّان هذه الحقيقة،ونشرتْ رسائل غسّان إليها،فخلّدته في سِفْر العشق كما خلّده قلمه وأدبه ودفاعه عن قضيته الفلسطينيّة واستشهاده في سبيلها في سِفْر البطولة والرّجولة والنّضال الموصول الذي لا يعرف فتوراً،ولذلك صمّمتْ على أنّ حبيبها غسّان كان بطلاً كامل الحضور لا مجرّد صورة نمطيّة تقليديّة هشّة،ولذلك قالتْ بكلّ صراحة ووضوح:"لم يكن فيه من الخارج ما يشبه صورة البطل التّقليديّة:قامة فارعة،صوت جهوريّ زجاجيّ،لا مبالاة بالنّساء(إلى آخر عدّة النّضال)لأنّه كان ببساطة بطلاً حقيقيّاً،والأبطال الحقيقيون يشبهون الرّجال العاديين رقّة وحزناً لا نجوم السّينما الهوليووديّة الملحميّة،غير العادي في غسّان كان تلك الرّوح المتحدّية،النّار الدّاخليّة المشتعلة المصرّة على مقاومة كلّ شيء ،وانتزاع الحياة من بين منقار رخّ القدر،نار من شجاعة كلّ شيء حتى الموت".
والسّؤال الذي يطرح نفسه في ظلّ هذه المبادرة الشّجاعة من غادة السّمّان هل هي إرهاصة محتملة للمزيد من الخطوات المماثلة من الأديبات العربيّات؟ لعلّ الإجابة عن هذا السّؤال هي في يد الأديبات المبدعات العربيّات اللواتي حتى هذه اللّحظة يلذن –في الغالب- إلى الصّمت في إزاء أدبهن الذي يشكّل بوحاً أكان رسائل شخصيّة أم روايات أو قصصاً أم غيرها من أجناس الفنون الإبداعيّة؛فالمبدعة العربيّة لا تزال في الغالب أجبن وأضعف من أن تبوح بحبّها صراحة دون أن تحيله إلى التّرميز في أشكال إبداعيّة تزعم زوراً وكذباً أنّها من مخيّلتها الإبداعيّة بعيداً عن تجربتها الشّخصيّة الحقيقيّة.
ولنا أن نفترض بشيء من التّمنّي الحارّ أنّ المبدعات العربيّات لو اتّجهن اتّجاه غادة السّمّان،وقرّرن البوح بمشاعرهن وتجاربهنّ،ونشرن إبداعهن في هذا الصّدد،فهنّ دون شك سوف يمددن الأدب العربيّ بل والإنسانيّ بأجمل الرّشفات الإنسانيّة وأكثرها صدقاً.بل قد تعمّم هذه الحالة الإبداعيّة الجميلة،ويتّجه نحوها الرّجل المبدع العربيّ ليسهم في مدّ هذه الرّشفات بالمزيد من الإبداع الإنسانيّ الخالد،فلنا أن نقترح أنفسنا رموزاً للعشق والحبّ بدل الاستجداء من مخزون عشقيّ انحصر في الذّاكرة العربيّة في حالات محدّودة قليلة،فغدونا أوتاداً مسنّدة على ذكرى بعض القلوب التي خفقت في زمن ما،وجادت قريحتها بإبداع يخلّد هذا الحبّ،وبقيت البشريّة العربيّة تعيش على فتات قلوب الآخرين الرّاحلين!
لا نعرف من هي المبدعة العربيّة التي سوف تكون الثّانية بعد غادة السّمّان في هذا الدّرب،ولكنّني متأكّد أنّها لن تكون الأخيرة فيه،وهي تنشر ما كتبت،ولا تؤاخذ غادة لأنّها لم تنشر رسائلها إلى غسّان،واكتفت بنشر رسائله إليها بحجّة إنّ هذه الرّسائل ظلّت في حوزة غسّان،ولم تستردها منه،إذ تقول في هذا الشّأن :"الشّهيد غسّان كنفاني قُتل والعلاقات الدّبلوماسيّة بيننا على أفضل حال،ولم يحدث ما يستدعي قطع العلاقات وسحب الرّسائل والسّفراء،بعبارة أخرى:رسائله عندي ورسائلي عنده كما هي الحال لدى متبادلي الرّسائل كلّهم"،وهي بطبيعة الحال لا تملك نسخاً منها :" ليست لدي مسودّات عن تلك الرّسائل العابرة،ولا "فوتوكوبي"-استعمال النّاسخات لم يكن شائعاً يومذاك،الأمل الوحيد في نشر رسائلي هو أن يتكرّم من بحوزتهم الرّسائل بالإفراج عنها"،بل إنّها قد وجّهت نداء مكتوباً على هامش نشر هذه الرّسائل لكلّ من يملكها أو يملك بعضها أن يسلّمها لها كي تنشرها،ولكن يبدو أنّ نداءها ذهب أدراج الرّيح،ومن له أن يملك جرأة البوح كما تملكها غادة السّمّان؟! أظنّهم قليلاً من البشر.
إنّني أؤمن بأنّ غادة السّمّان عندما أفرجت عن هذه الرّسائل ونشرتها كانت أديبة كاملة الالتزام للأدب،كما كانت كاملة الوفاء لإبداع غسّان،وفي ذلك تقول:"ولعليّ كنتُ حنثتُ بعهدي لغسّان على نشر تلك الرّسائل،لو لم أجد فيها وثيقة أدبيّة وسيرة ذاتيّة نادرة الصّدق لمبدع عربيّ،مع الوطن المستحيل والحبّ المستحيل،وثيقة ثريّة بأدب الاعتراف الذي تفتقر إليه مكتبتنا العربيّة،والرّسائل بهذا المعنى تسدّ نقصاً سبقتنا الأمم الأخرى إلى العطاء في مجاله،وتؤسّس لنوعٍ جميل من الأدب ما زلنا نتهيب أمام بحاره،ومن أجدر من القلب العربيّ الثّريّ للخوض في لجّته".
كما أنّها كانت في الوقت نفسه مخلصة لذاكرة عشق رأت أنّ من الظّلم أن يموت بموت من مارسوه،وتبّنت فكرة أنّه إرثٌ إنسانيّ،وانطلقت من هذا التّبنّي في رحلة نشره وتحمّل أوزار ذلك،لتتيح لنا جميعاً أن نصافح إنسانيّة غسّان،وأن نشاركه تجربة قلبه،وأن نراه على حقيقته دون أصباغ وأقنعة تشوّهه،وتحول دون رؤية قسماته البشريّة الجميلة الرّائقة.
الآن أستطيعُ أن أكتبَ في دفتر قلبي كلمات غادة التي قالتْ ذات صدق وبوح:" نعم،كان ثمّة رجل اسمه غسّان كنفاني،جسده المهترئ بالنّقرس لا يرسمه جيّداً،ولا يعبّر عنه،ولكنّ حروفه تفعل ذلك بإتقان،وحين أقرأ رسائله بعد عقدين من الزّمن أستعيده حيّاً".

أعترفُ بأنّ غادة السّمّان كانت الأكثر جرأة والأجمل والأصدق والأذكى من سائر الأديبات العربيّات عندما نشرتْ هذه الرّسائل،كما كانت الرّائدة في هذا الدّرب،وأزعم أنّ في هذا الدّرب الكثير من الإنتاج الإبداعيّ الذي على المرأة العربيّة المبدعة أن تكشفه للشّمس والنّور والبهاء،وحتى ذلك الوقت ستكون الأمنية حاضرة بأن يتحوّل صمت المرأة المبدعة إلى إنتاج يعرف طريقه نحو النّشر كما عرف دربه نحو الورق والتّدوين،وأن نبوح جميعاً كما باحت غادة السّمّان ذات قرار.

الأربعاء، 4 مايو 2016

الخيانة الإلكترونية



الذي يخون هنا ... يخون هناك
والذي يكذب هنا ... يكذب هناك

BEYOND الخيانة الإلكترونية
من إنتاج مؤسسة الإبداع الفني _ الرياض 
كتابة نصوص وتقديم : جولان رشاد الواوي 
مخرج منفذ : المثنى مهداوي 
إخراج : محمد النسور 
https://www.youtube.com/watch?v=OG_fAYb0XbY


السبت، 23 أبريل 2016

مستقبل اللغة العربية

اِنــسَ الفرنسية والصينية ....وتعلَّم العربية!!

في منتدى شومان وبإدارة الأستاذ الدكتور صلاح جرار، ألقى الأديبُ الصحافي الإماراتي جمال بن حويرب محاضرةً مفيدة في مستقبل اللغة العربية، طوَّف بنا فيها ما بين تشخيصٍ لواقع الحال لمكانة اللغة العربية في نفوس أبنائها، وما بين تطلعاتهم المستقبلية العلمية والعملية التي ليس فيها للعربية موطئ قدم! فالنشءُ في حيرة: إن هم تعلَّموا العربية فإن مستقبلهم الوظيفي أمرٌ فيه نظر! إلا إذا أتقنوا الإنجليزية إتقاناً لا لحن فيه ولا خطأ حتى لكأنهم أحفاد تشوسر أو شكسبير!!!
وانتهى المحاضِر من حديثه بعد تطوافٍ بديع بين العربية في عيون الغرب، وواقع العربية في بلادنا ومنها الإمارات العربية أنموذجا، إلى دور المؤسسات العامة والخاصة والقوانين والتشريعات في دعم اللغة العربية. وكانت خاتمة كلامه في استطلاعٍ لآراء الحاضرين، الذين رأى معظمهم أن المستقبل للغة العربية.
ثم عرَضَ لبعض الآراء التي تستشرفُ المستقبل ومنها هذا التقرير من المجلس البريطاني British Council حول تدريس العربية في المدارس البريطانية، والعنوان الجذاب للتقرير:
(اِنْـــــسَ الفرنسية والصينية. وتعلَّم العربية!!)
ويبدو أن مثل هذه التقارير لا تُعجب! فما كان من إحدى الحاضِرات التي علَّقت في ختام المحاضرة إلا أن تساءلت وبشدة: على أي أساس قام ذلك التقرير؟ وهل هو حقاً منشور في صحيفة الإندبندنت؟ وهل هو تقرير دقيق؟...وغيرها من تساؤلات تشكيكية تقلل من شأن اللغة العربية وتكفر بها!!
إن مشكلة اللغة العربية -إن جاز أن لها مشكلة- هي في أبنائها لا في ذاتها، وإنَّ الخطر ليس عليها وإنما من أبنائها. 
ما يدعوني إلى إخباركم بهذا كله أنني في صباح اليوم قد جاءني ابني الصغير محتجاً على مدرسته؛ لأن المعلمة قد وعدَتْهم بلعب كرة القدم يومياً من الأسبوع الماضي ولم تفِ للآن بوعدها!! فهي تتحجَّج كلَّ مرة بأن ملعب المدرسة مشغول بطلبة التعليم الأجنبي (الإنترناشونال)!! وهي ليست المرة الأولى التي أسمع فيها من ابني احتجاجاً على التمييز الحاصل بين طلبة التعليم الوطني وطلبة التعليم (الإنترناشونال) في مدرسته (وهي مدرسة ذات توجُّه إسلامي محافظ) أو من ابنتي (وهي في مدرسة أخرى ذات توجُّه مغاير).. لكنهما يشكوان من ذلك التمييز.
والشكوى موجودة عند كثير من الأهالي: فالتمييز حاصلٌ في الإدارة الصفية وفي المرافق التعليمية والترفيهية، وفي طرق التدريس وأساليبها، وفي الأنشطة المنهجية واللامنهجية....وفي غيرها من جوانب (التمييز العنصري) الحاصل بين طلبة التعليم الوطني (الذي يتم باللغة العربية) وطلبة التعليم الدولي الذي يتم باللغة الإنجليزية)، وانتهى ابني في شكواه إلى جوهر مأساتنا التي نتغابى عنها: (ماما...حتى في المدرسة الأجانب يحتلونا!!!!!)
فكيف لنا أن نفكر بمستقبلٍ مشرق للغة العربية وفينا من يُفاخر بتعليم أبنائه باللغات الأخرى؟ حتى استشرى الداء العُضال في دولةٍ محدودة الموارد كالأردن على الرغم من التكلفة المالية الباهظة على الأهل لهذا النوع من التعليم، التي أراها كمن ينفق نقوده على السجائر ولا يأتي منها إلا احتراق الذات أو السرطان!
وماذا نرجو لمستقبل اللغة العربية من جيلٍ (عربي) ناشئ يرى نفسَه اليومَ أعلى منزلةً من مواطنيه الذين يتعلمون التعليم الوطني؟! وكيف نؤمِّل أنّ هؤلاء سيخدمون أوطانَهم ولغتهم وحضارتهم إذا كان مجرد التواءِ ألسنتهم بِـــــــلُـــــــــكْنَـــــةٍ أجنبية وهم ما يزالون على مقاعد الابتدائية- يجعلهم يتعالَوْن على أقرانهم؟! فكيف سيكون حالُهم بعد عقدٍ من الزمان مثلاً حين يصير لهم شأن في مناصب إدارة المؤسسات والهيئات!!!؟؟؟
ربما أغلبنا يحبُّ اللغة العربية لكننا لا نترجم هذا الحب إلى عمل، والعمل يبدأ من أبسط الأشياء ولا ينتهي عند أعظم ما قد تتخيلون! 


الأربعاء، 13 أبريل 2016

تجاعيد

يومًا ما، ستنظرين إلى كلّ تلك الخطوط الدّقيقة، وتتذكّرين كلّ ليلة كنتِ تبيتين فيها باكية، أو تسهرين ليلة كاملة دون نوم، وستندَمين.

ستندَمين عن كلّ مرّة استسلمتِ للحزن، وبكيتِ، أو سمحتِ لابتسامتكِ أنْ تفارق قلبك، وستجدين فتاة ذابلة في المرآة، فتاة لا تُشبهكِ، حينَ تكونينَ قد نضجتِ كفاية لتعلمي بأنْ لا شيء يستحقّ، وبأنّك تستحقّين كلّ ما هو جميل في رحلتك.


تجارِبنا كفَتَيات تنمو على وُجُوهنا، وقلقُنا يسكن في أحداقنا، ولهذا أنا أحبّ كلّ مَن يَمتلكون هالات سوداء، أو خيوطًا دقيقة تُحيط بعيونهم؛ لأنّني أشعر بكلّ ما مرُّوا به، وأتخيّل سيناريوهات لياليهم ومواقفهم، والأهمّ مِن كلّ ذلك شعورهم.
ما يحصل يذهب، لكنّ وجوهنا تحفظه، وقلوبنا أيضًا.
هناك شيء في الخطوط التي تعتلي الخدود دائمًا، فهي تُذَكّرني بروعة أنْ نضحك، أنْ نستهلك حياتنا بالضحك على كلّ شيء، وأسمح لنفسي بأنْ أزعم بأنّ تلك الخطوط كانت نتيجة ضحكاتٍ متتالية، لا بسبب الحزن.
لأنّني أبحث دائمًا عن الحياة، في كلّ شيء.
وأرغبُ بها مِن كلّ قلبي.
وأحبّ الفتيات اللواتي يغسلْنَ كلّ ما مرّ عليهنّ في ليلة سابقة مِن حلم مزعج، أو حياة كاملة، ويبدأْنَ مِن جديد عند كلّ صباح.

الأحد، 27 مارس 2016

لماذا يجب أن تكون الجنةُ بعيدة؟!

 رحلات في الوطن وخارجه
في بلادنا طبيعةٌ خلّابة ذات جمال خاص، يخالف الجمال الموروث في الماء والخضرة والوجه الحسن، إنّ في كل قطعة على هذه الأرض جمالٌ لا تدركه إلا العيون التي ترى الجمال بقلوبها، ففي رمال الصحراء الممتدة تحت لهيب الشمس الحارقة جمال، وفي السهول الثلجية الجليدية التي تنتهي إلى ليلٍ يطول شهورا- جمال، وفي الغابات الخضراء والجبال الشمّاء والسهول والأنهار والوديان والقيعان...فيها قِطَــعٌ من جمال مختلف ألوانه!
الجمال نعمة الخالق الجميل لأهل الأرض، لكنّ الإنسان لربه كنودٌ جحود! لا يقدّر قيمة الجمال الذي بين يديه، وهذا ما يمُرُّ في خاطري كلما ذهبتُ في بلادي بعيداً عن ضجيج المدينة وزحام الحجر والبشر فيها. فلا أدري ما الذي أصابَنا؟! وما هذا القبح الذي ننغمس فيه دون أن ندرك خطورة الأمر؟! إن في كل ما حولنا مسحةَ جمالٍ تنطفئ يوماً بعد يوم، ولولا بقيةُ عنايةٍ إلهية ترحم مَن في الأرض، لانتهى الجمالُ إلى غير رجعة.
                                                                          منطقة أم قيس الأثرية /الأردن 2016
إن مسألة الجمال واللياقة والأناقة والنظافة ليست ترفاً حضارياً أو ثقافياً يختصّ بمجتمع دون آخر أو بأمة دون أخرى، إنها قيمة إنسانية لا تفنى ولا تموت!
في رحلةٍ قصيرة إلى منطقة أم قيس الأثرية شمال الأردن، أو إلى قلعة عجلون، وفي رحلاتٍ أخرى تشبهها إلى البتراء الأثرية جنوب الأردن، وإلى قلعة الكرك، وفي رحلاتٍ إلى مواقع أثرية أخرى على أرض الأردن يتكرر المشهد مرةً تلو مرة ولا يختلف! أعود إليه طفلةً كأني ما فارَقْتُه إلا الساعة! لماذا؟! ماذا كنا نفعل طيلة السنوات التي مضت والتي تقترب من مئة هي عمر الدولة الأردنية الحديثة؟ ماذا كنا نفعل حتى نكون عاجزين عن تسويةِ طريقٍ في موقع أثري يمكن أن تسير فوقه على قدميْك، دون أن تُلقي بحذائك في سلة المهملات حين تعود من رحلتك لزيارة أيّ مَعلَمٍ أثري ؟!
                                                                                                                           منطقة أم قيس /الأردن2016
ماذا كنا نفعل طوال قرنٍ حتى تكون البتراء وأنا صبيةٌ سنة 1987 هي ذاتها البتراء سنة 2016؟!  وربما هي ذاتها البتراء التي أماطَ عنها اللثامَ جون بيركهارت الرحالة السويسري مكتشف المدينة الوردية العجيبة سنة 1812؟! لماذا تكون البتراءُ بغبارها وأتربتها  وفوضى الحواس التي تقع على معالمها هي هي قبل مئة عام وبعد مئة أخرى؟! ماذا كنا نفعل كي تقطع (السيق) الممتد في الوادي على قدميْك، وحالما تنتهي منه إذا بك أشعث أغبر وكلُّ خيبات العمر تصبح ماثلةً أمام عينيك، حين تنفتح نهايته على خيبةٍ تُنسيكَ جمال المبنى الوردي المنحوت في الصخر!
ما الذي دهانا في الأردن وفي بلادنا العربية حتى تختفي ذائقتُنا الحضارية في التنزه وارتياد الحدائق والرياض التي أبدعْناها وامتلأت بأخبارها كتب الفِلاحة والتاريخ والأدب. وامتلأت بها حواضرُ بلادنا وقراها وأريافها، لماذا يستقبلك القبح في مرابع المتنزِّهين بأكوامِ النفايات المبعثرة؟! ولماذا تطلُّ الأعشاب الضارة النامية هنا وهناك من بين الحجارة والآثار،فتأكل ما بقي منها؟! ولماذا تفتقد المواقعُ الأثرية إلى حدٍّ مقبولٍ من الخدمات التي لا يستغني عنها مسافر؟! ما الذي تفعله وزارة الآثار إذا طلب طفلي استخدام الحمام بعد يوم طويل من الرحلة؟! وما الذي تفعله تلك الوزارة لو احتاج والدي مكاناً للوضوء أو الصلاة؟ هل تظن أن جبايةَ رسوم الدخول للمواقع الأثرية هي السياحة؟؟ هل تظن أن دخولَ المواطن للموقع الأثري خلسةً بلا رقيب- هل تظن أنه سياحة هو الآخر؟؟ إن عقلية (الجباية) و(الفهلوة) و(السَّلْبَطَة) والاستخفاف بالمواطن العربي سرقت الجمال من قلوبنا وشوَّهت كلَّ جميلٍ في عيوننا.
لا تذهب النفس من هذه الخواطر إلا وتحضر البلاد الأخرى لتحتل الصورة، التي نتجرع حسرتها، مرة بعد مرة، فإذا كنتَ رحالةً على سفرٍ ذات مرة، أو كنتَ رحّالةً بين الصور مرة أخرى فسافرتَ في الأرض دون أن تغادر الشاشة التي أمامك، وصرتَ تحفظ ملامح المدن كما تحفظ وجوه النساء، فإنك ستعرف أن الجمالَ بعيدٌ عنا وأن الجنةَ بعيدةٌ جدا!
لماذا عندما نجوب مدن العالم نجد للمعالم الأثرية مذاقاً آخر؟ لماذا تحنو قلوبُ غيرنا على الحجارة، ونحن نقسو حتى لتكون قلوبُنا كالحجارة بل أشد قسوة؟! كثيراً ما تساءلتُ مثلاً في زيارتي لمدينة عكا وحيفا -فكَّ الله أسرهما من أيدي يهود- أمام بديع الجمال الربّاني الذي يأسر قلوبَ العاشقين: كيف تستحيلُ هذه الهِبَـــةُ الإلهيةُ قِطَعاً من سحرٍ فتّان يأسر القلوب فلا تغادرها؟! وكثيراً ما تساءلتُ: ماذا لو كانت حيفا مثلاً ما تزال بأيدينا، هل كانت شوارعها ستكون في تلك الأناقة والنظافة والسحر الحلال؟!!

حدائق البهائيين المنسَّقَة الجميلة/ الكرمل- حيفا2013
على بوابة حدائق البهائيين التي تزهو بها حيفا على سفح جبل الكرمل، اقتربتُ بضع خطوات لإبراز تذكرة الدخول للموظفة، نظرَتْ في وجهي تتأمل في شفتيَّ المتحركتين، وقالت: العلكة!! ليس مسموحاً بها! كانت في كلماتها (صدمةً حضارية)، تلك الصدمة التي يحدثكَ عنها علماء الاجتماع تصيب الفرد حين ينتقل من مجتمعه الذي اعتاد إلى مجتمع آخر جديد!
(علكة) بحجم حبة الفستق يلوكها لساني تمنعني من دخول حدائق البهائيين في حيفا!! وعندما عدتُ أدراجي مساء ذلك اليوم كنتُ أستعيد كلماتِ الموظفة في سري وأقول: نعم إن مجرد قطعة علكة صغيرة تخلق الفرق! وبعضنا يسخر منك لو قلتَ له ممنوع التدخين!!
أما في قرطبة التي كانت بأيدينا زينةَ الدنيا وعاصمةَ الأرض، ففي ذات مرة كنا أمضينا والزملاءَ الصباحَ في زيارةٍ لدار البلدية ونحن بملابسنا الرسمية. وعندما انتهى اللقاء سِرنا في جولةٍ في المدينة القديمة في المواقع الأثرية التي يعرفها الناس في قرطبة. كنا نرتدي ملابسنا الرسمية وأحذيتنا غير الرياضية، قطَعْنا ساعاتٍ مشياً على الأقدام في الأزقّة الشابة التي جاوزت ألف عام من عمرها، فلم يأكل الغبارُ والأذى أحذيتَنا والثيابا!

السور الخارجي للمسجد الجامع بقرطبة والشارع الحجري النظيف اللامع/ الأندلس2014 

زقاق نظيف من أزقّة قرطبة زينة الدنيا/ الأندلس2014
وفي الليلة نفسها كنا نعاود رحلةَ المسير نفسها في ساعة متأخرة، وخريرُ مياهٍ متدفقٍ ينساب في الأذنين، وإذ برجالِ البلدية في ثيابهم الصفراء وصهاريج مياه متوسطة الحجم يجرُّونها خلفَهم يهرقون المياه على الأرض الحجرية الملساء فتغدو لامعةً براقة  من النظافة. لماذا تعلَّموا منّا كلَّ جميلٍ ونسيناه نحن؟؟!
فإن قال قائل إنّ شوارعَ قرطبة هي داخل المدينة القديمة نفسها، فلأذهب بكم إلى آثار المدينة الملكية المنكوبة (مدينة الزهراء) في ضواحي قرطبة التي لم تُبقِ منها حوادثُ الزمان إلا أطلالاً مهجورة، لكنَّ زيارتها في المكان الخالي البعيد عن قرطبة المدينة- لا يمنع أن تزورها وأنت بكامل أناقتك أيضا! فلن تحمل همَّ أذى الطريق ووعثاء السفر إليها؛ فالأرض ممهدةٌ، والدروبُ مبلَّطة، والطرقاتُ والدَرَجات والرَّوحات والجيئات، ميسَّرةٌ للماشي وللراكب.
أما في قصر الحمراء بمدينة غرناطة، فإنك تقطعُ دروباً طويلة صعوداً وهبوطاً تصعد إلى قصبة الحمراء تسير في أروقة القصروأجنحته وحدائقه وأنت بكامل أناقتكَ فلا تخرج منها إلا وقد ازددتَ جمالاً على جمال، يغمر روحَك عطرٌ أريجٌ يدوم ويبقى أثرُه في قلبك. فما بالُ الطريق إلى الحمراء عامرةً بوارف الظلال، تستقبلكَ المياه الجارية في غدران رفيعة على جوانب الطريق الصاعد إليها، وتحفُّ بك الأشجارُ الباسقةُ بحنانٍ يأسرك ضيفاً، وتنسى أنك عابر سبيل في تلك الأرض فتطيب لك الذكرى ويطيب لك المقام.
فما الذي قد نخسره ببذلِ قليلٍ من نظافةٍ وقليلٍ من أناقةٍ وقليل من ترتيب؟!
ما الذي قد نخسره لو استفَقْنا على مواقع بلادنا الأثرية وقد صارت طرقاتُها ممهَّدة موطَّأَة لكل زائر؟ وما الذي قد نخسره لو كان لأهل المسؤولية فينا -صغُرت أم كبرت-  بعضٌ من المسؤولية التي سيُسألون عنها يوماً؟! وما الذي يمكن أن يفوتنا لو كانت الأمانةُ عملاً لا قولاً يتقنه من هبَّ ودبّ؟!
ما الذي؟! وما الذي يمكن أن تكملوه أنتم في الأسطر الفارغة التالية
....
...
...
حتى  نقف على اليرموك مجدداً نكرر السؤال:


 "أجبني هل يفيقُ الشرقُ حقاً ... وينهض بعد أن أغفا وناما؟!!!"



الصور المرفقة بالمقال  بعدسة صاحبة المدوَّنة 

الأربعاء، 23 مارس 2016

مع الأستاذ القاضي ماجد غنما


..... أول مرة في حياتي أجلس إلى أستاذ من أولئك العمالقة الذين نقرأ لهم ونتمنى مجالستهم- كانت وأنا في مرحلة الماجستير، في إحدى محاضرات النقد الأدبي لأستاذي الدكتور إبراهيم السعافين؛ إذ كان ضيفُنا -في إحدى المحاضرات- العلَمَ العلّامةَ الأستاذ الدكتور إحسان عباس.
وما زلت إلى اليوم بعد مرور أكثر من عقد ونصف من الزمان على تلك الدقائق التي شرُفنا فيها بلقائه، ما زلتُ أذكر جيداً الحالة التي كنتُ عليها في حضرة هيبة العلماء بحق التي لا تدانيها هيبة، وما زلتُ أحكيها لأولادي ولطلبتي وأصفُها بأنها كانت التطبيق العملي للمثل الشعبي (بترمي الإبرة بتسمع رنّتها). ربما لم أعد أذكر كلَّ ما قال هو، لكنني أذكرُ جيداً ما شعرتُ به أنا.
لم أختبر مثل ذلك الشعور ثانية إلا العام 2011 في مؤتمر الرحلة بين فون همبولد وابن بطوطة/ جامعة ابن طفيل؛ إذ شرُفنا في واحدةٍ من جلسات المؤتمر المميزة بمشاركة الأستاذ المؤرخ المحقق عبد الهادي التازي صديق الرحالة ابن بطوطة، الذي أمتعَنا وشنَّف آذاننا بمداخلته وتحقيقاته حول مخطوطات جديدة طريفة لرحلة ابن بطوطة.
هذان الموقفان كانا حاضريْن مساء أمس في الندوة التكريمية التي أقيمت لواحدٍ من أعلام الأدب الأردني الأستاذ القاضي ماجد ذيب غنما، وقد كان لي شرف المشاركة في الكلمات المقدمة بهذه المناسبة حول كتابه يوميات أندلسية.

لا أستطيع أن أصف شعوري، هل هو شعور الاعتزاز بأديبٍ أردني من منزلة الأستاذ ماجد غنما؟ أم هو شعور الفخر بالنفس لأنني حظيتُ بشرف الوقوف إلى جانب قامةٍ كتلك، من القامات الباسقات السامقات من قامات أَعلامنا الأردنيين؟
 كان شعوراً رائعاً وأنا أقف إلى جانب واحدٍ من أركان الأدب الأردني المعاصر ،ألتمس فيه روحَ روكس العُزَيزي وعيسى الناعوري وناصر الدين الأسد وغيرهم من الروّاد، وأشتمُّ من عبقه رائحة الشباب المثابر وروح الجمال والعدل الذي لا يفني بفناء الجسد.

جمعَتْني الأندلس بالأستاذ ماجد غنما فكانت كلماتي في كتاب رحلته إلى إسبانيا التي سطّرها بعنوان يوميات أندلسية التي صدرت في 1978.

تجدون نص مداخلتي في هذه الندوة التكريمية على التدوينةالسابقة بعنوان :
يوميات أندلسية ل ماجد ذيب غنما